تامسنا وتامنصورت… تقرير: المدن الجديدة تعاني ضعف التخطيط والتمويل
نبه المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير إلى مختلف التحديات التي تواجهها مشاريع المدن الجديدة بالمغرب مثل تامنصورت وتامسنا والخيايطة والشرافات، ومن بينها غياب الإطار القانوني وضعف التمويل ونقص التنسيق بين الأطراف المعنية، وذلك إلى جانب محدودية الإنجازات التي حققتها حتى الآن، رغم الأهداف الكبيرة التي وضعت لها.
إطار قانوني غائب
في تقريره السنوي لسنة 2023-2024، سلط المجلس الأعلى للحسابات الضوء على غياب الإطار الاستراتيجي والقانوني الذي ينظم عملية إنشاء وتطوير المدن الجديدة، حيث أكد أن هذه المدن تم إحداثها دون دراسات اجتماعية واقتصادية معمقة، ما أثر بشكل كبير على تطورها.
وفي هذا السياق، ذكر التقرير إلى أن هذا النقص في التخطيط، خلق العديد من المشاكل، ومن بينها أنها أصبحت تُعامل مثل التجزئات العقارية، رغم أنها تختلف عن المشاريع العقارية التقليدية من حيث الحجم والتعقيد، كما أشار إلى أن غياب الإطار القانوني الخاص بهذه المدن أدى إلى معالجة المشاكل بشكل جزئي، دون تقديم حلول شاملة، حيث لم تكن الدوريات الوزارية كافية لتوجيه هذه المشاريع.
وبالنسبة للمشاريع السكنية في هذه المدن، أشار التقرير إلى أن وظيفة هذه المدن اقتصرت على توفير الإسكان فقط، مما يحد من قدرتها على الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للسكان، ففي حالة مدينة تامنصورت على سبيل المثال، ذكر التقرير أن المخطط الحضري كان يركز بشكل أساسي على الإسكان، متجاهلاً الاحتياجات الأخرى مثل السياحة أو التعليم الجامعي.
وفي هذا السياق، شدد المجلس على أهمية وضع إطار قانوني شامل يتناول كافة جوانب تطوير هذه المدن ويحدد دورها المستقبلي في إطار متكامل، ما من شأنه أن يعزز من استدامتها وتحقيق أهدافها التنموية.
أزمة التمويل
وعلى صعيد آخر، تطرق التقرير إلى التحديات المرتبطة بالتمويل لتنفيذ مشاريع المدن الجديدة، حيث أشار إلى غياب خطة تمويلية تتناسب مع حجم الاستثمارات المطلوبة، إذ أنه بدلاً من ذلك، اعتمدت الدولة بشكل كبير على الشراكة مع القطاع الخاص، مما تسبب في مشاكل تتعلق بتوزيع المسؤوليات وضمان تنفيذ المشاريع.
كما أشار التقرير إلى أن 52% من الاتفاقيات التي أبرمت مع المنعشين العقاريين تم فسخها حتى نهاية عام 2023، وهو ما تسبب في تأخر في تنفيذ المشاريع والتطور العمراني بشكل غير متوازن، وقد انعكس ذلك على العديد من المدن الجديدة التي شهدت تطورًا عمرانيًا متفاوتًا، ما أدى إلى خلق فجوات في البنية التحتية والخدمات العامة.
ومن جهة أخرى، لفت المجلس إلى أن الاستثمارات التي تم إنجازها حتى نهاية 2023 لم تتجاوز 58% من الاستثمارات المقررة، مشيرا إلى أن هذا التأخير في إتمام المشاريع وضعف التنسيق بين الأطراف المعنية كان له تأثير مباشر على تقدم هذه المدن.
إنجازات محدودة
ركز المجلس الأعلى للحسابات في تقريره على الإنجازات المحدودة في المدن الجديدة، مشيرًا إلى أن عدد السكان في هذه المدن لم يتجاوز 169 ألف نسمة بحلول نهاية عام 2023، أي 17% فقط من الهدف الذي كان يُفترض أن يصل إلى مليون نسمة.
كما أوضح أن نسبة الوحدات السكنية المنجزة كانت ضعيفة أيضًا، حيث بلغت 20% فقط من الهدف المتمثل في بناء 350 ألف وحدة سكنية، معتبرا أن هذه النسبة لا تعكس الطموحات التي كانت معلنة لهذه المشاريع.
أما على مستوى المرافق العمومية والخدمات الأساسية، فقد ذكر التقرير أن العديد من التجهيزات المقررة لم تكتمل، مشيرًا إلى أن نسبة الإنجاز لا تتعدى 26% من المشاريع المقررة.
كما أشار أيضًا إلى أن الجماعات القروية التي تحتضن هذه المدن لم تتمكن من مواكبة التغيرات المجالية، ما أدى إلى تحميل شركة العمران جزءاً كبيراً من تكاليف الخدمات الأساسية. وقد بلغ إجمالي هذه التكاليف حوالي 305 مليون درهم حتى نهاية 2023.