story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تعويضات هزيلة وتأخير في تنفيذ الأحكام.. محامون يطالبون بتعديل عاجل لقانون حوادث السير

ص ص

عاد النقاش حول تعديل ظهير 1984 المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير إلى الواجهة بعد أن أظهرت التجربة العملية أن هذا القانون، الذي مر عليه أكثر من أربعين عاماً، لم يعد قادراً على تلبية احتياجات الضحايا في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها المغرب.

وفي هذا الإطار، احتضنت ندوة نظمها قطاع المحاماة بحزب التقدم والاشتراكية، يوم أمس نفس النقاش، حيث دعا خلالها العديد من المحامين والخبراء القانونيين إلى ضرورة المراجعة العاجلة لهذا الظهير، مشيرين إلى أن النصوص القانونية الحالية لم تعد تواكب الواقع المعاش، خصوصاً في ظل تعويضات هزيلة تقدمها شركات التأمين والتي لا تتناسب مع حجم الضرر الذي يلحق بالضحايا.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لتعديل هذا القانون، أشار المتدخلون في الندوة إلى العديد من الثغرات التي تضمنها ظهير 1984، مثل التفاوت الكبير في التعويضات بين الضحايا بسبب تصنيف الحادثة، بالإضافة إلى أن التعويضات عن الوفاة لا توازي تعويض الأضرار البدنية، فضلاً عن تعقيد الإجراءات القضائية وتأخير تنفيذ الأحكام.

وفي هذا السياق، أكد المحامي بهيئة الدار البيضاء، محمد النويني على “عدم عدالة ظهير 1984″، حيث قال إن هذا القانون أصبح لم يعد يلبّي تطلعات الضحايا وأصبح ينصف الأقوى ممثلاً في شركات التأمين على حساب المواطن الضحية.

حيث أشار النويني في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن التعويضات المقدمة للضحايا “هزيلة” ولا تتناسب مع حجم الأضرار، كما أنها تجعل من الضحية الحلقة الأضعف في المعادلة القانونية، معتبراً أن التعديلات يجب أن تشمل تغييرات جوهرية تضمن حقوق الضحايا بشكل عادل وأن تتماشى التعويضات مع الوضع الاقتصادي الحالي.

كما أشار المحامي النويني إلى أن ظهير 1984 يتضمن سقفاً ثابتاً للتعويضات لا يمكن تجاوزه، مما يعنى أن التعويض لا يغطي جميع الأضرار المترتبة على الحادثة، ملفتا إلى أن هذا السقف لا يأخذ في الاعتبار الارتفاع الكبير في تكاليف العلاج والرعاية الطبية التي قد تكون متطلبة على مدار فترة طويلة، خاصة في الحالات التي تتطلب علاجاً دائماً أو إعادة تأهيل.

وفي نفس السياق، اعتبر النويني أن الحد الأدنى للأجر المعتمد في حساب التعويضات، والذي لا يتجاوز 1800 درهم، لا يتماشى مع الواقع الحالي، خاصة في ظل التغييرات التي شهدتها الأجور في المغرب، موضحا أنه بالرغم من الزيادة في الحد الأدنى للأجور في السنوات الأخيرة، إلا أن ظهير 1984 لا يواكب هذه الزيادة في تحديد التعويضات.

وبخصوص النفقات الطبية المستقبلية، شدد المحامي ذاته على أن القانون لا يأخذ في الاعتبار النفقات المستقبلية التي قد يتكبدها الضحايا على المدى الطويل بسبب الحوادث، منبها إلى أن هذا الإغفال يشكل نقصاً خطيراً في حماية حقوق الضحايا، خاصة أن الظهير الحالي يقتصر على التعويضات عن المصاريف الطبية الفورية فقط.

أما عن الإجراءات القضائية، فقد انتقد المحامي النويني بطء الإجراءات وتأخير إحالة محاضر الحوادث إلى النيابة العامة، مما يزيد من تأخير العدالة ويضاعف معاناة الضحايا، مشيرا إلى أن التأخيرات في دراسة القضايا وتكييفها من قبل النيابة العامة تؤدي إلى إطالة أمد القضاء على حقوق الضحايا، مما يفرض عبئاً إضافياً عليهم من خلال دفع تكاليف إضافية مثل الخبرات والرسوم القضائية.

وفي سياق متصل، كان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد عبر في أكثر من مناسبة، عن انتقاده الشديد لظهير 1984، مؤكداً على ضرورة مراجعته بشكل عاجل، حيث وصفه في إحدى الجلسات بالبرلمان، بأنه “القانون الذي لم يعد قادراً على تلبية احتياجات المواطنين بسبب التعويضات التي ينص عليها، والتي لا توازي تطور الأوضاع الاجتماعية للمواطنين”.

كما انتقد وهبي تعامل صندوق ضمان حوادث السير مع الحالات المرفوعة ضد شركات التأمين، حيث أشار إلى أن “الصندوق لم يقم بدوره كما يجب في دفع التعويضات”، واتهم المدير السابق للصندوق “بعدم تنفيذ الأحكام لصالح الضحايا”، مبرزاً أنه منذ ثلاث سنوات، لم يتم دفع سوى عدد قليل من التعويضات، “ما يعكس فشل المنظومة القانونية في حماية حقوق المواطنين”.

وفي غضون ذلك، أعلنت الحكومة خلال شهر نوفمبر المنصرم، عن شروعها في مراجعة القانون المذكور، حيث عقد وزير العدل لقاءً مع عدة مؤسسات مختصة لمناقشة القضايا المتعلقة بحوادث السير والتأمين.

وأكد وهبي أنه لا بد من إجراء تعديلات قانونية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الزيادة الكبيرة في تكاليف العلاج وتحسين تعامل شركات التأمين مع الضحايا، مشيراً إلى أنه “يولي هذا الملف أهمية كبيرة” في إطار إصلاح المنظومة القانونية للمواطنين.