5 ملفات تقود وزير الخارجية الإسباني إلى المغرب
يلتقي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس ظهر اليوم الخميس، وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في أول زيارة له للمغرب بعد تنصيب الحكومة الإسبانية الجديدة.
هذه الزيارة التي خطط لها على عجل، للتخفيف من التوتر الذي خلفه تخلي رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن عادة التوجه للمغرب كأول وجهة خارجية له بعد التنصيب، يسعى من خلالها ألباريس لمناقشة أربع ملفات عالقة مع المسؤولين المغاربة، تعرض الحكومة الإسبانية لضغط داخلي، بالإضافة للإعداد للقاء يجمع سانشيز بالملك محمد السادس.
ترسيم الحدود البحرية
ويبرز ملف “الحدود البحرية” بين المغرب وإسبانيا، كأحد أهم النقاط الخلافية بين البلدين، وذلك نظرا لما تمثله السواحل البحرية من أهمية استراتيجية بالنسبة للطرفين.
وعلى الرغم من أن البيان الختامي للقمة “المغربية – الإسبانية” التي طوت الخلاف بين الجانبين قبل سنة ونصف تفادى الإشارة إلى هذا الملف الشائك، درءا لكل ما يمكنه تعكير “أجواء الاحتفال” بعودة مياه العلاقات إلى مجراها الطبيعي، إلا أنه يطفو على السطح كلما خرج المغرب للحديث عن سواحله الأطلسية وخصوصا سواحل أقاليمه الجنوبية لقربها من جزر الكناري الإسبانية.
المغرب كان قد خطى خطوة إلى الأمام في هذا الملف قبل ثلاث سنوات، عندما صادق مجلس النواب بالإجماع على مشروعي قانون يحددان المساحات البحرية للمغرب، ويبسط بموجبهما المغرب ولايته القانونية على السواحل الممتدة من السعيدية شرقا، مرورا بطنجة شمالا، إلى الكويرة في الصحراء المغربية.
وبالإضافة إلى مفعولها القانوني وطابعها التشريعي، سعت الرباط من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز موقفها السياسي في مواجهة مطالب جوارها الجغرافي، و”صون مصالح المغرب وحقوقه السيادية على كافة مجالاته البحرية”.
وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على تصويت البرلمان على القانونين، إلا أن إسبانيا لا زالت تطالب بحوار مباشر مع المسؤولين المغاربة في هذا الملف، وتتشبث بضرورة أن تتم خطوات ترسيم المجال البحري للمغرب بالتشاور معها.
الاستفادة من السواحل البحرية
أثار حديث الملك محمد السادس في خطابه الأخير عن “تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية” في الواجهة الأطلسية تخوفات كبيرة من السياسيين الإسبان وخصوصا الحكام في جزر الكناري، من مزاحمة المغاربة لهم في ثروات المحيط.
وتحدث الملك لأول مرة قبل أيام قليلة عن ضرورة تحقيق “اقتصاد بحري”، من معالمه التنقيب عن الثروات الطبيعية في المحيط الأطلسي، وتحديدا المنطقة المتاخمة للصحراء المغربية، وهي مناطق لا تفصلها عن جزر الكناري الإسبانية سوى مائتي كيلومتر.
الرد الإسباني عن الخطاب الملكي لم يتأخر، حيث عبر المسؤولون في جزر الكناري بشكل واضح عن مخاوفهم مما جاء في الخطاب الملكي، وهي مخاوف حاول سانشيز ووزير خارجيته خوسيه مانويل ألباريس تبديدها، بطمأنة الكناريين بأن لا شيء سيقوم به المغرب بدون التشاور مع الإدارة الإسبانية.
سبتة ومليلية
على الرغم من اتخاذ المغرب وإسبانيا لخطوات مشتركة كبيرة لطي الخلاف في القضايا الكبرى بينهما، إلا أن قضية سبتة ومليلية المحتلتين تبقى من القضايا الحية التي لم يتمكن البلدان من تجاوزها على الرغم من التقدم الكبير في العلاقات بينهما.
ومن أبرز المعطيات التي تعزز هذا الطرح، الرسالة التي كان قد وجهها المغرب قبل أشهر للأمم المتحدة بعدما كانت قد تحدثت عن الحدود بين المغرب وإسبانيا في مليلية، حيث رد المغرب بالقول إن الحديث عن الحدود الإسبانية المغربية في مليلية “غير دقيق”، مشيرا إلى أن الرباط تعتبر معابر مثل مليلية مجرد نقط عبور فقط، وأن المغرب لا يوجد له حدود برية مع إسبانيا.
وأحدثت الرسالة المغربية التي بعثتها الحكومة كرد على رسالة سابقة أرسلها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ارتباكا في إسبانيا، خاصة أنها تزامنت مع تحركات إسبانية للمطالبة باسترجاع سيادة مستعمرة جبل طارق من بريطانيا.
الخلاف بين المغرب وإسبانيا على سبتة ومليلية يمتد إلى جوانب اقتصادية، حيث لا زال المغرب يغلق الجمارك في المعابر مع المدينتين، منذ أكثر من ثلاث سنوات، في الوقت الذي تطالب إسبانيا بإعادة فتحهما.
أزمة الهجرة
على الرغم من كل الاتفاقات، إلا أن قضية الهجرة لا زالت من أبرز التحديات التي تحكم العلاقات المغربية الإسبانية، ففي الأشهر الأخيرة، تزايد القلق الإسباني من ارتفاع أعداد المهاجرين القادمين من المغرب، سواء من سواحله الشمالية أو الجنوبية.
ونقلت وسائل إعلام إسبانية تسجيل البلاد لأرقام قياسية من المهاجرين القادمين من المغرب، وسط تنبيه لمسار جديد يتخذه المهاجرون من سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة في اتجاه جزر الكناري.
واشتكت جزر الكناري أمس الخميس من زيادة المهاجرين الذين وصلوا إليها قادمين من رحلة شاقة من السواحل الإفريقية، مسجلة أرقاما قياسية قالت إنها تجاوزت 32 ألف مهاجر منذ بداية السنة، أي بزيادة بنسبة 118بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022.
لقاء سانشيز والملك
كشفت مصادر دبلوماسية إسبانية، أن زيارة ألباريس تهدف كذلك للإعداد لزيارة يريد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إجراءها إلى المغرب، بشرط استقباله من طرف الملك محمد السادس.
وعلى الرغم من اختيار سانشيز لكسر التقليد الإسباني الذي رُسخ على مدى أزيد من خمسين سنة، والقاضي بأن تكون أول زيارة للرئيس بعد انتخابه للمغرب، إلا أنه يسعى لزيارة المغرب هذه المرة بالخصوص لترسيخ نصره الانتخابي الجديد.
وقبيل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الإسبانية الأخيرة، رفع خصم سانشيز الانتخابي، زعيم الحزب الشعبي الإسباني، ألبرتو نونيز فيجو من إيقاع حملته الانتخابية، وقال زعيم المعارضة اليمينية إنه في حالة انتخابه رئيسا للحكومة، فإن أول رحلة رسمية له إلى الخارج ستكون إلى المغرب.
وترى الصحف الإسبانية أن عودة سانشيز إلى الرباط هذه المرة “لها معنى خاص، وبطعم النصر الانتخابي”.