story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

وعود 2025

ص ص

نبدأ اليوم، الأربعاء فاتح يناير 2025، سنة ميلادية جديدة، ونفتح بالتالي سجل رهانات وتحديات جديدة، هذه محاولة لاستحضار أهمها والتأمل في بعضها:

1- نحن عمليا في السنة الأخيرة من عمر الحكومة الحالية. لم نتوقّف كثيرا عند معطى بالغ الأهمية ورد في الخرجة الإعلامية الأخيرة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، مع الزميلة “مدار21″، والتي عبّر فيها بوضوح عن رغبة في تنظيم الانتخابات التشريعية في موعد مبكّر، هو يونيو 2026.

فبعد تمكّنه من حسم موضوع التعديل الحكومي في اتجاه إحكام قبضته على مفاصل التدبير العمومي للملفات الاجتماعية الأساسية، وخاصة منها الدعم المباشر للفئات الهشة، وهي الورقة الفعالة انتخابيا، والتي كان يعارضها يا حسرة في أيام البلوكاج الذي قاده أخنوش ضد ابن كيران؛ يشعر رئيس حزب التجمّع الوطني للأحرار أنه في وضعية تسمح له بحسم أية معركة انتخابية وشيكة لصالحه.

سنة 2025 ستكون حاسمة بهذا الشأن، لأنها ستوصلنا إلى الشهور الأخيرة قبل الانتخابات، بخريطة ومشهد سياسيين محسومين. يبقى الرهان كاملا على مفاجئات الداخل والخارج لقلب المعادلة وتفكيك، أو على الأقل إحداث تصدّع في جدار الجبهة القوية لتحالف المال والسلطة…

2- علينا أن نقرّ أن ملف الإصلاحات الاجتماعية هو أكبر وأخطر ورش مفتوح في المغرب حاليا، من خلال مشروع تعميم التغطية الصحية وإصلاح منظومة الرعاية والتقاعد…
هذا ورش، بصرف النظر عمن يتولى تنزيله أو تدبيره يجب أن ينجح بأي ثمن، لأن كلفة فشله ستنكون وخيمة على الجميع.

ينتظر أن نصل هذه السنة إلى مرحلة تعميم الانخراط في أنظمة المعاشات على الفئات الجديدة التي تم إلحاقها بمنظومة التغطية الصحية.

هنا لا يسع المرء إلا أن يردّد “الله يحفظ مع الله يستر”. فالمرحلة الأولى من توسيع التغطية الصحية على فئات جديدة كشفت الكثير من الاختلالات وبوادر العجز. وكل من المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الأخير، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره الموضوعاتي الخاص بالتغطية الصحية، نبّها إلى خطورة ضخ جل الأموال التي توفرها صناديق التغطية الصحية في حسابات القطاع الخاص.

3- ضمن الملف الاجتماعي، لابد من عزل ملف التقاعد وتخصيصه بوقفة تأمل استثنائية. نحن أمام أكبر قنبلة اجتماعية في تاريخ المغرب منذ الاستقلال، دون أدني مبالغة أو تهويل.

التقرير الذي نشره المجلس الأعلى للحسابات قبل أيام يتحدث عن الوضعية المقلقة التي يشهدها الصندوق المغربي للتقاعد الذي سجل عجزا تقنيا يناهز العشرة ملايير درهم عند نهاية سنة 2023. ويحذّر المجلس من أن هذا العجز يؤدى إلى تآكل الأرصدة الاحتياطية للصندوق تدريجيا لتصل إلى الإفلاس التام عام 2028.

لا تقدّم الحكومة أي تفسير لتأخيرها هذا الملف الذي كان يفترض أن يكون ضمن أولى أولوياتها. والأمر لا يتعلّق بمشكلة تقنية تحلّها المعادلات الرياضية والألاعيب المالية، بل هو لغم موقوت قابل للانفجار، لأنه يهدّد منظومة الحماية الاجتماعية والتوازنات المالية الكبرى للدولة. وتزداد خطورة الموقف عندما نراجع أرقام الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير، لنكتشف أننا نتجه نحو شيخوخة المجتمع، وبالتالي الحاجة إلى مزيد من أنظمة الاحتياط والادخار، وليس إفلاس ما هو موجود.

4- ندخل سنة 2025 بعجز مائي كبير. ورغم التساقطات المطرية والثلجية للأسبوع الماضي، فإن الأرقام الرسمية تقول إننا لم نبلغ حتى عتبة 30 في المئة من حيث نسبة ملء السدود.

الجفاف بات معطى هيكليا ودائما، وهذا ما نعرفه منذ عقود. والسياسات العمومية المرتبطة بالماء تزيد من تعقيد الأمر حين تواصل المخططات الفلاحية دعم مصالح الفلاحين الكبار والمصدّرين على حساب الأمنين الغذائي والمائي للمغاربة.

حتى الحلول التي لجأنا إليها، مثل تحلية مياه البحر لتعبئة موارد مائية استثنائية، ها هي ذي تتحوّل أمام أعيننا إلى قنبلة جديدة، بفعل التدبير الذي يرافقها، والذي يجعلها مجرد فرصة إضافية أمام الرأسمال النافذ للاغتناء أكثر والرفع من الأرباح والمتاجرة في حاجيات يومية وأساسية للمغاربة، مثل الماء الشروب.

سوف لن يتمكّن رئيس الحكومة عزيز أخنوش بعد الآن من الظهور خارج إطار صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، لأنها قضية صادمة ومفجعة ومخيفة. وأن يجتمع علينا شح السماء وجشع الأرض فهو ما لا يترك مجالا كبيرا للتفاؤل أو الأمل.

5- ونحن نتقدّم نحو حلم تنظيم كأس العالم 2030 بكل الوعود التي يجبرنا الأمر الواقع على انتظارها، نعيش خلال السنة الجديدة “بروفا” عن هذا الاستحقاق الرياضي الكبير.

تُعد هذه المرة الثانية التي يستضيف فيها المغرب كأس الأمم الإفريقية بعد نسخة 1988. وسيكون هذا الحدث فرصة لخلق حالة من الحماس الجماعي لدى المغاربة، وتعزيز الشعور بالفخر الوطني.

من المتوقع أيضا أن يساهم الحدث في دعم قطاع السياحة، وتنشيط الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل جديدة.

لكن المغرب مطالب بتأكيد قدرته على تنظيم حدث رياضي بهذا الحجم في مستوى عالمي. وأي فشل لوجستي أو تنظيمي قد يؤثر سلبا على صورته الدولية.

كما نواجه تحدي تغطية تكاليف البطولة دون التأثير على الميزانية العامة، خاصة في ظل مطالب اجتماعية ملحة. إلى جانب ضرورة ضمان سلامة الجماهير المحلية والدولية خلال البطولة…

هذه مجرّد عناوين للملفات الكبرى المطروحة على أجندتنا الوطنية خلال السنة الجديدة، إلى جانب الملف المصيري المعتاد: تأمين استرجاع الصحراء.

نحن اليوم على أبواب الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، وفي الأفق بوادر تقدّم كبير بخطوات غير مسبوقة، لكن الثمن غير واضح، خاصة في الجانب المرتبط بالعلاقات مع الكيان الإسرائيلي.

دعونا نصرّ على التفاؤل… سنة سعيدة للجميع!