تقرير: أرقام “مالية 2025” تكشف عن “غياب مشروع الدولة الاجتماعية”
اعتبر تقرير حديث أُنجز بشراكة بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والفضاء الجمعوي وترانسبرانسي المغرب أن الأرقام الواردة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة تكشف عن غياب مشروع الدولة الاجتماعية، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن النظام الضريبي الحالي ليس عادلاً ولا يتسم بالفعالية، خاصة أن الشركات الكبرى تظل المستفيد الأكبر من بعض المراجعات الضريبية.
وسجل التقرير “ضخامة” الضرائب غير المباشرة، والتي تُفرض على الإنفاق أو الاستهلاك، معتبراً إياها عشوائية وغير عادلة لأنها لا تأخذ في الاعتبار قدرات المساهمة الحقيقية للمواطنين. وأشار إلى أنه فيما يتعلق بعائدات ضريبة الدخل، فإن ما لا يقل عن 57% يأتي من ضريبة الدخل على الرواتب والدخل المماثل، مشددًا على أن النظام الضريبي الحالي ليس عادلاً ولا يتسم بالفعالية.
بخصوص الإجراء الذي شمل مراجعة مقياس الضريبة على الدخل، وهو المقياس الذي لم يتم تنقيحه منذ عام 2010، اعتبرت الجمعيات الثلاث أن المراجعة “رمزية للغاية”، موضحة أن تأثير هذه المراجعة، من حيث زيادة دخل الرواتب، “هو تأثير رمزي أيضًا ولا يسمح حتى بتحيين مستوى الرواتب إلى المستوى الاقتصادي الحقيقي قبل التضخم”.
أكد التقرير أن الإجراءات التي شملت إصلاح الضريبة على الشركات سنة 2023، والتي شكلت بداية تفعيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، همّت بالأساس استفادة رأس المال الكبير من المراجعة الضريبية، خاصة مقاولات الاحتكار الفعلي في توزيع المحروقات، وعلى رأسها شركة “أفريقيا” المهيمنة في السوق والمملوكة لرئيس الحكومة.
في هذا الإطار، أوضح التقرير أنه تم، بموجب قانون المالية لسنة 2023، العمل على التخفيض التدريجي للضريبة على الشركات الكبرى من 20% إلى 10% في أفق 2026، أي بتخفيض قدره 10 نقاط. وفي المقابل، تم رفع نسبة ضريبة المقاولات الصغرى والمتوسطة إلى 20% عوض 10% سابقًا، أي بزيادة الضعف.
فيما يتعلق بشفافية الميزانية، أشار التقرير إلى غياب تقييم مدى جدوى تقديم الإعفاءات الضريبية، والتي من المتوقع أن يصل المبلغ الإجمالي لها إلى 32 مليار درهم في عام 2024، مبرزًا أنه، نتيجة لذلك، تظل الإعفاءات الضريبية يُنظر إليها في المقام الأول على أنها “مزايا أو امتيازات”، دون تعويض في مجال الاستثمار، وخلق الثروة، وفرص التشغيل.
وأمام هذا الوضع، أشار التقرير إلى مشكلة التهرب الضريبي التي يزيد من حدتها ضعف عملية التدقيق الضريبي، حيث لا يتعدى إجمالي المدققين 500 مدقق مسؤولين عن مراقبة أزيد من 600 ألف شركة على المستوى الوطني. كما لفت التقرير إلى ضعف النظام الضريبي الحالي الذي لا يحمي مراقبي التحقيق من الأعمال الانتقامية المحتملة أو الممارسات التعسفية.