وسط ترقب التعديل الحكومي.. “قبلة” تظهر الرهانات الاستراتيجية للمغرب في وزارة بنعلي
على أبواب تعديل حكومي بات وشيكا، وجدت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة نفسها في قلب عاصفة، بسبب صورة منسوبة إليها، ما يعيد النقاش حول الرهانات المرتبطة بمنصبها الذي بات على كف عفريت.
النقاش حول هذا المنصب والوزيرة، جر إلى دائرة الضوء، أندرو فورست، رائد الأعمال الأسترالي الذي اشتهر بكونه مؤسس مجموعة فورتيسكو للمعادن، إحدى أكبر شركات التعدين في العالم ويعد من أكبر المستثمرين في مشاريع الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
قطاع يحكم العلاقات الخارجية للمغرب
بدأت قوة المغرب الاقتصادية، تتحول تدريجيا من ملفات الفلاحة والصيد البحري، حيث كان قبل سنوات، يوازن السياسة بالاقتصاد، وبتوقيع اتفاقيات اقتصادية تهم المجالات الفلاحية مع مختلف الدول التي تربطه علاقة به، ومنها مثلا الاتحاد الأوروبي وروسيا وغيرها من الدول التي ضبط المغرب علاقته السياسية والاقتصادية معها على إيقاع الفلاحة والثروة السمكية.
بدأ الميزان تديريجيا يتحول نحو قطاع الطاقات المتجددة، ومن أبرز الشراكات التي أطلقها المغرب في هذا المجال كانت تلك التي جمعته مع ألمانيا، ثم بريطانيا، وتحول ملف الطاقة لنقطة قوة يفاوض بها المغرب، لجني مكاسب سياسية.
وخلال السنوات الأخير، تحول ملف الطاقة إلى ملف منتج سياسيا للمغرب، عندما قررت ألمانيا أبرز المتدخلين في مجال الطاقة المغربي تغيير موقفها من ملف الصحراء بدعم صريح للمغرب، وباتت بريطانيا أقرب من اتخاذ موقف مماثل للموقف الإسباني والألماني والهولندي.
ملف الطاقة والمعادن أصبح بطاقة تأخذ المغرب نحو إبرام علاقات جديدة مع بلدان لم تكن من بين أول الناظرين لطاقاته الاقتصادية، ولا على رأس قائمة الشركاء الاقتصاديين للمغرب، ويسيل لعاب شركاتها لتحط الرحال في مناطق نائية بالمغرب أو وسط مجاله البحري للتنقيب والاستثمار.
أهمية قطاع الطاقة تزايدت مؤخرا، بعد إصدار رئيس الحكومة لمنشور تفعيل “عرض المغرب”، بميزانية ضخمة وامتيازات عمومية للمستثمرين ووعاء عقاري كبير مخصص لهذا المشروع، حيث تم تخصيص مليون هكتار للمشاريع المستقبلية في هذا المجال وبإعفاءات ضريبية، في مشروع يراهن عليه المغرب لاستقطاب كبريات الشركات العالمية.
صورة الوزيرة تضع المنصب تحت الضوء
عاد النقاش حول أهمية وحساسية منصب وزير الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، على خلفية الصورة التي نشرتها صحيفة “ذي أوستراليان” وزعمت أنها تجمع بين الوزيرة بنعلي ومدير مجموعة “فورتيسكيو”، رجل الأعمال الأسترالي، أندرو فوريست، وهما يتبادلان قبلة حميمية.
وقالت الصحيفة الأسترالية إن تلك القصة جرت فصولها عندما كانت الوزيرة المغربية في زيارة قبل أكثر من أسبوع إلى العاصمة الفرنسية، باريس.
وأرفقت الصحيفة الصورة بمقال يلمح إلى علاقة عاطفية بين المسؤولين وشبهة تضارب المصالح بينهما، بعدما استقبلت الوزيرة المستثمر المذكور ضمن وفد من مجموعته خلال فبراير الماضي بالرباط، في سياق محادثات ثنائية.
ورغم أن الصورة لا تظهر الوزيرة بشكل واضح، فإن الصحيفة ذكرت أنها استدلت على “صحة المعلومات” الواردة في المقال الذي نشرته، على معلومات توفرت ليها، وبرد فعل مجموعة “فورتيسكيو” الرائدة في مجال الطاقة الخضراء والمعادن والتكنولوجيا، والتي لم تؤكد أو تنفي صحة الخبر.
من جانبها، نفت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، اليوم الثلاثاء 28 ماي 2024، صلتها بالصورة التي نشرها الموقع الأسترالي، وقالت إن الأمر “إدعاء زائف وعار من الصحة تماما”.
أندرو فورست.. عندما حمل للمغرب مشروعه “الثائر”
رجل الأعمال الأسترالي الكبير، أندرو فورست، الذي أصبح بعد الصورة واسعة الانتشار أشهر أسترالي في المغرب، كان قد حط الرحال في المغرب بداية شهر أبريل الماضي، ووقع اتفاقية تقول شركته إنها ستحدث ثورة في الطريقة التي يوفر بها كوكب الأرض الطاقة، وتنويع الأمن الطاقي العالمي في المستقبل إلى جانب خلق الآلاف من فرص الشغل والصناعات بالمغرب.
الاتفاقية وقعها فورست مع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وتحمل مشروعا مشتركا يهدف إلى تطوير الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالمغرب.
الشراكة المشتركة وبنسب متساوية بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط و”Fortescue”، تضع أمامها هدف توفير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والأسمدة الخضراء بالمغرب وأوروبا والأسواق الدولية، و تشمل أيضا التطوير المحتمل لتجهيزات التصنيع ومركزا للبحث والتطوير للنهوض بصناعة الطاقة المتجددة التي تعرف نموا متسارعا بالمغرب.
أولى خطوات فورست مع المكتب الشريف للفوسفاط في المغرب، تحمل مخططا من أربعة مشاريع رئيسية في المغرب، ويتعلق الأمر بقدرة إنتاج متكاملة واسعة النطاق للأمونيا الخضراء والأسمدة الخضراء، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وتوليد الطاقة، والتحليل الكهربائي، وتحرير الأمونياك وإنتاج الأسمدة؛ وتصنيع التكنولوجيا والتجهيزات الخضراء.
كما تشمل هذه المشاريع مركزا للبحث والتطوير والتكنولوجيا، يقع بالقرب من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية قرب مراكش، مخصص للبحث في الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر ومعالجة المعادن.