story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
برلمان |

وزير الصحة يعلن التوصل إلى توافق بشأن مرسوم جديد لخفض أسعار الأدوية

ص ص

أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد يتعلق بالأدوية، من شأنه، عند المصادقة عليه، أن يحقق خفضاً ملموساً في أسعار الأدوية، “وذلك مع إرساء توازن بين حماية المستهلك وتحفيز التصنيع المحلي، وذلك في إطار إصلاح شامل للسياسة الدوائية الوطنية”.

وأوضح الوزير خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب يوم الاثنين 21 يوليوز 2025، أن النموذج الجديد المعتمد يرتكز على مقاربة تدريجية ومبتكرة، تشمل تقليص آجال مراجعة الأسعار، الحفاظ على الأدوية منخفضة السعر، وتشجيع الإنتاج المحلي، بما يضمن استقرار السوق ويوفر الدواء بشكل عادل وملائم لكافة المواطنين.

وأضاف المسؤول الحكومي أن المشروع بلغ مرحلته النهائية وسيُعرض قريباً على مسطرة المصادقة في مجلس حكومي مرتقب.

وأكد التهراوي أن هذا الورش الإصلاحي جاء ثمرة لمسار تفاوضي شاق، ضمن مقاربة تشاركية واسعة، شملت أكثر من 30 اجتماعاً مع مختلف الفاعلين في القطاع، من فدراليات صناعية وهيئات مهنية وصناديق التأمين.

مرصد ووكالة

وفي سياق متصل، أبرز الوزير أن الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، التي أُحدثت بموجب القانون 10.22، ستمثل حجر الزاوية في تنفيذ الإصلاحات، وترسيخ السيادة الدوائية، من خلال إشرافها على رقمنة التراخيص والإجراءات، واعتماد الذكاء الاصطناعي في تقييم الأبحاث السريرية، إلى جانب إطلاق منصة متكاملة للتتبع والدفع والتوقيع الإلكتروني.

كما أعلن التهراوي عن استعداد الوكالة لإحداث مرصد وطني للأدوية، سيضطلع بمهام رصد الأسعار، وتوقع الانقطاعات، وتحليل دينامية السوق، بما يعزز الشفافية ودقة اتخاذ القرار العمومي، ويضمن توازناً حقيقياً في سوق الأدوية بالمغرب.

ومن جانب آخر، كشف الوزير عن مشروع إحداث منصة لوجستيكية وطنية موحدة لتموين المؤسسات الصحية العمومية بالأدوية والمستلزمات الطبية، تستجيب لحاجيات المجموعات الصحية الترابية، مع تقليص الهدر الناتج عن الانقطاعات أو انتهاء صلاحية الأدوية، والذي يمثّل خسائر سنوية مرتفعة ضمن ميزانية قدرها 3,6 مليار درهم، مبرزا أن تفعيل هذا النظام سيتم بشكل تدريجي خلال 18 شهراً.

أما بخصوص تعزيز السيادة اللقاحية، فقد أعلن التهراوي عن انطلاق مشروع “ماربيو” بمدينة بنسليمان لتغطية 100% من حاجيات برنامج التلقيح الوطني بحلول 2027، مشيراً إلى توقيع عقود تموين مع الشركة تتعلق بثلاثة لقاحات رئيسية تشمل المكورات الرئوية والسحايا واللقاح السداسي، مع تخصيص أكثر من مليار درهم لتأمين 5,4 مليون جرعة خلال سنتي 2025 و2026.

وأشار الوزير إلى أنه يتابع هذا الملف بشكل مباشر، حيث تم إحداث لجنة علمية خاصة لتحيين الجدول التلقيحي الوطني والمصادقة على اللقاحات الأولى المصنّعة محلياً، موضحاً أن الشركة شرعت فعلياً في عملية الإنتاج مع توقعات أن تزوّد المنظومة الصحية بأول دفعات اللقاحات قبل نهاية 2025.

وشدد المسؤول الحكومي على أن هذا الورش “لا يعالج فقط اختلالات ظرفية، بل يؤسس لنموذج وطني دوائي ولقاحي جديد، يرتكز على السيادة والشفافية والتصنيع المحلي والتوزيع العادل، ضمن رؤية استراتيجية تضع صحة المواطن وكرامته في صلب الأولويات”.

وشدّد على أن هذا الإصلاح يروم ضمان العدالة في الولوج إلى الدواء، وترسيخ السيادة الصحية الوطنية، من خلال مراجعة عميقة وشاملة لنظام تسعير الأدوية، وإعادة هيكلة سلاسل التموين والتوزيع، وتوسيع التصنيع المحلي، مبرزاً أن القانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية يُعد لحظة فاصلة في هذا المسار، إذ نص صراحة على ضرورة إرساء سياسة دوائية وطنية تضمن الوفرة والجودة والتكلفة الملائمة للأدوية والمستلزمات الطبية.

وأشار التهراوي إلى أن أسعار الأدوية لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسر وعلى منظومة الحماية الاجتماعية، مشيراً إلى أن نفقات تعويض الأدوية ارتفعت بنسبة 31% ما بين سنتي 2022 و2024، وهو ما يشكل ضغطاً مباشراً على الميزانيات العمومية، خاصة بعد تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.

توسيع الأدوية المعوضة

وتعقيبا على الوزير، أكدت النائبة البرلمانية عن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، حكيمة سحاقي، أن الإصلاح العميق للسياسة الدوائية الوطنية يمر عبر تسريع تفعيل الركيزة الثانية المتعلقة بتسعير الأدوية وتوسيع لائحة الأدوية المشمولة بالتعويض، وذلك من خلال اعتماد إجراءات عادلة وشفافة، ومقاربة رقمية شاملة تهم الترخيص والتسويق والمراقبة.

وأوضحت المتحدثة أن ترشيد أسعار الأدوية، سواء الأصلية أو الجنيسة، يجب أن يكون أولوية، على أن يتم ذلك دون المساس بفعاليتها ونجاعتها العلاجية، مشيرة إلى وجود أدوية حيوية لا تزال خارج دائرة الاهتمام.

وذكرت على وجه الخصوص دواء تشمع الرئة، الذي يتراوح ثمنه ما بين 25.000 و27.000 درهم للجرعة الواحدة، بالإضافة إلى أدوية أخرى، التي تعرف خصاصاً أو غياباً في السوق، رغم الحاجة الملحة لها من طرف المرضى.

وشدّدت سحاقي على أهمية تعزيز الأمن الدوائي الوطني عبر تشجيع الابتكار في الصناعة الدوائية المحلية، وتقليص الاعتماد على السوق الدولية التي تتسم بالتقلبات والاضطرابات في سلاسل التوريد، كما ظهر جلياً خلال الجائحة الصحية الأخيرة.

واعتبرت أن تحسين ولوج المواطنين إلى الأدوية يجب أن يتم وفق منظور منسق ومستدام، مع تقليص الكلفة المباشرة التي ترهق الأسر، خاصة من ذوي الدخل المحدود.

وتوقفت المستشارة البرلمانية عند مشكل فقدان بعض الأدوية من رفوف الصيدليات، رغم وصفها من طرف الأطباء، وعدم استفادتها من التعويض من طرف صناديق التأمين، “ما يشكل عبئاً إضافياً على المرضى وذويهم”، كما طالبت بتسريع إدراج هذه الأدوية ضمن لائحة الأدوية القابلة للتعويض، في إطار مراجعة دورية شفافة.

وفي سياق متصل، سلّطت سحاقي الضوء على معضلة ارتفاع تكاليف العلاج داخل المصحات الخاصة، مشيرة إلى استمرار اعتماد ما يسمى بـ”شيك الضمان” كشرط لولوج خدمات الاستشفاء.

ووصفت هذا الإجراء بأنه يمثل عائقاً خطيراً أمام الفئات الهشة، التي تجد نفسها محرومة من العلاج في غياب هذا الشيك، في خرق واضح لحق المواطنين في الصحة والكرامة.