هل تصطدم طموحات المغرب في إنتاج الهيدروجين الأخضر بضعف الطلب عليه ؟
في ظل التحول العالمي نحو الطاقات الخضراء، يسعى المغرب إلى الاستفادة من هذا التحول و الانضمام إلى ركب الدول التي ستسعى إلى التموقع كمزود أساسي للدول في هذا السوق، خاصة في مجال الهيدوجين الأخضر، حيث كان المغرب قد أعلن عن إطلاقه “عرض المغرب” من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، لإعطاء دفعة قوية للاستثمارات في هذا المجال.
ورغم هذا الطموح تبرز مخاوف كثيرة عن مدى مردودية هذه المشاريع مستقبلا، خصوصا في ظل انخفاض الطلب العالمي على هذه المادة دون أي مؤشرات ملموسة عن ارتفاعها مستقبلا، حيث كانت دراسة نُشرت في مجلة “Nature” أبرزت أن الأهداف المناخية العالمية مهددة بسبب ندرة الهيدروجين على المدى القصير وعدم اليقين بشأن كيفية استخدامه على المدى الطويل.
وأبرزت الدراسة أنه حتى إذا نمت قدرة إنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي (الهيدروجين الأخضر) بنفس سرعة نمو طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن الهيدروجين المنتج بهذه الطريقة سيلبي أقل من 1 بالمائة من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2030، وفقًا لما وجده الباحثون.
من جانبه أكد الخبير الطاقي عبد الصمد ملاوي أن هناك مجموعة من التحديات التي لا زال العالم بصفة عامة والمغرب خاصة يسعى لإيجاد حلول لها وهي مشاكل ستؤثر على الانتاج والتكلفة في بداية اعتماد الهيدروجين الأخضر، مفسرا أن هذه التحديات مرتبطة أساسا بالنقل والتخزين بالإضافة إلى جوانب البنية التحتية المرافقة لانتاج هذه المادة.
وأوضح الخبير أن هناك تحديات تتعلق بالبنية التحتية للإنتاج انطلاقاً من التحليل الكهربائي، حيث يستوجب هذا الأمر إيصال الكهرباء الخضراء إلى المناطق المعنية بالإنتاج، كما أن هناك تحدييا قائماً يتعلق بنوعية التقنية المعتمدة حيث أن هناك عدة تقنيات، مضيفا أنه لتبني التقنية الأقل تكلفة، يجب إنشاء مجموعة من المنشآت الخاصة بالتحليل الكهربائي وتوفير الماء المناسب، لأنه ليس كل ماء يصلح للتحليل الكهربائي، حيث يجب استخدام الماء المستخرج من الآبار أو انطلاقاً من محطات تحلية مياه البحر، وهو ما يزيد من التكلفة والحاجة إلى المنشآت والبنيات التحتية.
وتابع ملاوي أن هناك تحديات أخرى متعلقة بالتخزين والنقل، مؤكدا أن التحديات التي يعمل العالم لإيجاد حلول لها تشكل في البداية عائقا وقد تكون سببا في رفع التكلفة نسبيا في البداية فقط، مبرزا أنه عندما تنجز هذه البنية التحتية فيما بعد ستنخفض التكلفة بشكل كبير.
في هذا السياق، أبرز أن هناك دراسة لوكالة الطاقة الدولية كشفت أن تكلفة للهيدروجين الأخضر ستنخفض من ما بين 3 إلى 6 دولار عن كل كيلوغرام خلال هذه السنة، إلى ما بين 1.3 إلى 3.5 للكل كيلوجرام بحلول 2030، وذلك عندما تكون هذه الصناعة قد انطلقت بشكل كبير في عدد من بقاع العالم.
وأردف الخبير أن المغرب سيلعب دورا كبيرا في تزويد الأسواق العالمية بهذه المادة خاصة الأسواق الأوروبية نظرا لقربه الجغرافي منها، لافتا إلى أن المغرب سيلبي ما بين 5 الى 10 بالمائة من الطلب الأوروبي حسب بعض الدراسات، حيث أن 70 بالمائة من إنتاج المغرب من الهيدروجين سيكون موجها نحو التصدير.