story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

هيئة النزاهة تحذر من “ثغرات قانونية” تعرقل محاكمة الفاسدين وحجز أموالهم

ص ص

قدمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها جملة من الملاحظات حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرة أن التعديلات المقترحة غير كافية لتحقيق الفعالية المطلوبة في مكافحة جرائم الفساد.

وركزت ملاحظاتها على أوجه القصور في قواعد الاختصاص الاستثنائي، وضعف آليات تجميد وحجز عائدات الفساد، فضلاً عن محدودية تفعيل مبدأ إطلاع الرأي العام.

تعزيز قواعد الاختصاص الاستثنائية

وفي هذا الإطار، ترى الهيئة أن التعديلات المقترحة على قواعد “الاختصاص الاستثنائية”، غير كافية لضمان فعالية مكافحة جرائم الفساد، إذ تحتاج هذه القواعد إلى مراجعة شاملة تتيح متابعة المسؤولين بغض النظر عن مناصبهم أو رتبهم الوظيفية.

كما أشارت الهيئة إلى أن المشروع لا يتوافق مع متطلبات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، التي تؤكد على ضرورة إيجاد توازن بين الامتيازات القضائية وفعالية تنفيذ القانون، لمنع إفلات المسؤولين من المحاسبة.

وفيما يتعلق بالمادة 265 من القانون، ورغم إشادة الهيئة بإدراج إمكانية المطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض، إلا أنها انتقدت غموض النص وعدم وضوح حقوق الطرف المدني في التدخل أثناء مراحل التحقيق أو المحاكمة، معتبرة أن هذا الغموض “قد يفتح الباب لتفسيرات تحد من فعالية هذا التعديل وتؤثر سلباً على شفافية المسطرة القضائية”.

من جانب آخر، انتقدت الهيئة “غياب معالجة دقيقة لإشكالية احتساب أجل التقادم في القضايا الخاضعة لقواعد الاختصاص الاستثنائية”، حيث حذرت من أن “غياب تحديد واضح لسريان مدة التقادم قد يؤدي إلى إسقاط القضايا قبل اتخاذ قرار المتابعة”، كما أن “عدم إلزام الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأجل محدد للبت في هذه القضايا يزيد من خطر الإفلات من العقاب”.

إصلاح قوانين تجميد عائدات الفساد

ومن ضمن الملاحظات التي قدمتها الهيئة أيضًا، أشارت إلى وجود نقص تشريعي واضح فيما يتعلق بتجميد وحجز العائدات الناتجة عن جرائم الفساد، موضحة أن “الإطار القانوني الحالي لا يمنح النيابة العامة أو قاضي التحقيق صلاحيات واضحة لتجميد الأموال المشبوهة أثناء مراحل التحقيق، ما يعطل استرجاع الأموال المنهوبة”.

وتابعت أن “غياب ضوابط قانونية واضحة لتجميد وحجز الأموال يتيح المجال لإساءة استخدام الأصول المجمدة، ويحد من فعالية التحقيقات في قضايا الفساد”، كما انتقدت “غياب نصوص قانونية تلزم المؤسسات المالية بالتعاون مع السلطات القضائية، وتوفير المعلومات اللازمة دون الاحتماء بمبررات السر المهني، مما يعوق، بحسب الهيئة، تتبع مسارات الأموال المشبوهة وكشفها”.

بالإضافة إلى ذلك، انتقدت الهيئة “غياب إطار قانوني واضح لتنفيذ عقوبة المصادرة، فضلا عن ضعف التنسيق بين المؤسسات القضائية والإدارية فيما يخص مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، داعية في هذا السياق، إلى إنشاء مؤسسة عمومية تحت إشراف وزارتي العدل والمالية لتولي مهام الحجز والمصادرة وضمان فعالية تنفيذها.

توسيع نطاق إطلاع الرأي العام

في سياق آخر، ثمنت الهيئة توجه مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية نحو تثبيت مبدأ إطلاع الرأي العام، مع مراعاة حماية قرينة البراءة والمعطيات الشخصية، وأشادت بالإجراءات التي تسمح للشرطة القضائية بنشر بلاغات حول القضايا المسجلة وتعيين قضاة للنيابة العامة كناطقين رسميين للتواصل مع الجمهور.

غير أن الهيئة لاحظت في المقابل، أن الصيغة المعتمدة في المشروع “تضيق من نطاق تفعيل مبدأ إطلاع الرأي العام، من خلال حصره ضمن سلطة النيابة العامة وباستخدام آليات إلزامية ضعيفة مثل “الجواز” و”عند الاقتضاء”، حيث اعتبرت أن هذا النهج “قد يحد من فعالية تطبيق هذا المبدأ”.

وانطلاقاً من هذه الملاحظات، أوصت الهيئة بضرورة تدقيق التعديل المقترح بحيث يُفعل مبدأ إطلاع الرأي العام في القضايا التي تهم الجمهور أو لتجنب نشر معلومات غير دقيقة أو للحفاظ على النظام العام، كما أكدت على أهمية قيام النيابة العامة بإطلاع الرأي العام تلقائياً أو بطلب من القضاة أو أطراف الدعوى، وضمان تقديم تحديثات منتظمة في القضايا التي تستمر لفترات طويلة”.

وخلصت الهيئة المختصة بمحاربة الفساد، إلى أن تعزيز الشفافية في القضايا الرائجة أمام المحاكم يتطلب تقوية ضمانات إطلاع الرأي العام على هذه القضايا والإجراءات المتخذة فيها، موضحة أن هذا التعزيز من شأنه أن يرفع من ثقة المواطنين في النظام القضائي، ويساهم في تعزيز نزاهته وفعاليته.