هل اقترب زمن الانفراج بين المغرب والجزائر؟

تتحدث وسائل الإعلام وبعض المحللين هذه الأيام عن قرب تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر وقرب الطي النهائي لقضية الصحراء المغربية، وقد زادت من جرعة الأمل التصريحات الإيجابية لبعض المقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا. غير أن هذه التوقعات المتفائلة تصطدم بواقع إقليمي لم يطرأ عليه أي تغيير جوهري، إذ ما تزال بنية النظام الإقليمي المغاربي -التي كان سببا في نشوء قضية الصحراء- على ”الوضع الراهن“، كما أن العلاقات بين المغرب والجزائر ما تزال محكومة بمحددات بنيوية في هذا النظام الإقليمي، الذي تشكل في مرحلة ما بعد الاستقلال – أو حتى قبلها…
وفي ظل النظام الدولي الراهن المتسم بالاستقطاب الحاد بين القوى الكبرى الثلاث (الولايات المتحدة والصين وروسيا) والذي ينعكس مباشرة على قرارات مجلس الأمن،
فإنه رغم التصريحات الإيجابية لبعض المقربين من الرئيس ترامب بشأن قرب التوصل إلى حل نهائي للأزمة السياسية والدبلوماسية بين المغرب والجزائر، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن إدارة ترامب لم تنجح في حل معظم القضايا التي وعدت بها، وحتى وقف إطلاق النار في غزة يبدو أقرب إلى استراحة محارب منه إلى بداية مسار سلام طويل الأمد.
فبناء على ذلك، أرى ما يلي:
أولًا: لا أتوقع حدوث تحول جوهري في العلاقات بين المغرب والجزائر، بل أقصى ما يمكن تحقيقه هو البدء بإجراءات استئناف العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء. أما تطبيع العلاقات بشكل كامل فسيحتاج إلى سنوات كثيرة، إن لم نقل عقودا.
ثانيا: قد يتضمن قرار مجلس الأمن القادم بشأن الصحراء بعض التقدم، لكن ليس بالمستوى الذي يتوقعه الكثيرون، لأن روسيا – وإلى حد ما الصين – لن تمنح الإدارة الأمريكية إنجازا سياسيا كبيرا وواضحا في ظل حالة الاستقطاب الدولي الراهنة.
ثالثا: ما سيصدر من تصريحات وبيانات من كل من الجزائر والبوليساريو سيكون أقرب إلى مناورات سياسية لالتفاف على ضغوط بعض القوى الكبرى التي تدعم الموقف المغربي، وخصوصا أمريكا وفرنسا.
رابعا: ما تهدف إليه الاستراتيجية المغربية ليس بالضرورة ما يعلن عنه…
ما قلته هنا لا ينقص إطلاقا مما حققته الدبلوماسية المغربية من إجازات تاريخية خلال السنوات الأخيرة، ولا يتنافى أيضا مع إيماني العميق بوحدة شعوب المنطقة وضرورة تكامل دولها.
أرجو أن تحل قضيتنا الوطنية حلا نهائيا في أقرب وقت ممكن.