وصلا إلى سبتة سباحةً.. أمّ مغربية تخاطر مع طفلها بحثا عن حياة أفضل

بين عشرات المواطنين المغاربة الذين يحاولون الهجرة يوميًا، برزت صباح يوم الأحد 12 أكتوبر 2025، أم وطفلها وهما يغامران بالعبور سباحة عبر البحر الأبيض المتوسط نحو مدينة سبتة المحتلة، في مشهد مأساوي وصفته الصحافة الإسبانية بأنه “صورة مؤثرة وقاسية”.
ظهرت الأم، البالغة من العمر 36 عامًا، في مقطع فيديو وهي تصارع أمواج البحر، بينما كان الطفل، الذي يُقدّر عمره بنحو عشر سنوات، يستخدم عوامة بسيطة لمساعدته على الطفو.
وخلال محاولتهما التقدم وسط المياه، تدخلت فرق الحرس المدني الإسباني لتوجيه الأم من على اليابسة، ومساعدتها على الوصول إلى شاطئ تارخال، حيث قدمت لهما عناصر الحرس الإسباني الإسعافات الأولية والعناية الطبية اللازمة.
وبعد تلقيهما العلاج بأحد مستشفيات المدينة، تم نقل الأم وابنها إلى مقر الشرطة، حيث خضعا لإجراءات تحديد الهوية والفحص الرسمي.
وأثناء عملية التحقيق، أوضحت الأم أنها “اضطرت إلى السباحة لمتابعة وحماية طفلها الذي فرّ من المنزل وألقى بنفسه في البحر على مستوى شاطئ مدينة الفنيدق”، مشيرة إلى أنهما وصلا إلى سبتة المحتلة بعد معاناة طويلة داخل مياه المتوسط.
لكن السلطات الإسبانية شككت في روايتها، إذ أظهر التحقيق في سجلها أنها حاولت دخول سبتة في وقت سابق بطريقة غير نظامية قبل أن تتم إعادتها إلى المغرب. “ومع ذلك، تم تسجيل بياناتها رسميًا مع طفلها، وهما الآن يتلقيان الرعاية في مراكز الإيواء بالمدينة”، تقول ذات المصادر.
ويواصل العديد من المواطنين المغاربة محاولات العبور إلى سبتة المحتلة، خصوصًا خلال فترات سوء الأحوال الجوية. وخلال الساعات التي وصلت فيها الأم وطفلها، تمكن ما لا يقل عن 13 شخصًا، معظمهم قاصرون دون الثامنة عشرة، من دخول المدينة سباحة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع نفسها، وصل نحو 20 قاصرًا آخر إلى سبتة المحتلة، من بينهم ثلاث فتيات عبرن البحر يوم الأحد المنصرم، لتنضم إليهن فتيات أخريات لاحقًا.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، حاولت العديد من الفتيات عبور البحر نحو المدينة، واستمرت المحاولات حتى ساعات النهار. ويُقدَّر عدد الفتيات القاصرات اللواتي وصلن إلى مدينة سبتة حتى الآن نحو عشرين فتاة.
كما تشمل محاولات الهجرة أمهات أو آباءً مع أطفالهم الصغار. وخلال الأسبوعين الماضيين، تم تسجيل حالتين لعائلات دخلت المدينة بهذه الطريقة، وهما الآن في مركز الإيواء، تشمل إحداهما أبًا مع ابنه، والأخرى أمًا مع ابنها.
وتأتي هذه الموجات المتزايدة من الهجرة غير النظامية في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الاجتماعية التي يقودها شباب “جيل زد” (Genz212) بعدة مدن، حيث يخرج مئات الشباب للمطالبة بحقهم في الشغل وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، فضلا عن تعليم جيد وخدمات صحية تحترم كرامة المواطنين.
ويؤكد مراقبون أن الأزمة الاقتصادية وتراجع الثقة في المستقبل تدفع أعدادًا متزايدة من الشباب، بل والعائلات أحيانًا، إلى المغامرة بالهجرة غير النظامية عبر البحر نحو سبتة المحتلة ومن تم إلى أوروبا، رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهذه الرحلات.
ويشدد المراقبون على أن “ما يعمّق ظاهرة الهجرة هو استفحال الفوارق الاجتماعية وانتشار الهشاشة”، الأمر الذي يدفع العديدين إلى “الهروب” والبحث عن آفاق جديدة.
وفي نفس السياق، تشهد جهة طنجة تطوان الحسيمة، في اليومين الأخيرين، حالة استنفار أمني كبيرة، عقب تداول دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي تدعو إلى “اقتحام مدينة سبتة المحتلة”، يوم 15 أكتوبر الجاري، في خطوة وُصفت بأنها “محاولة خطيرة لاستغلال أوضاع اجتماعية هشّة لدفع شباب إلى مغامرات غير محسوبة”.
وقد بدأت مصالح الدرك الملكي في تنفيذ عمليات تمشيط واسعة النطاق باستخدام المروحيات لتأمين الغابات والممرات الجبلية المحيطة بقرية بليونش القريبة من مدينة سبتة، والتي تُعد من أبرز النقاط التي يستغلها المرشحون للهجرة غير النظامية في محاولاتهم للتسلل نحو الثغر المحتل.