story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

وهبي وأشباله

ص ص

الحسرة على هزيمة غير مستحقة في المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة أمام جنوب إفريقيا مساء أمس، يجب ألا تنسينا أن أشبال المدرب محمد وهبي حققوا الغرض من المشاركة كاملا، وهو التأهل لكأس العالم، واكتساب العناصر الوطنية للمزيد من التجربة أمام منتخبات إفريقية قوية، واستخلاص دروس مهمة في كيفية التعامل مع أساليب لعب مختلفة، وفي مواجهات رسمية فيها من الصعوبات ما سيلقنهم الكثير من التركيز والصبر والقدرة على تدارك الأخطاء والهفوات.

من يتحدث عن “فشل” منتخب أقل من 20 سنة في القاهرة، ربما يجهل أو يتجاهل أنه في قواميس كرة القدم، وصْفُ مشاركة ما في بطولة مجمعة ب”الفاشلة”، معناه ان هذا المنتخب قد خرج من الدور الأول أو الثمن أو الربع، أما ونحن أمام أشبال أزاحوا خمس خصوم من طريقهم في الأدوار المختلفة، وتأهلوا إلى كأس العالم، ووصلوا إلى المباراة النهائية، وخسروها بهدف واحد وبتفاصيل صغيرة، وبهفوات فردية ناتجة عن قلة التجربة والتمرس، فالواضح أن هذه المشاركة الإفريقية قد حققت أهدافها، ومن يتحدث عن غير ذلك، فهو مجرد تطبيق سمج للنكتة المغربية الشهيرة “مالك مزغب” ليس إلا.

في كل البلدان الكروية العريقة، منتخبات الفئات الصغرى (من فئة الصغار إلى المنتخب الأولمبي) يتم التعامل معها وتقييم إنجازاتها بمنطق الحضور والغياب في الأدوار المتقدمة للمنافسات القارية والدولية، وأيضا تسجيل نسب تصعيدٍ عناصرها للفئة الموالية، فيما الأمور التقنية وتفاصيل التكتيك وهفواته تبقى بعيدة عن النقد وتشريح التفاصيل من طرف عامة الجمهور، ويهتم بها فقط الطاقم المشرف على تدريبهم، وهو المخول له تصحيح هفوات لاعبيه- تلاميذه وتقويم أخطائهم بالطريقة التي يراها مناسبة لهم ولنفسيتهم.

قد يقول البعض أنهم بلغوا العشرين من العمر، أي أنهم تجاوزوا سن التكوين، وأن هناك لاعبين في هذا السن قد أصبحوا نجوما يحملون فرقهم فوق أكتافهم (لامين يامال ولاعبي البارصا نموذجا)، لكنها تبقى حالات ناذرة لفتيان لا يمكن القياس عليها، والثابت أن اللاعب الذي بين سن 18 و20 من الطبيعي أن يكون في مرحلة اكتساب التجربة والتعلم من الأخطاء، أو ما نسميه نحن المغاربة باختصار “تطيار الدهشة”.

السيل العارم من الإنتقادات الحادة التي وجهت للمدرب محمد وهبي في التعامل مع المباراة النهائية، قد تبدو للذين لم يشاهدوها  أن المنتخب الوطني خسر بثلاثة أو أربع أهداف وظهر مفككا غير قادر على مواجهة الخصم الجنوب الإفريقي، والحال أننا شاهدنا لاعبينا في جل أطوار المباراة قاب قوسين أو أدنى من للتسجيل، وكانت المباراة في كثير من أطوارها بين أيديهم لولا التسرع ونقص الفعالية أمام المرمى.

وأتساءل هنا.. هل كنا سنسمع نفس الإنتقادات لو ساعد الحظ العناصر الوطنية قليلا وسجلت هدفا أو هدفين وعادوا باللقب؟

كل من تتبع الفريق الوطني لأقل من 20 سنة منذ أربع سنوات، لمس تحسنا جيدا في آداء اللاعبين، وعلى مستوى الإنسجام والتجانس والتمرس على منظومة اللعب، وكان من نتائج ذلك التحول من منتخب ضعيف ينهزم أمام منتخبات إفريقية من الصف الثاني والثالث، إلى منتخب يقف في وجه خصوم أقوياء ويتغلب عليهم كما حدث في الدورة المنتهية بمصر.

منتخبنا حقق مشاركة إيجابية واستطاع كسب ورقة التأهل إلى المونديال، ويجب مواصلة هذا المنحى التصاعدي بإصلاح الأعطاب وتدارك الهفوات.. أما الألقاب والكؤوس لا تصبح ضرورة قصوى ومطلبا ملحا إلا بعد أن يصلوا إلى المنتخب الأول وقد صقلتهم المشاركات الإفريقية لتمنحهم شخصية البطل في قارة لا يصعد فيها إلى البوديوم إلا الذين جربوا طقوسها منذ سن كروية مبكرة.