مجلس المنافسة يربط ارتفاع أثمان الدواجن باحتكار سوق الأعلاف المركبة
كشف مجلس المنافسة عن عدد من المشاكل التنظيمية التي يتخبط فيها قطاع تربية الدواجن بالمغرب، والتي تسمح لعدد من الشركات الكبرى الفاعلة في المجال بالتحكم في حجم الإنتاج واتجاه أسعار لحوم الدواجن بالمغرب، مبرزًا أن هذا الوضع يكرس اختلال توازن القوى على حساب مصلحة فئة المربين، خاصة الصغار والمتوسطين، الذين لا يتوفرون على هامش كبير للمناورة والتفاوض.
وأوضح “دركي المنافسة” في رأي له حول “حول وضعية المنافسة سوق الأعلاف المركبة بالمغرب”، أن 8 شركات فقط تستفرد بنحو 75 في المائة من حصص سوق تصنيع الأعلاف المركبة في المغرب، فيما تبلغ حصة المجموعتين الرئيسيتين الفاعلتين في المجال حوالي 50 في المائة، وذلك رغم وجود 48 شركة فاعلة تمارس أنشطتها داخل هذه السوق.
وفسر التقرير هذه الوضعية بـ”إعادة هيكلة” السوق، حيث توقفت عدة شركات عن مزاولة أنشطتها على مر السنوات منذ إحداث شركات الأعلاف الأولى في الأربعينيات إلى حدود اليوم، مبرزًا أنه بالمقابل، أنجزت شركات أخرى عمليات تركيز اقتصادي من أجل الاستفادة من وفورات الحجم الكبيرة.
ونتيجة لهذا الوضع، يضيف التقرير، تتضاءل إمكانيات التنويع والابتكار في السوق بسبب هيمنة بعض الفاعلين الرئيسيين، مما ينعكس سلبًا على مربي الماشية باعتبارهم أبرز مستهلكي الأعلاف المركبة. مشيرًا أيضًا إلى أن تركز السوق في يد عدد محدود من الموردين يؤدي إلى تقليص الخيارات المتاحة وتطبيق أسعار أقل تنافسية.
وأبرز أن الاعتماد على هذه البنية، التي تشهد هيمنة مجموعة صغيرة على عمليات استيراد المواد الأولية وكذلك توزيع المنتجات النهائية، “يكرّس اختلال توازن القوى على حساب مصلحة مربي الماشية، الذين لا يملكون هامشًا كبيرًا للمناورة أو التفاوض للحصول على شروط مواتية أكثر”.
وأشار ذات المصدر أيضًا إلى أن الفاعلين في السوق يلجؤون إلى تغيير أسعار الأعلاف المركبة بشكل متزامن وبحجم مماثل، دون التقيد بجدولة زمنية محددة، مفسرًا هذا التزامن باعتماد هذه الشركات على استيراد مواد الأعلاف التي تعرف تقلبات عالمية، بالإضافة إلى قلة إمكانيات تنويع المنتجات النهائية.
وينضاف إلى كل هذه المشاكل، حسب نفس المصدر، “محدودية مراقبة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بالرغم من صرامة الإطار التشريعي والتنظيمي، حيث تظل العمليات التي ينجزها المكتب محدودة وغير متسقة، ولا تستهدف جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع في نطاقها الشمولي”، ما يفضي إلى استمرار الثغرات التي تحول دون ضمان جودة الأعلاف وسلامتها.
وتواصل عدة إشكاليات التأثير على القطاع، حسب ذات التقرير، حيث تشكل سوق الدواجن الحية عقبة أمام اندماج مختلف مكونات سلسلة القيمة، خصوصًا أن 90 في المائة من لحوم الدواجن الحية يتم تسويقها عبر المذابح التقليدية أو ما يعرف بـ”الرياشات”، والتي يقدر عددها بـ15 ألفًا، كما يعاني القطاع من تدخل الوسطاء ومزاولة النشاط من طرف وحدات غير مهيكلة وغير مرخص لها.
وتابع التقرير أن السوق غير المهيكلة، التي تُجرى فيها معاملات غير خاضعة للتنظيم أو المراقبة، تنعكس سلبًا على الأسعار وعلى شروط ممارسة منافسة نزيهة، مكرسة بالتالي الوضعية الهشة لمربي الماشية.
وفي السياق ذاته، يمارس الأشخاص المكلفون بالنقل تأثيرًا ملحوظًا على تكاليف التسويق ووسائله اللوجستية، حيث بإمكانهم استغلال الوضع الاستراتيجي الذي يتمتعون به لتسهيل الولوج إلى السوق أو فرض قيود إضافية، ما ينعكس مباشرة على إنتاجية الاستغلاليات الفلاحية وقابلية استمرارها.
وخلص ذات التقرير إلى أن الاعتماد الخارجي شبه الكامل للمواد الخام المستعملة في تصنيع الأعلاف المركبة الذي يتسبب في ارتفاع مفاجئ لتكلفة الإنتاج يتحمله مربو الماشية، حيث يجدون صعوبة مستمرة في تطبيقه على سعر بيع منتجاتهم، ما يفاقم من وضعيتهم الاقتصادية الهشة.