هجمات سيبرانية متواصلة.. خبراء يدعون إلى اليقظة وأخذ التهديد بالجدية اللازمة

في سياق مسلسل الهجمات السيبرانية التي طالت عددا من المواقع الإلكترونية لمؤسسات رسمية، توقف، منذ الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 13 أبريل 2025، الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عن العمل، في حادثة تثير شكوكاً حول تعرضه لهجوم سيبراني، يُرجّح أن تكون وراءه جهات جزائرية.
وعند محاولة الولوج إلى الموقع، تظهر رسالة على الشاشة تُفيد بعدم إمكانية الوصول إليه لأسباب تقنية. ويعزز هذا المعطى فرضية تعرض الموقع لهجوم إلكتروني محتمل، أو أنه تم توقيفه بشكل احترازي لتفادي اختراق أوسع أو تسريب بيانات حساسة.
ويأتي هذا التوقف وسط تحذيرات خبراء من تنامي التهديدات الرقمية التي تستهدف المؤسسات الحيوية، ودعوات إلى تعزيز منظومة الأمن السيبراني الوطني لمواجهة هذه المخاطر المتزايدة.
وفي هذا الصدد، حذر الخبير في الأمن السيبراني الطيب الهزاز، من احتمال استمرار هذا الوضع في غياب تحليل جدي لفعالية المواقع المغربية وملاءمتها لأهداف “مغرب رقمي 2030”.
وقال الهزاز، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنه من الممكن أن يستمر هذا الوضع إلى حين الوقوف على مدى نجاعة المواقع المغربية بعد القيام بتحليل جدي. وأضاف “نحن نعمل مع شركائنا على تقييم بعض هذه المواقع وتحليل فعاليتها، ورصد ثغراتها، ومعرفة ما الذي تحتاجه لتكون أكثر فعالية في مواجهة مثل هذه الاختراقات”.
وأشار الهزاز إلى أن توقف مواقع مثل موقع وزارة الفلاحة أو مديرية الضرائب، ولساعات طويلة، هو “دليل على أنها لا تتوفر على آليات الحماية الكافية”.
ويرى المتحدث أن التحركات الحكومية الحالية لا ترقى إلى مستوى التهديد، مشيراً إلى أن “الهجمات التي نشهدها مؤخراً بدأت للتو، والمؤشرات تدل على أنها تتفاقم، خاصة في ظل الإشراف عليها من قبل جهات داخل الجزائر أو تونس أو دول أخرى تقف وراءها، بهدف خلق شعور بالانتصار السيبراني على المغرب”.
وأوضح الهزاز أن الجزائر شرعت منذ ثلاث سنوات في تشكيل ما سمّاه بـ”ميليشيات سيبرانية” تنشط داخل وخارج البلاد، موزعة بطريقة يصعب تعقّبها. وأكد أن هذه الجماعات قادرة على تنفيذ هجمات تستهدف دولاً والتأثير في قراراتها.
وشدّد الخبير المغربي على ضرورة تحرّك عاجل من طرف الحكومة المغربية، قائلاً: “نحن كخبراء نتابع تحركات زملائنا في دول متعددة، ونشتغل كوسطاء في سبيل وقف هذه الهجمات التي لا تصب في مصلحة لا المغرب ولا الجزاٍئر”.
وتابع: “تدخلنا منذ البداية، مثلما سبق لنا أن تدخلنا في 2023 و2024، بشراكة مع عدد من الخبراء في دول أخرى، من أجل احتواء مثل هذه الأوضاع”.
وحذر الهزاز من خطورة هذه الهجمات، قائلًا: “على الحكومة أن تدرك ما الذي قد يحدث، خاصة وأن المغرب مقبل على أحداث دولية كبرى مثل كأس إفريقيا أو كأس العالم. يجب التعامل مع هذا الخطر بالجدية اللازمة”.
وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير في التطوير المعلوماتي، حسن خرجوج، أن الهجمات الأخيرة يبدو “مخططاً لها بعناية فائقة”، مشيراً إلى أن الجزائر قد أطلقت ما وصفه بـ”هجوم خطير للغاية” يُدار ضمن ما يُعرف في أوساط الأمن السيبراني بخطة “Kill “Chain.
وأوضح خرجوج أن هذه الخطة تعتمد على تنفيذ اختراقات لقواعد البيانات، يليها مباشرة شنّ هجمات حجب الخدمة بهدف فتح عدة جبهات رقمية في وقت واحد، مضيفاً: “الهدف الأساسي هو إنهاك الفرق التقنية، وشغلها بتفاصيل تقنية ثانوية، تمهيداً لتوجيه ضربة أكثر خطورة.”
ونبّه إلى أن المرحلة القادمة قد تشهد هجمات أكثر تعقيداً، محذراً من خمس تهديدات كبرى مرتقبة، تشمل “نشر برمجيات الفدية (Ransomware)، التي “تهدف إلى تشفير البيانات وطلب فدية مالية مقابل استرجاعها..
إضافة إلى التلاعب بالبيانات (Data Tampering)، التي “لا تقتصر على سرقة المعلومات، بل تتعداها إلى تعديل البيانات بطرق قد تُحدث أضراراً قانونية وتجارية”، وفقاً للمتحدث.
كما لفت إلى ما يتعلق بالتجسس طويل الأمد (APT) الذي يتم من خلال زرع أبواب خلفية (Backdoors) “تُمكّن المهاجمين من التسلل بشكل مستمر دون اكتشافهم”، فضلاً عن “تدمير البنية التحتية الرقمية”، موضحاً أنه في حال كان الهدف تخريبياً، “من الممكن إتلاف السيرفرات أو حذف النسخ الاحتياطية”.
كما حذر حسن خرجوج من التسريب الإعلامي (Leaks)، الذي يؤدي إلى استغلال البيانات المسروقة بهدف التشهير أو الابتزاز أو التأثير على سمعة مؤسسات أو أفراد، منبهاً إلى أن القادم قد يكون أخطر بكثير مما نراه الآن، ويجب على الجميع أن يكون في أقصى درجات اليقظة.