النويني: الاعتقال الاحتياطي سبب رئيسي لاكتظاظ السجون والعقوبات البديلة لا تكفي لحل الأزمة
“بهدف التخفيف من أزمة الاكتظاظ في السجون المغربية”، اتجهت الحكومة المغربية إلى سن قانون العقوبات البديلة، والذي يقضي باستبدال العقوبات السالبة للحرية بأربعة أنواع من البدائل، وهي “العمل لأجل المنفعة العامة”، و”الغرامات اليومية”، و”المراقبة الإلكترونية”، و”تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية”.
غير أنه بالمقابل، هناك من يرى أن هذا القانون لا يشكل الحل الأمثل لمعالجة الأزمة، بحيث أنه “لا يعالج الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى الاكتظاظ”.
وفي هذا السياق، قال المحامي بهيئة الدارالبيضاء محمد النويني، في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، إن تخفيف الاكتظاظ داخل السجون المغربية يتطلب إلى جانب العقوبات البديلة، تبني سياسات أخرى أكثر نجاعة مثل تحسين آليات المحاكمة وتقليل الاعتماد على الاعتقال الاحتياطي.
وأبرز النويني أن الاعتقال الاحتياطي يشكل نسبة كبيرة من إجمالي عدد السجناء في المملكة، “بحيث يتجاوز المعتقلون احتياطيًا 40% من إجمالي الساكنة السجنية التي تقدر بأزيد من 100 ألف سجين”، ما يعكس بحسبه خللاً في النظام القضائي، الذي يؤدي إلى اكتظاظ غير مبرر داخل المؤسسات السجنية.
وأضاف المحامي أن سياسة التخفيف من الاعتقال الاحتياطي “تعتبر أحد الحلول الفعالة في هذا الإطار، خاصة أنه يظل مجرد استثناء”، وذلك حسب المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية، مما يستوجب على القضاة اللجوء إليه في حالات استثنائية فقط.
وتابع المتحدث ذاته، أن البراءة تعتبر هي الأصل في النظام القضائي المغربي، وذلك وفقًا للمادة 1 من قانون المسطرة الجنائية، “مما يقتضي النظر في قضايا المتهمين بعناية أكبر قبل اتخاذ قرار الاعتقال الاحتياطي، لاسيما في الحالات التي يمكن فيها تطبيق تدابير بديلة”.
ومن جهة أخرى، حذر النويني من التأثيرات المحتملة لتطبيق قانون العقوبات البديلة على السياسة الجنائية بشكل عام، حيث أوضح أن التساهل مع الجناة قد يؤدي إلى تشجيع السلوكيات الإجرامية، مما يتعارض مع الأهداف الرادعة التي تهدف إلى تقليص معدلات الجريمة.
وفي نفس السياق، أشار النويني إلى أن هذا القانون “يثير إشكاليات تتعلق بضمان العدالة بين المواطنين، وخاصة فيما يتعلق بنظام أداء الغرامات اليومية كبديل للعقوبات السالبة للحرية”، موضحا أن هذا النظام “قد يسبب خللاً في مبدأ المساواة بين الأفراد، حيث يمكن للأثرياء دفع الغرامات بسهولة، بينما يواجه الفقراء صعوبة في الوفاء بتلك الالتزامات المالية”.
وكان تقرير برلماني، صدر سنة 2021، حول وضعية 3 مؤسسات سجنية وهي سـجن “عكاشة” بالدار البيضاء، وسجن “مول البركي” بمدينة آسفي وسجن “تولال” بمدينة مكناس، قد كشف أن مسألة الاكتظاظ “أزمة مستمرة في ظل مواصلة اعتماد آلية الاعتقال الاحتياطي من دون ترشيد، وعدم توفير بدائل للعقوبات السجنية”.
ونشر التقرير أرقاما صادمة حول الطاقة الاستيعابية لهذه السجون ومقارنتها بعدد النزلاء المتواجدين بها، بحيث أورد أن عدد نزلاء سـجن “عكاشة” وصل إلى 7445 سجين في حين أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 5000 سـجين، ونفس الأمر بالنسبة لسجن “مول البركي” الذي بلغ عدد نزلائه 2558 نزيل وطاقته الاستيعابية لا تتجاوز 1449 نزيل فقط، وكذلك سجن “تولال” الذي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 1504، في حين يبلغ عدد نزلائه 1949 نزيل.
وفي نفس السياق، تشير تقارير المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلى ارتفاع مضطرد منذ خمس سنوات، في عدد المتهمين المتابعين في حالة اعتقال، كما تشير نفس المصادر إلى أن ما يفوق 20 في المائة منهم تنتهي ملفاتهم بأحكام البراءة.
وإضافة إلى ذلك، يطرح موضوع الاعتقال الاحتياطي إشكالية التعويض عن الضرر المادي والمعنوي لأولئك الذين قضت في حقهم محاكم المملكة أحكاما بالبراءة، كون القضاء الإداري يشترط في التعويض عن الاعتقال الاحتياطي أن يكون هذا الأخير خاطئا أو تعسفيا ونتج عنه ضرر مادي أو معنوي.