story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الدوريات الأوربية |

لماذا لا يلعب غير الباسكيين في أتليتيك بلباو؟

ص ص
لطالما كانت المبادئ والتقاليد التي تتمتع بها الأندية هي مثال وفخر لكل نادٍ، القوانين التي تضعها الأندية والبُنود بمثابة ميثاق نجاح -بالطبع إذا لم تُخرق تلك البُنود-، ونادي أتلتيك بيلباو هو واحد من الأندية القليلة في العالم التي لا زالت مُحافظه على قوانينها ومبادئها مُنذ التأسيس.
فرغم الكثير من التحولات السياسية التي طرأت على إسبانيا وعلى إقليم الباسك طوال أزيد من قرن من الزمان، ورغم تعاقب العديد من المسؤولين على أتليتيك بلباو، بأفكار وأهداف ومواقف مختلفة، فإن النادي الباسكي استطاع الحفاظ على هويته إلى يومنا هذا، بعدم التعاقد مع لاعبين غير باسكيين، وتعدى ذلك إلى البقاء مع أندية الصفوة الإسبانية كل هذه العقود، فاز فيها بالعديد من الألقاب المحلية وشكل منافسا شرسا دائما للعملاقين ريال مدريد وبرشلونة.
يد البريطانيين في التأسيس
ظهرت كرة القدم في مدينة بلباو الإسبانية قادمة من بريطانيا، وذلك من خلال التجار والعاملين في السفن الإنجليزية، وأيضا من خلال الطلاب الباسـكيين العائدين من دراستهم في بريطانيا. حيث أنه في أواخر الـ 1890 تواجد ميناء في قلب المنطقة الصناعيّة في بلباو، وشكل قوة دافعة للاقتصاد الإسـباني، وضم عمالا من شمال شرق إنجلترا، وبالضبط من مناطق ساندرلاند وساوثامبتون وبورتسموث.. العمال البريطانيون جلبوا معهم لعبة كرة القدم ليمارسوها في أوقات الفراغ.
وفي أوائل الـ 1890 شكل هؤلاء العمال فريق بلباو لكرة القدم، في الوقت الذي كان فيه الطلبة الباسكيون في بريطانيا يتعلمون كرة القدم بموازاة مع دراستهم للهندسة المدنية والتجارة ، وعند عودتهم إلى الباسـك أصبحوا يرتبون لمباريات مع العمال البريطانيين.
وفي عام 1898 انضم الطلاب لتشكيل فريق تحت اسم «النادي الرياضي» أي «أتلتيك». وفي عام 1901 عُقد اجتماع في مقهى غارسـيا الذي وضع المزيد من القواعد واللوائح الرسمية، لفريق عُرف باسم فريق بزكايا.
وفي أول بطولة كأس ملك إسباني عادوا ومعهم الكأس بعد أن هزموا برشلونة في المبارة النهائية. وهذا الذي أدى إلى تغيير اسم الفريق إلى نادي أتلتيك بلباو في عام 1903.
فرانكو يغير إسم النادي
في عام 1941، قام النادي بتغيير اسمه إلى أتلتيكو بلباو بعد قرار أصدره الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو بحظر إسـتخدام أي لغة محلّيّة غير لغة كاسـتيّا (الإسبانيّة الرسميّة) وحاول الجنرال كسر الكثير من الخصوصية القومية للنادي لكن دون جدوى.
وفي نفس العام ظهر النجم ثارّا الأسـطوري. في الثلاثة عشر موسم التي لعبها سجل 294 هدفاً للأتلتيكو في كل المنافسات بالإضافة إلى 20 هدفاً سجلها للمنتخب الأسباني. وما زال إلى اليوم مسجلا كرقم قياسي في السجلات الإسبانية.
وفي عام 1943 حقق النادي الثنائية من خلال لقب الليغا بالإضافة إلى كأس الجنرال في ذلك الوقت، كما حافظ على لقب الكأس في الموسمين التاليين 1944، 1945.
وفي بدايات الخمسينات وتحديداً 1950، كان للنادي خط هجوم أسـطوري، ساعده في تحقيق كأس الجنرال موسم 1950. ومع وصول المدرب فيرديناند دوكيتش قاد الفريق إلى تحقيق الثنائية الكبيرة مرة أخرى، عن طريق تحقيق الليغا مع كأس الجنرال في موسم 1956 وكأس الجنرال مرتين في عامي 1955 و1958.
وفي عام 1956 ظهر النادي لأول مرة في كأس أوروبا، لكن سياسته وتقاليده في عدم ضم اللاعبين من خارج إقليم الباسك منعته من الذهاب بعيدا في المنافسات في الوقت الذي كانت فيه أندية ريال مدريد وبرشلونة يلتفون حول قوانين اللاعبين الأجانب عن طريق إضافة لاعبين أجانب بعد إعطائهم الجنسيّة كلاعبين محللين مثل: ألفريدو دي ستيفانو، فيرينك بوشكاش، خوسيه سانتاماريا، لاديسلاو كوبالا. الأتلتيك كان يبدي احتراماً واضحاً وتقيدا قويا لسياسة “الكانتيريا”.
لاعبون باسكيون فقط
في بداية القرن الماضي، عقدت جميع أندية الباسك اتفاقية تقضي بعدم التعاقد مع لاعبين من خارج إقليم الباسك -والذي يقع الجزء الأكبر منه شمال إسبانيا، بجانب جزء صغير في جنوب فرنسا- واستمرت الأندية الباسكية على نفس الميثاق حتى خرق نادي ريال سوسيداد الإتفاقية عندما قرر التعاقد مع اللاعب الأيرلندي جون ألدريج قادمًا من ليفربول الإنجليزي في عام 1989، وتبعه بالتعاقد مع لاعبين أجانب وإسبان من خارج الإقليم لتقوية الفريق والمنافسة على الألقاب في ظل سيطرة باقي الفرق خارج الباسك وخاصةً برشلونة وريال مدريد، ثم سارت باقي الفرق الباسكية على نهج ريال سوسيداد وخرقوا الإتفاقية باستثناء أتلتيك بيلباو الذي ما زال مُحافظًا على تلك السياسة حتى اليوم.
ويعقد أتلتيك بيلباو اتفاقية مع أكثر من 80 نادي باسكي في الدرجات الأدنى لإستقدام لاعبين لتدعيم الفريق الأول.
وقد شهدت تلك السياسة بعض التغييرات والتنازلات في الفترة الأخيرة، فأصبح النادي يقبل اللاعبين غير الباسكيين ولكن بشرط أن يكونوا من أكاديمية النادي أو أخذوا تكوينهم داخل نادي من أندية الباسك لأكثر من 5 سنوات، وأيضًا قبول أي لاعب وُلد في إقليم الباسك حتى ولو كان من أسرة مُهاجرة، ويُعد مهاجم الفريق الحالي إينياكي ويليامز أبرز الأسماء، وهو الذي وُلد داخل الإقليم من أب غاني وأم ليبيرية.
لا تفاوض لبيع اللاعبين
يُعد أتلتيك بيلباو هو النادي الوحيد في إسبانيا الذي يرفض التفاوض مع الأندية الأخرى التي ترغب في التعاقد مع لاعبي الفريق، فلا توجد طريقة للتعاقد مع لاعبي بيلباو سوى بدفع قيمة الشرط الجزائي وكسر عقد اللاعب، ولعل أبرز الأسماء التي رحلت عن الفريق في الأعوام الأخيرة كانت بداية من لاعب الوسط الإسباني خافي مارتينيز والذي اضطر نادي بايرن ميونخ لدفع ما يقرب من 40 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب في عام 2012، وأصبح وقتها أغلى لاعب من خارج الدوري الألماني.
وفي عام 2014، قرر مانشستر يونايتد التعاقد مع أندير هيريرا لاعب وسط بيلباو إلا أن الفريق الباسكي رفض التفاوض كـ عادته وفشلت الصفقة بسبب قيمة الشرط الجزائي، وتعاقد المدير الفني لمانشستر يونايتد وقتها دافيد مويس مع لاعب إيفرتون مروان فيلايني، وبعد قدوم لويس فان خال لتدريب الشياطين الحمر قرر استقدام أندير هيريرا، وساهم اللاعب وقتها في دفع الشرط الجزائي ليرحل للدوري الإنجليزي.
وفي عام 2018 دفع مانشستر سيتي 67.5 مليون يورو لجلب المدافع الفرنسي إيمريك لابورت لكتيبة بيب جوارديولا ليُصبح ثاني أغلى مدافع في العالم وقتها.
وتعاقد تشيلسي الإنجليزي مع حارس المرمى كيبا أريزابالاجا في صفقة قياسية بلغت 72 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي، والذي كان سيُكلف ريال مدريد 18 مليون يورو فقط قبلها بـ6 أشهر، وبعد فشل الصفقة، جدد اللاعب عقده مع النادي الذي رفع قيمة الشرط الجزائي نحو 54 مليون يورو ربحها النادي الباسكي من بيع اللاعب للفريق اللندني.
وفي ظل تحول كرة القدم لصناعة المُتحكم الأكبر فيها الذي هو المال، يبقى السبب الذي يدفع أتلتيك بيلباو لرفض التفاوض مع الأندية لبيع لاعبيه، هي سياسة النادي بعدم التعاقد مع لاعبين غير باسكيين. فبالرغم من قدرة الفريق على بيع نجوم فريقه لكبار أوروبا إلا أن النادي لن يتمكن في المقابل من جلب أسماء كبرى لتعويض الراحلين.. ولذلك يتجه النادي بدلًا من ذلك إلى رفع الراتب الذي يتقاضاه نجوم الفريق، ولعل أبرز تلك الأسماء هو إيكر مونيايين والذي كان يُلقب في بدايته بـ “ميسي الإسباني” وكذلك المهاجم الحالي إينياكي ويليامز.
اتهامات بالعنصرية
سياسة أتلتيك بلباو لطالما وضعته أمام اتهامات بالعنصرية وخرق ميثاق الإتحاد الأوروبي الذي ينص على عدم التمييز العرقي أو الجنسي في التوظيف، لكن النادي لم يتعرض أبدا لدعوى قضائية أو محاسبة قانونية لأنه لا يضع أي بند يستوجب انحدار اللاعبين من أصول باسكية من أجل التعاقد معهم في نص تنظيمي قانوني صريح، بل يعتبر نادي أتلتيك بلباو في نصوصه التنظيمية نادي مثل أي نادٍ آخر في اسبانيا مما يمكنه التعاقد مع أي لاعب أجنبي في أي وقت شاء لكنه لازال يحافظ على تقاليده بدون أي قيود تنظيمية مما يوحي بإمكانية التخلص من هذه التقاليد في المستقبل و ربما بشكل تدريجي .