story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

وسطاء يبتزون الفلسطينيين لتهريبهم من غزة

ص ص

نبيل حانة

كشف تحقيق صحفي أجرته صحفية الغارديان البريطانية مؤخرا، أن النازحين الفلسطينيين يجبرون على دفع مبالغ كبيرة جدا لشبكة السماسرة والوسطاء، التي تدعي أنها على علاقة وطيدة مع أجهزة المخابرات المصرية، كرشوة من أجل مساعدتهم على الفرار إلى خارج غزة عبر مصر، مقابل مبالغ ضخمة من المال

وخلال المأساة الإنسانية التي فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، والتي شرد فيها العدوان المتواصل لأزيد من ثلاث أشهر أكثر من مليوني نازح، علِق العديد من النازحين اليائسين بمعبر رفح على الحدود البرية مع مصر، وقد كشف التحقيق بأن هناك شبكة من الوسطاء والسماسرة مقرها القاهرة، تستغل هذه المعاناة من خلال جني أموال طائلة عبر مساعدة الفلسطينيين اليائسين من الخروج من غزة مقابل دفع مبالغ مالية تتجاوز 10000 دولار.

وتتم عملية التهريب هذه، كما خلص التحقيق، عبر إقحام أسماء المحاصرين الذي دفعوا ضمن تلك اللوائح التي تسمى قوائم الخروج، والتي يتم التلاعب بها بشك يومي من طرف الجانب المصري، حيث يتم إدراج أسماء من دفعوا أكثر بشكل أسرع. وقد وصل الأمر بذلك إلى محاولة ابتزاز بعضهم بدفع مبالغ تفوق التصور من أجل إخراج أفراد عائلتهم المحاصرين داخل القطاع، حيث يتم الدفع نقدا داخل غزة أو عبر وسطاء يتواجدون بالدول الغربية.

وصرّح أحد الفلسطينيين الذي يقيم في الولايات المتحدة الامريكية، أنه تعامل مع هذه الشبكة المعقدة من السماسرة والوسطاء، من خلال إجراء اتصالات من داخل القطاع، حيث دفع لهم حوالي 9000 دولار، من أجل إضافة أسماء أفراد أسرته التي تتكون من زوجته وأبنائه، ضمن لوائح الخارجين من غزة، إلا أنه طولب في آخر لحظة أن يدفع المزيد من المال إن أراد إتمام الصفقة، حيث أجبر على دفع 3000 دولار أخرى، ورغم كل ذلك ما زالت أسرته لاجئة بإحدى المدارس غزة إلى حدود نشر التحقيق، حيث صرح قائلا: ”إن السماسرة يحاولون المتاجرة بدماء الغزيين”

مصر مقصرة؟

وتأتي هذه المعطيات في سياق اعتبار بعض المراقبين أن الدولة المصرية “ضالعة” في هذا الحصار المتواصل على القطاع بشكل أو بآخر، حيث تعد عنصرا فاعلا ورئيسيا في المفاوضات بشأن أزمة غزة، كما أن معبرها ”رفح” مع غزة يعد الشريان الرئيسي لتدفق المعونات والمساعدات الأساسية حتى قبل مرحلة الحرب، حيث كانت تدخل أكثر من 500 شاحنة مساعدات بشكل يومي، مقارنة بـأقل من 100 في اليوم منذ اندلاع العدوان على غزة في 7 من أكتوبر الماضي، إلاّ أن الحكومة المصرية تمتنع منذ فترة طويلة عن فتح المعبر أمام الفلسطينيين بحجة أنه يمكن للتدفق الكبير للاجئين أن يشكل تهديدا أمنيا خطيرا للدولة المصرية.

وقال الرئيسي المصري عبد الفتاح السيسي أن التدفق الجماعي للاجئين من غزة سيكون بمثابة عملية استباقية لتهجير بقية الفلسطينيين من داخل الضفة الغربية المحتلة نحو الأردن. من جانبه مهند صبري، وهو خبير في الشأن المصري الفلسطيني، قال إن الوسطاء “يستهدفون أكثر الأشخاص ضعفا.” ووصف الموقف المصري الرسمي من إقفال معبر رفح الحدودي مع غزة بأنه ”غطاء للفساد الحاصل على أرض الواقع. “وأضاف صبري: “هذا ليس فسادًا صغيرا، بل هو فساد على صعيد كبير من قبل الدولة المصرية.” هذا وقد رفضت رئيس الهيئة العامة للمخابرات المصرية التعليق على هذا الأمر.

جشع لا إنساني

لطالما نشطت هذه الشبكات السرية في قطاع غزة في إخراج الفلسطينيين إلى مصر مقابل المال، والذي كان يبلغ يصل إلى 500 دولار لقاء الفرد الواحد، إلا أن التحقيق وجد أنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي مطلع أكتوبر الماضي، ارتفع المقابل بشكل صاروخي ليبلغ بين 5000 و10000 دولار للفرد الواحد، فيما يتواصل المبلغ في التصاعد حيث كان 4000 دولار مطلع ديسمبر وهو الآن ما بين 6000 و10000 دولار.

وأشار التحقيق إلى قضية السيد بلال بارود، وهو فلسطيني من غزة يحمل الجنسية الأمريكية، والذي علق والده المريض بالإضافة إلى عشر أفراد من عائلته داخل غزة، بينهم أطفال صغار، حيث تم ابتزازه بدفع 85000 دولار إن أراد تهريبهم وإخراجهم إلى مصر، بعد فشل كل محاولته العديدة للاستنجاد من حكومة الولايات المتحدة والتي لم تحرك ساكنا ولم تلتفت لمعاناته والتماساته وتوسلاته عبر كل السبل المتاحة والتي واصل القيام بها طوال ثلاث أشهر من الحرب.

وقد اعتقل والد بلال، الذي يبلغ من العمر سبعين عاما، في وقت سابق، وقد كان ضمن تلك المجموعة من الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الصهيوني وانتزع ثيابهم وصفّد أيديهم من وراء ظهورهم قبل أن يتم اقتيادهم إلى الأسر، حيث أفرجت عنهم في وقت لاحق.

فيما صرح أحد الفلسطينيين المقيمين ببريطانيا، والذي استشهد العديد من أفراد عائلته داخل غزة: ‘’يجني هؤلاء الأشخاص أموالا طائلة من بؤس الآخرين. إنهم يائسون جدا ولا يرغبون إلاّ بالفرار لإنقاذ أروحهم، وبدلا من مد يد المساعدة، يحاول الوسطاء جني المزيد والمزيد من الأموال. إن كانت هناك أي طريقة للمساعدة على إخراج الناس من القطاع، فلماذا لا نساعدهم فحسب؟”

هذا وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم عن استشهاد أكثر من 24100 فلسطينيا وإصابة 60843 آخرين، معظمهم من المدنيين، بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.