story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

التساقطات المطرية تعيد ارتباط العائلات بإرثها الزراعي في الجنوب الشرقي

ص ص

من بين التداعيات الإيجابية التي خلفتها التساقطات المطرية الأخيرة بمنطقة الجنوب الشرقي للمملكة، هي عودة الأهالي إلى أراضيهم الموروثة لزراعتها مجددًا بعد سنوات من التوقف بسبب الجفاف، ما أعاد الحياة إلى المنطقة وأعاد البسمة لمحيا أهلها. غير أن الخبراء يشددون على ضرورة أن ترافق هذه العودة إجراءات حكومية لضمان استدامة الموارد المائية والحفاظ على الفرشة المائية، مع تجنب تكرار الأخطاء التي ارتُكبت في السنوات الماضية.

عودة الآمال

حسن، أستاذ ينحدر من مدينة الرشيدية، حملته الظروف للانتقال إلى مدينة مكناس، ورغم ارتباطه العاطفي بالأرض التي تركها له أجداده، إلا أنه هجرها لسنوات طويلة بسبب توالي سنوات الجفاف لسبع سنوات، لكن مع بداية هذا الموسم، جاءت الأمطار الغزيرة لتعيد الأمل إلى قلب حسن، وتمنحه فرصة جديدة للنظر في إمكانية الاستثمار في أرضه.

في هذا السياق، أكد حسن في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “التساقطات المطرية أعادت الأمل لمستقبل المنطقة، بعد فترة طويلة من الجفاف الذي أثر بشكل كبير على فلاحي المنطقة، حيث كان الفلاحون يعتمدون على الزراعة المعيشية كمصدر رئيسي للعيش”.

وأضاف المتحدث ذاته، “شخصيا، قمت بزراعة القمح والذرة، حيث قدمت من مدينة مكناس إلى الرشيدية، فاستعنت ببعض الفلاحين بالمنطقة، من أجل القيام بعملية قلب الأرض، التي تعد مرحلة مهمة تساهم في تحسين خصوبة الأرض وتحفيزها على الإنتاج”.

ولم يخف حسن تفاؤله إزاء المستقبل الزراعي لأرضه وأراضي المنطقة بشكل عام، حيث قال “أظن أن المنطقة ستكون مثمرة في المستقبل، لأن الفرص قد تغيرت هذا العام بفضل التغيرات المناخية الإيجابية”.

الاستدامة هي الحل

أكد طاهر السرايري، مختص في الشأن الفلاحي، أن “عودة الأهالي إلى الاستثمار في الأراضي الفلاحية مجددًا ورغم التحديات التي تواجه المنطقة بسبب التغيرات المناخية، كلها أمور تعكس الارتباط العاطفي العميق بين السكان ومنطقتهم، وهو ما يُعد أمرًا إيجابيًا”.

وأوضح السرايري أن عودة أصحاب الأراضي للاستثمار في الأراضي الزراعية ستساهم في تحسين الوضع وإحياء بعض المجالات الفلاحية، بما في ذلك صيانة الأرض والتربة والأشجار المثمرة.

ومن أجل تحقيق الاستدامة، شدد السرايري على أن التمسك بالأرض يجب أن يكون مصحوبًا بتدخل الدولة لدعم استمرارية هذه الجهود، مبرزا أن الواحات تشكل ثروة كبيرة للمغرب، ولذلك ينبغي اتخاذ قرارات استراتيجية للحفاظ عليها وحماية سكانها من التهديدات البيئية.

وأضاف الخبير الفلاحي أن حماية المنطقة من استنزاف الفرشة المائية تُعد من الأولويات، خاصة فيما يتعلق بالزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء، مثل البطيخ.

وبالرغم من الأمطار الأخيرة التي أعادت الأمل، إلا أن غياب الاستراتيجية الحكومية قد يُهدد استدامة المنطقة على المدى الطويل.

وفي هذا السياق، دعا السرايري إلى تبني مبادرات حقيقية وفعّالة لحماية المناطق الزراعية من التدهور، فضلا عن تطوير البحث العلمي، ليكون أداة أساسية في اتخاذ قرارات ناجعة لتفادي تكرار الأخطاء السابقة.

تقنين زراعة “البطيخ”

وعلاقة بالموضوع، أصدرت عمالة إقليم تنغير قرارًا يقضي بمنع زراعة “الدلاح” (البطيخ الأحمر والأصفر) في جميع الجماعات التابعة للإقليم خلال الموسم الفلاحي 2024-2025، حيث تهدف هذه الخطوة إلى الحفاظ على الموارد المائية وحمايتها من الاستنزاف.

ودخل القرار الذي اتخذه عامل الإقليم، حيز التنفيذ في 8 نونبر 2023، والذي نص على تشكيل لجنة إقليمية للماء لمتابعة تنفيذ القرار وضمان احترامه، حيث ستتولى اللجنة مهمة مراقبة الوضع المائي في الإقليم، على أن تجتمع بشكل دوري كلما دعت الحاجة.

ويستند القرار إلى المقرر المشترك بين وزير الفلاحة والصيد البحري ووزير الاقتصاد، الذي حدد مجموعة من الزراعات غير المؤهلة للدعم، بما فيها زراعة البطيخ الأحمر، في مشاريع الري الموضعي.

وتزامن هذا القرار مع دعوات مماثلة من نشطاء للمطالبة بمنع زراعة البطيخ في مناطق أخرى، مثل زاكورة، التي تعيش أزمة مائية أشد قسوة، حيث أشاروا إلى أن تحديد المساحات المزروعة في تلك المنطقة لم يكن كافيًا، بل أسهم في تعميق معاناة الفرشة المائية.