story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

وفد سوري يزور مخيم الهول حيث يعيش مغاربة بين نار الانتظار وغموض المصير

ص ص

زار وفد حكومي سوري السبت 24 ماي 2025، مخيم الهول الذي تديره الإدارة الذاتية الكردية، ويضم عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، من بينهم العديد من المغاربة، وذلك في أول زيارة منذ وصول السلطة الانتقالية إلى دمشق، وفق ما أفاد الطرفان.

وجاءت الزيارة بعد أكثر من شهرين من توقيع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية “قسد” مظلوم عبدي اتفاقا يقضي “بدمج” كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، من دون أن يحرز تطبيقه تقدما بعد.

مغاربة في مخيمات “قسد”

هذه الزيارة تحيي من جديد ملف مئات المغاربة، خاصة النساء منهم المحتجزات مع أطفالهن في مخيمات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ذات الغالبية الكردية، وإمكانية استعادتهم إلى وطنهم المغرب.

وكان مراقبون يرون أن المغرب يفضل التعامل في مثل هذه الملفات مع المؤسسات الرسمية للدولة بدلاً من التنظيمات المسلحة في المنطقة.

وفي هذا الصدد، قال محمد الطيار رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، في حديث سابق مع صحيفة “صوت المغرب”، إن مشكل العائلات والأطفال والمعتقلين المغاربة يطرح باستمرار، خاصة مع أي مستجدات أو تحولات تعرفها المنطقة.

وأشار الطيار إلى أن المغرب “ليس البلد الوحيد الذي يواجه هذه الإشكالية ”، إذ إن المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية ينتمون إلى نحو ستين جنسية مختلفة.

وأوضح الخبير الأمني أن “هناك العديد من العوائق التي تواجه المغرب في التعامل مع هذا الملف”، لكنه توقع أن يتم التوصل إلى تفاهمات بين الرباط ودمشق لإيجاد حلول لهذه الأزمة، “التي تحمل طابعاً أمنياً بالدرجة الأولى”، وذلك في ضوء إعلان اندماج قوات سوريا الديمقراطية والهيئات المدنية في شرق الفرات ضمن مؤسسات الدولة السورية.

وأضاف الطيار أنه من المرجح أن يُطرح ملف المغربيات المحتجزات لدى “قسد” ضمن إطار العلاقات الثنائية والتعاون الأمني بين سوريا والمغرب مستقبلاً، من خلال مبادرات دبلوماسية، على غرار الزيارة التي قام بها وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، إلى العراق لمناقشة قضية مشابهة.

ويُقدَّر عدد النساء المغربيات المحتجزات في مخيمات شمال سوريا، التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بنحو 100 امرأة مع 259 من أطفالهن. يتوزعون على عدة مناطق أبرزها مخيمي الهول والروج، الواقعين شرق محافظة الحسكة. كما يبلغ عدد الرجال المغاربة المعتقلين هناك حوالي 130 شخصاً، إضافة إلى 25 طفلاً مغربياً يتيمًا. وتستند هذه الأرقام إلى معطيات للتنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين في سوريا والعراق.

مآسي لا تنتهي

مآسي المغاربة المحتجزين هناك، لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد وبطرق أشد قسوة وإيلاما، فبعد تعرض طفل من أم مغربية في فبراير من عام 2024، لإطلاق نار اخترق جسده الصغير، أثناء دورية تفتيش لمخيم الهول نفذتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، توفيت في شهر مارس الماضي طفلة مغربية في ظروف “غامضة” وتم دفنها دون تحقيق لمعرفة الأسباب.

وفي هذا السياق، كشفت التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، عن وفاة طفلة مغربية ذات 7 سنوات في مخيم الروج (شمال سوريا) في ظروف “غامضة” و”مأساوية”، مشيرة إلى أنها “دفنت دون تحقيق يذكر”.

وأوضحت التنسيقية، في بلاغ لها أن “عملية دفن الطفلة تمت دون إيلاء أي اهتمام من قبل إدارة المخيم الكردية ‘قوات سوريا الديمقراطية’ المعروفة اختصارا باسم “قسد” لمعرفة أسباب وفاتها”.

وأشار البلاغ الذي توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إلى أن هذا الأمر يزيد من معاناة عائلتها وأحِبتها، و”يضيف جرحًا جديدًا إلى جروح المغاربة العالقين في هذه المخيمات وعائلاتهم بالمغرب”.

استنكار “التجاهل”

واستنكرت التنسيقية بشدة هذا “التجاهل” الصارخ لحقوق الإنسان، مطالبة بـ”فتح تحقيق عاجل وشفاف للكشف عن ملابسات وفاة هذه الطفلة البريئة، ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو إهماله”.

وناشدت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة تحمل مسؤولياتهم تجاه الأوضاع الإنسانية الكارثية في هذه المخيمات، مبرزة أن “المغاربة هناك وغيرهم يعيشون في ظروف لا إنسانية، في نقص حاد في الغذاء والدواء، وغياب الرعاية الصحية، وتعرض الأطفال والنساء لمخاطر متعددة”.

ونادت التنسيقية الدولة المغربية، لإنقاذ مواطنيها العالقين في هذا الجحيم، والمطالبة بترحيلهم الفوري إلى المغرب، حيث الأمن والكرامة والرعاية التي يكفلها الدستور والقانون، مشددة بالقول: “لا يجوز أن تظل عائلات مغربية خاصة الأطفال والنساء، رهينة أزمات ليست من صنعهم”.

“علاج مجتمعي شامل”

وعلى هامش الزيارة التي قام بها الوفد الحكومي السوري إلى مخيم الهول، أفاد الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين لدى الإدارة الذاتية شيخموس أحمد لوكالة الأنباء الفرنسية عن “اجتماع ثلاثي عقد اليوم السبت في مخيم الهول”، حضره وفد من الحكومة السورية وآخر من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وممثلون للإدارة الذاتية.

وتناول الاجتماع وفق أحمد، “مناقشة وضع آلية لإخراج العائلات السورية من مخيم الهول”.

وتعد هذه أول زيارة لوفد من السلطة الانتقالية الى مخيم الهول، منذ توقيع الاتفاق بين الشرع وعبدي في 11 مارس الماضي. ونص الاتفاق في أحد بنوده على ضمان عودة جميع المهجرين السوريين الى مدنهم وقراهم.

وفي دمشق، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا زيارة الوفد لشمال شرق سوريا.

وقال ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي إن مخيم الهول هو “جزء من الاتفاقية الموقعة” بين الشرع وعبدي. واعتبر أن الملف يحتاج الى “علاج مجتمعي شامل لأسر تعد ضحية لمنتسبي تنظيم داعش”.

وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت في فبراير الماضي، بعيد إطاحة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، أنها تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات المعنية على إفراغ المخيمات الواقعة في مناطق سيطرتها من العائلات السورية والعراقية خلال العام الحالي.

ويؤوي مخيم الهول حاليا نحو 37 ألف شخص، بينهم 14 ألف عراقي على الأقل. ويضم قسما خاصا تقيم فيه عائلات المقاتلين الأجانب، من بينهم مغاربة، لدى تنظيم الدولة الإسلامية ويخضع لحراسة مشددة.

وبحسب شيخموس أحمد، فإن مصير عائلات المقاتلين الأجانب “مرتبط بالدول التي لديها رعايا وبالتحالف الدولي” الذي قدم دعما عسكريا للمقاتلين الأكراد في مواجهة التنظيم المتطرف وفي احتجاز مقاتليه وأفراد عائلاتهم.

ومنذ إعلان القضاء على التنظيم في 2019، تطالب الإدارة الذاتية الدول المعنية باستعادة رعاياها. ورغم نداءات متكررة وتحذير منظمات دولية من أوضاع “كارثية” في المخيمات، تصر غالبية الدول على عدم استعادة مواطنيها.

ولم يتضح بعد مصير إدارة السجون التي يتولاها الأكراد وتضم آلافا من مقاتلي التنظيم، قال عبدي في فبراير 2025 إن سلطات دمشق تريدهم تحت مسؤوليتها.