تزامنًا مع مرور عامين على “شات جي بي تي”.. نداء للحفاظ على الثقافة والفكر في عصر الرقمنة
نادى عدد من المثقفين المغاربة بضرورة الحفاظ على الأبعاد الإنسانية في مواجهة التحديات الرقمية المتزايدة، مع جعل القيم الثقافية والفكرية في صميم التقدم، وذلك بالتزامن مع مرور سنتين على ظهور روبوت المحادثة شات جي بي تي الذي أحدث ثورة غير مسبوقة في عالم التكنولوجيا.
وأوضح المثقفون ضمن نداء مفتوح بعنوان “لا ذكاء إلا بالإنسان ولأجل الإنسان”، أن الابتكارات التكنولوجية ورغم توفيرها لتسهيلات كبيرة، إلا أنها قد تجعل الإنسان يبتعد عن المهارات التي تطورت لديه عبر آلاف السنين، محذرين من أن التطور التكنولوجي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الجانب الإنساني في الإنسان.
وطرح النداء تساؤلًا حول ما إذا كان الإنسان سيتوقف عن تطوير ذاته في عصر الرقمنة، وذلك بالنظر إلى أن الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تراجع بعض جوانب فاعليته الإنسانية، مما يضعف من قدراته على التكيف والتفاعل مع العالم بشكل إنساني أصيل.
وفي هذا السياق، أكد النداء على أهمية أن تظل الثقافة والفنون أحد الركائز الأساسية التي تحافظ على الأبعاد الإنسانية في الإنسان، مبرزا أن الاستثمار في مجالات الثقافة مثل القراءة والفن والموسيقى هو استثمار في الإنسان نفسه، وهو ضرورة لضمان تماسك المجتمعات في مواجهة التحديات الرقمية المتسارعة.
وأبرز المصدر ذاته، أن هذه التقنيات التكنولوجية الموجودة حاليا، ورغم كل المزايا التي تقدمها، إلا أنها قد تؤدي إلى انغلاق الأفراد في دوائر اهتمامات ضيقة، خاصة من خلال الخوارزميات التي تحدد لهم كل ما يودون رؤيته أو سماعه، ما يؤدي إلى نشوء فقاعة معرفية ضيقة.
وبحسب النداء، تستدعي التحولات الرقمية المتسارعة ضرورة إجراء إصلاحات في مختلف المجالات، أهمها إصلاح النظام التعليمي واللغوي لدمج مهارات الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يضمن تزويد الطلاب بقدرات التفكير النقدي والتكيف مع التغيرات التكنولوجية.
وفيما يتعلق بالإعلام والثقافة العامة، دعا النداء إلى تركيز وسائل الإعلام على القضايا الفكرية والثقافية بدلاً من الانشغال بالمحتوى الترفيهي السطحي، مبرزا أن الإعلام اليوم يجب أن يسهم في نشر الوعي الثقافي والفكري المناسب لمتطلبات العصر الرقمي، مع التركيز على تعزيز القيم الثقافية والإنسانية.
ويشار إلى أن النداء وقعه عدد من الشخصيات المعروفة في المجال الثقافي والفني والأكاديمي بالمغرب، ومن ضمنها الكاتب سعيد ناشيد، وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي محمد أمين الصبيحي والشاعر صلاح الوديع، والشاعر والمترجم العربي غجو، والرئيس السابق لمجلس المستشارين حكيم بنشماس، والروائية وفاء مليح، بالإضافة إلى الناشط الحقوقي نور الدين سعودي، والأستاذ الفخري بجامعة محمد الخامس سعيد بنسعيد العلوي، والفنان التشكيلي أحمد جاريد، ورئيس مؤسسة ملاخ للفنون البصرية عبد الحي الملاخ.
كما انضاف إليهم كل من الكاتب والمفكر حسن أوزال، والكاتب والإعلامي عزيز كوكاس، والشاعرة حفصة البكري الأمراني، والكاتب والمخرج بوسلهام الضعيف، والصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، وغيرهم من الشخصيات الأخرى.