يحيى السنوار.. من سجون الاحتلال إلى خليفة هنية على رأس حماس
بعد اكتمال عشرة أشهر من حرب طاحنة تخوضها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة، ردا على عملية طوفان الأقصى التي أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، لازالت حركة المقاومة الإسلامية -حماس- تفاجئ دولة الاحتلال ومعها العالم بقوتها التنظيمية وثبات مقاوميها على خط المقاومة، ودحر الاحتلال على صخرة الجهاد والاستشهاد، من أجل تحرير وطن من قبضة الاستعمار، والدفاع عن الحق الفلسطيني المغتصب.
آخر مفاجآت حركة حماس، كان يوم أمس بانتخاب الرجل القوي يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي خلفا للشهيد إسماعيل هنية، الذي اغتالته أيادي الجبن والغدر بالعاصمة الإيرانية طهران قبل أيام.
اختيار يحيى السنوار خليفة لهنية قائدا لحركة حماس، شكل مفاجأة مدوية لإسرائيل وحليفتها أمريكا، اللتان تعتبران السنوار أخطر شخصيات حركة حماس، وتعيينه رسالة لإسرائيل والدول الغربية أن اغتيال هنية، وبالرغم من حجم الخسارة وهول مرارة الفقد لقائد من طينة إسماعيل هنية، إلا أن ذلك لن ينال من عزيمة المقاومة الفلسطينية ومن إيمانها الراسخ بالقضية.
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين جنوبي قطاع غزة، تعود أصول عائلته إلى مدينة المجدل- عسقلان، الواقعة جنوب إسرائيل، حيث هجروا منها قسرا عام 1948.
انضم السنوار منذ صغره لجماعة الإخوان المسلمين، ودرس بالجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل منها على درجة البكالوريوس باللغة العربية. وخلال دراسته الجامعية، ترأس “الكتلة الإسلامية”، الذراع الطلابي لجماعة الإخوان.
في عام 1985، أسس السنوار الجهاز الأمني لجماعة الإخوان المسلمين، الذي عُرف باسم “المجد” آنذاك، وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة “الاحتلال الإسرائيلي” في غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
ساعد النشاط الطلابي السنوار على اكتساب خبرة وحنكة، أهلته لتولي أدوار قيادية في “حماس” بعد تأسيسها عام 1987.
اعتقل الجيش الإسرائيلي يحيى السنوار لأول مرة، عام 1982، ثم أفرج عنه بعد عدة أيام، ليعيد الاحتلال اعتقاله مجدّدًا في العام ذاته، وحُكم عليه حينها بالسجن لمدة 6 أشهر بتهمة “المشاركة في نشاطات أمنية ضد إسرائيل”.
وفي عام 1988، اعتقلت إسرائيل السنوار وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، أربع مرات، بالإضافة إلى ثلاثين عامًا، بعد أن وجهت له تهمة “تأسيس جهاز (المجد) الأمني، والمشاركة في تأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم (المجاهدون الفلسطينيون)”.
قضى السنوار 23 عاما متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، حيث أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين “حماس” وإسرائيل عام 2011، في عملية تبادل الأسرى التي عُرفت بصفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
عقب خروجه من السجن، شارك السنوار في الانتخابات الداخلية لحركة حماس عام 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتولي مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري “كتائب القسام”.
وفي سبتمبر عام 2015، أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية السنوار في لائحة “الإرهابيين الدوليين”، فيما وضعته الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، على قائمة المطلوبين للتصفية في غزة، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وقبل اختياره لخلافة إسماعيل هنية، على رأس الحركة، كان السنوار يترأس -حماس- في قطاع غزة، الذي يشهد حربا إسرائيلية مدمرة، خلفت حتى الآن ما يقرب من 40 ألف شهيد و100 ألف مصاب فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.