خبير: معدل النمو خلال السنة المقبلة رهين بـ”سخاء السماء”
بينما تتوقع الحكومة والمؤسسات الدولية تحقيق نسب نمو “طموحة” خلال السنة المقبلة، تعكس مؤشرات الموسم الفلاحي الجديد صورة أقل تفاؤلًا بسبب ضعف التساقطات المطرية بعد أكثر من شهر على انطلاقه. وهو ما يعيد تسليط الضوء على اعتماد الاقتصاد المغربي بشكل كبير على القطاع الفلاحي، حيث يرتبط النمو الاقتصادي بشكل مباشر بأداء هذا القطاع، مما يجعل أي تأخر في التساقطات المطرية عاملًا حاسمًا في رسم ملامح معدل النمو الوطني.
وتهدف الحكومة ضمن قانون ماليتها الجديد للسنة المقبلة إلى تحقيق نمو اقتصادي يقدر بـ4.6 في المائة، وذلك بناء على عدد من الفرضيات، من بينها الوصول إلى محصول الحبوب يقدر بـ70 مليون قنطار، وهو ما يعكس “تفاؤل” الحكومة بشأن إنتاجية القطاع الفلاحي بالمغرب خلال هذه السنة، خصوصًا مع التراجع الحاد الذي عرفه إنتاج هذه السنة والذي بلغ 31.2 مليون قنطار.
في ذات السياق، تتوقع وكالة “فيتش سولوشنز” المختصة في أبحاث السوق، أن يصل النمو الاقتصادي في المغرب سنة 2025 إلى 5%، مقارنة بـ2.6% في عام 2024، مرجعة هذا التسارع في النمو أساسًا إلى توقعها بالتعافي الذي سيعرفه القطاع الفلاحي خلال السنة المقبلة، مما “سيحسن الاستهلاك الداخلي ويرفع من صافي الصادرات”.
تعليقًا على الموضوع، أوضح الخبير الاقتصادي محمد جدري أن النمو الاقتصادي بالمغرب يظل رهينا أساسًا بـ”سخاء السماء”، مبرزًا أن الوصول إلى نسبة نمو 4.6% “يظل ممكنًا ما إذا تم تسجيل تساقطات مطرية جيدة، أما في حال غياب الأمطار فسيكون من الصعب تحقيق هذا الرقم، بل وحتى تحقيق نسبة 3.4% سيكون تحديًا كبيرًا، خصوصًا أن سنة 2024 من المتوقع أن تنتهي على وقع نسبة نمو تقدر بـ2.9% على أبعد تقدير”.
وتابع أن المغرب سيظل معتمدًا على وفرة الأمطار حتى سنة 2027، تاريخ اكتمال عدد من المشاريع التي ينهجها المغرب لتقليل الإجهاد المائي، كربط الأحواض المائية، وتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، إضافة إلى بناء السدود الصغيرة والمتوسطة، مضيفًا أن المغرب سيتمكن برسم الموسم الفلاحي لسنة 2028 من التحكم نسبيًا في وفرة الإنتاج الفلاحي وبالتالي بلوغ نسب نمو متقدمة.
وأردف الخبير أنه “إلى ذلك الحين، سيظل المغرب في مرحلة انتقالية يعتمد فيها على وفرة الأمطار، ولذلك، فإن سنة 2025 لن تختلف كثيرًا عن السنوات السابقة في حال غياب الأمطار، بحيث لا توجد مؤشرات على موسم فلاحي متوسط، بسبب معاناة البلاد من تأخر كبير في التساقطات المطرية”.
وكان تقرير وكالة “فيتش” قد أوضح أن انتعاش القطاع الفلاحي بعد عدة سنوات من الجفاف، سيساهم في الوصول إلى نسبة نمو تقدر بـ5%، بسبب فوائد هذا الانتعاش خصوصًا على مستوى خفض معدل البطالة، الذي يبلغ حاليًا حوالي 13.6%، حيث يوظف القطاع حوالي 27% من الساكنة، مضيفًا أن هذا الانتعاش سيساعد أيضًا على احتواء أسعار المواد الغذائية، مما “يُبقي معدل التضخم عند مستويات منخفضة”.
في المقابل، أوضحت الوكالة أن توقعها بارتفاع نسبة النمو يواجه خطرًا رئيسيًا يتعلق باحتمال تكرار سيناريو المواسم الفلاحية للسنوات الماضية بسبب استمرار الظروف الجوية السلبية، مسجلة أنه في حالة تحقق هذا الخطر، فإن معدلات البطالة ستحافظ على مستوياتها المرتفعة، مما سيقلص من الاستهلاك، ويُسبب ضغوطًا تضخمية، ويزيد من الحاجة إلى الرفع من الواردات.