story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

75٪ من المغاربة دعّموا حراك “جيل Z” وخطاب الملك جعلهم يتراجعون مؤقتا

ص ص

كشفت نتائج دراسة ميدانية أنجزتها مؤسسة H-in-Q، ونشرتها مجلة لسان المغرب، أن قرابة 75 في المئة من المغاربة عبّروا عن تأييدهم احتجاجات شباب “جيل Z”.

وكشفت الدراسة التي شملت عيّنة تمثيلية لمختلف شرائخ المجتمع، أن موقف المغاربة من حراك “جيل Z” عرف تحوّلات واضحة خلال فترة الاستطلاع، خصوصا عند المقارنة بين مرحلته الأولى ونهايته، مع تسجيل تأثير مباشر وملحوظ للخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان، رغم غياب أي إشارة صريحة للاحتجاجات في مضمون الخطاب.

دعم قوي في البداية

في المرحلة الأولى من القياس، والذي انطلق يوم 5 أكتوبر 2025، سجّل الاستطلاع مستوى مرتفعا من الدعم لحراك “جيل Z” داخل العينة المستجوبة. فقد عبّرت أغلبية المشاركين عن تأييدها للمظاهرات من حيث المبدأ، مع تباين في درجة هذا التأييد بين دعم قوي ودعم مشروط أو جزئي.

وتُظهر هذه المعطيات أن المزاج العام في بداية الفترة المدروسة كان منفتحا على الاحتجاج بوصفه تعبيرا مشروعا عن مطالب اجتماعية وسياسية، دون أن يكون هذا الدعم متجانسا أو مطلقا، بل موزّعا على سلّم من القناعات المتفاوتة

الخطاب الملكي.. انعطاف مؤقت

تمثّل لحظة الخطاب الملكي لافتتاح السنة التشريعية، يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025، منعطفا واضحا داخل السلسلة الزمنية للمؤشرات التي سجّلتها الدراسة.

فمباشرة بعد هذه اللحظة، سُجّل انخفاض نسبي في دعم المظاهرات مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الخطاب، لكن مستوى التأييد بقي فوق 3.5 داخل سلّم من 6 درجات.

ويُظهر المنحنى الزمني أن هذا التراجع لم يكن تدريجيا، بل جاء فوريا ومباشرة بعد بث الخطاب الملكي، ما يشير إلى أثر فوري لحديث الملك في إعادة ضبط المزاج العام، ودفع جزء من الرأي العام إلى خفض مستوى التأييد أو تعليق الحماس تجاه استمرار الاحتجاجات في المدى القريب.

تبريد لا انقلاب

تؤكد نتائج الدراسة أن هذا الانخفاض لا يعكس تحوّلا جذريا نحو رفض الحراك، بل يمثّل تبريدا مؤقّتا لحرارة الدعم. فالتأييد لم يختفِ، لكنه انتقل من درجات مرتفعة إلى مستويات أقل حدّة، في سياق بدا وكأنه إعادة ترتيب للأولويات السياسية والاجتماعية بعد تدخل رمزي قوي.

ويبرز هذا المعطى أن الخطاب الملكي اشتغل كعامل تهدئة ظرفي، أعاد توجيه جزء من المزاج العام دون أن يقطع مع القناعة الأساسية بمشروعية الاحتجاج. كما انعكس مفعول الخطاب الملكي على مجمل المؤشرات الأخرى التي قامت الدراسة بقياسها، مثل الرغبة في رحيل الحكومة التي أصبحت بحدة أقل.

تعاف جزئي للدعم

مع تقدّم فترة الاستطلاع نحو نهايتها، حيث أجريت الدراسة في الفترة ما بين 5 و27 أكتوبر 2025، تُظهر البيانات عودة جزئية للدعم لحراك “جيل Z” مقارنة بالفترة التي أعقبت الخطاب مباشرة.

غير أن هذا التعافي ظلّ محدودا، إذ لم يبلغ مستويات الدعم المسجّلة في بداية القياس. ويعكس هذا المسار نمطا ثلاثي المراحل:
• دعم مرتفع في البداية؛
• تراجع نسبي بعد الخطاب الملكي؛
• تعاف نسبي دون استعادة الذروة الأولى؛
وهو ما يؤكد أن أثر الخطاب الملكي كان قويا لكنه غير دائم، إذ ترك بصمة واضحة في المزاج العام، مع بقاء هذا المزاج قابلا لإعادة التشكّل مع مرور الوقت وتغيّر السياق.

دلالة التطوّر الزمني

تُبرز هذه النتائج أن موقف المغاربة من حراك “جيل Z” ليس ثابتا أو أحادي الاتجاه، بل يتسم بدرجة عالية من الحساسية للسياق السياسي والخطابي.

فالخطاب الملكي لم يؤدِّ إلى تراجع نهائي في الدعم، لكنه أحدث تعديلا مؤقّتا في شدّته، قبل أن تبدأ المؤشرات في الاستقرار عند مستوى أدنى من البداية وأعلى من مرحلة ما بعد الخطاب المباشر.

وتخلص الدراسة، في هذا الجانب، إلى أن الرأي العام المغربي قابل للتأثر السريع بالتدخلات الرمزية الكبرى، دون أن يعني ذلك بالضرورة تغيّرا عميقا في المواقف المبدئية، وهو ما يجعل دعم الاحتجاج يتحرك كـ«بارومتر» يعكس حرارة اللحظة أكثر مما يعكس قطيعة أو ولاء دائمين.

*هذا المقال نشر ضمن العدد 93 من مجلة “لسان المغرب”، لقراءة العدد كاملا المرجو الضغط على الرابط