هل أثر غضب المغاربة على مسار العلاقات مع إسرائيل وأمريكا؟
يواصل المغاربة تفاعلهم مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بالمشاركة في المسيرات الداعمة للفلسطينيين والمظاهرات، وإطلاق حملات لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل في عدوانها وإدانة السياسات الأمريكية والغربية لتواطؤ واشنكن في الجرائم المرتكبة في غزة، متشبثين بمطلب وقف المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، في وقت لا يظهر سلوك المسؤولين السياسيين أي مؤشرات حول احتمال تجاوب رسمي مع مطلب وقف التطبيع.
علاقات المغرب بأمريكا تتوطد رغم الاحتجاجات
في أوج الاحتجاجات في المغرب، يواصل المسؤولون المغاربة تدبير علاقاتهم السياسية مع الدول الداعمة للحرب الإسرائيلية على غزة بمعزل عن الضغوط الشعبية.
وفي السياق ذاته، استضافت وزارة الخارجية الأمريكية، بداية هذا الأسبوع وفدا مغربيا رفيع المستوى، يقوده المدير العام لوزارة الخارجية المغربية فؤاد يازورغ ويضم كبار المسؤولين في قطاعات الخارجية والدفاع والداخلية والأمن والاستثمارات والوكالة المغربية للتعاون الدولي.
واجتمع المسؤولون في البلدين في إطار فريق العمل الأمريكي المغربي الإفريقي في واشنطن، برئاسة النائب الأول لمساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية جوناثان برات، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جوشوا هاريس، وبمشاركة مسؤولين أمريكيين كبار من وزارة التجارة، ووزارة الدفاع، ومؤسسة تمويل التنمية الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومكتب الممثل التجاري الأمريكي.
المحادثات بين المسؤولين المغاربة والأمريكيين في هذا الاجتماع الذي ينعقد بالتزامن مع المجازر الاسرائيلية في غزة، همت التشاور بشأن الجهود المتبادلة في جميع أنحاء القارة الأفريقية لتعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين، وتوسيع العلاقات التجارية والاقتصادية، وتعزيز الحوكمة والشراكات التنموية.
مواصلة لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل
من جانب آخر، تتخذ العلاقات بين المغرب وإسرائيل مسارها العادي بمعزل عن تطور الأحداث، حيث يواصل الجانبان تفعيل الاتفاقات السابقة، دون أي تغير في المخططات المرسومة.
وفي هذا السياق أعلنت شركة تكنولوجويا الدفاع الإسرائيلية “إلبيرت سيستمز” عن توصلها لاتفاق يفتح لها الباب لإبرام عقد بناء مصنع للذخيرة بقيمة 135 مليون يرجح أنه مع المغرب، وسيتم تنفيذ العقد في مدة عامين.
ولم تذكر الشركة اسم الدولة التي وقعت معها الاتفاق، غير أن منتدى فار ماروك المقرب من القوات الملكية المسلحة المغربية شارك هذا الإعلان على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعية.
وبالرغم من أن الشركة لم تشر في هذا الإعلان بشكل مباشر إلى البلد أو الموقع الذي ستنفذ فيه استثمارها الجديد، إلا أن تصريحا للرئيس السابق لمكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، شاي كوهين، كان قد كشف عن تخطيط الشركة الإسرائيلية المتخصصة في أنظمة الدفاع، فتح فرعين لها بالمغرب أحدهما بمدينة الدار البيضاء، وذلك في ندوة صحافية كان قد عقدها بتاريخ شهر يونيو الفارط.
إسرائيل تنحني للعاصفة وتواصل الدعاية
سحبت إسرائيل طاقمها الأجنبي من مكتب اتصالها في العاصمة الرباط بشكل غير معلن، بعد عشرة أيام من بداية معركة “طوفان الأقصى” بعدما تزايدت حدة الاحتجاجات في الشارع المغربي ضد الوجود الإسرائيلي، مفضلة الانحناء للعاصفة.
جميع العاملين بمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط غادروا نحو إسرائيل، بعدما قاموا بتجميد جميع أنشطتهم القنصلية والدبلوماسية، فيما واصلوا محاولات تأثيرهم على الرأي العام المغربي من مقامهم في إسرائيل.
رئيس مكتب الاتصال الاسرائيلي دافيد غوفرين ونائبه إيال دافيد حولوا حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي إلى منصبة لمخاطبة المغاربة بلغتهم، معنمدين على مقاطع فيديو يسجلها إسرائيليون بلهجة مغربية، لمحاولة إقناع المغاربة بالموقف الإسرائيلي.
استمرار الغضب الشعبي ومطلب “إسقاط التطبيع”
التوجه الرسمي نحو الحفاظ على مستوى العلاقات المغربية الأمريكية بمعزل عن التطورات في القضية الفلسطينية، يقابله تزايد للاحتجاجات المغربية تضامنا مع الفلسطينيين.
وخرج المئات من المتظاهرين المغاربة مساء أمس الثلاثاء، للاحتجاج في عدد من المدن المغربية ضد تزايد المجازر الإسرائيلية في غزة، ومن بين الاحتجاجات وقفة حاشدة نظمت أمام القنصلية الأمريكية في الدار البيضاء.
على المستوى السياسي الداخلي، خفت صوت الأحزاب المتفاعلة مع الأحداث في قطاع غزة، إلا من حزب العدالة والتنمية الذي حافظ على إصدار بلاغات بصفة منتظمة تدين الاعتداءات وتتشبث بمطلب وقف العلاقات المغربية مع إسرائيل وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، ينضاف إليه حزب التقدم والاشتراكية الذي أصدر بلاغا جديدا يدين فيه المجزة الأخيرة التي اقترفها الاحتلال في حق سكان غزة بقصف مخيم وقتل 400 فلسطيني دفعة واحدة.
