story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

هجرة “15 شتنبر”.. هل ينهي إدماج مليون شاب مغربي في منظومة التكوين والشغل حلم الرحيل؟

ص ص

عاشت مدينة الفنيدق اليوم، الأحد 15 شتنبر 2024، على وقع طوفان بشري من الشباب المغاربة الساعين إلى الهجرة إلى الضفة الشمالية من حوض المتوسط عبر مدينة سبة المحتلة، ما ترتب عنه اشتباكات عنيفة بين القوات العمومية والمهاجرين أسفرت عن توقيعات بالآلاف حسب مراقبين حقوقيين في المنطقة.

وتتقاطع هذه الموجات المتتالية من محاولات ترك الوطن بشكل غير نظامي من قبل شباب لا تتجاوز أعمار معظمهم 30 سنة مع ما أعلنه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة دستورية) قبل أربعة أشهر ضمن رأي جديد يكشف أن ما يعادل مليون فرد ونصف تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة يوجدون خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق الشغل.

ويرصد تقرير “شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين “NEET”، أسباب هذه الظاهرة التي تُعد من محفزات تفكير عشرات الآلاف من الشباب المغاربة في خيار الهجرة غير النظامية إما عبر مياه المتوسط والأهلي أو من خلال اقتحام السياج الحدودي مع المدينتين المحتلتين شمال البلاد.

ويُبرز حجم هذه الظاهرة، حسب المجلس الاقتصادي الاجتماعي البيئي، محدودية السياسات العمومية الرامية لتحقيق إدماج للشباب، “ولاسيما بالنسبة لهذه الفئة الهشة، التي غالباً ما ينضاف لهذه الهشاشة مجموعة من العوامل المتداخلة قد تطرأ خلال مختلف مراحل حياة الشباب، مما يزيد من حدة و تعقيد ظاهرة شباب NEET”.

وفي هذا الصدد، يتوقف رأي المجلس عند ما يعدّه ثلاثة انقطاعات حاسمة يتعلق أولها بالهدر المدرسي ما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 331.000 تلميذ يغادرون المدرسة سنوياً لأسباب متعددة من أهمها “الرسوب المدرسي والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، لاسيما في الوسط القروي”، فضلاً عن نقص في عروض التكوين المهني.

كما تسهم حواجز سوسيو-اقتصادية أخرى في تفاقم حدة هذا الوضع مث الإكراهات الاجتماعية والثقافية والعائلية، وتزويج القاصرات وتشغيل الأطفال ووضعية الإعاقة، وغيرها.

أما عند الانتقال من الحياة الدراسية إلى سوق الشغل، فيصطدم 6 باحثون عن أول فرصة شغل من أصل 10 شباب عاطلين بالعديد من الإكراهات قد تصل حد الإحباط.، وهو ما يُعزى إلى “عدم ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق الشغل بالإضافة إلى الفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل”، بينما تتأثر النساء بشكل خاص بعوامل أخرى مثل التمييز بين الجنسين وضغط الأعباء المنزلية، لاسيما وأنهن يشكلن النسبة الأكبر في فئة NEET والتي تفوق 72 في المائة.

ويعد الانتقال بين وظيفتين نتيجة فقدان الشباب لوظائفهم أو توقفهم طواعية عن العمل بحثاً عن فرص أفضل أحد الانقطاعات الثلاثة الحاسمة التي تدفعهم إلى البقاء خارج منظومة الشغل، حيث إلى جانب الأسباب العرضانية المرتبطة بتقلبات الظرفية وهشاشة النسيج المقاولاتي، قد يُعزى انقطاع المسار المهني للشباب إلى عوامل مرتبطة بعدم احترام شروط الشغل اللائق، ناهيك عن تدني مستويات الأجور بالمقارنة مع “بروفايلاتهم” وكفاءاتهم.

ويوصي المجلس الاقتصادي الاجتماعي البيئي بتبني مقاربة دامجة ترتكز على خمسة محاور أساسية، يتعلق المحور أولها بتعزيز قدرات رصد وتتبع شباب NEET والفئات الهشة من الشباب من خلال إنشاء نظام معلوماتي وطني ذي امتداد جهوي لرصدهم وتتبع مساراتهم، يضم معطيات متقاطعة من مصادر متعددة مثل السجل الاجتماعي الموحد، وإحصائيات مستمدة من القطاعات المعنية وغيرها.

ويهدف المحور الثاني إلى وضع تدابير وقائية تفادياً لوقوع فئات جديدة من الشباب في هذه الوضعية، وذلك من خلال ضمان فعلية “إلزامية التعليم حتى سن السادسة عشرة، و اقتراح التدابير الضرورية للتأهيل وإعادة الإدماج، مع تعزيز دور الأسر والأطراف المعنية على المستوى المحلي’، إضافة إلى تعميم المدارس الجماعاتية في العالم القروي، مع تحسين مستوى تجهيزها بالمرافق الضرورية وتوسيع نطاق خدمة النقل المدرسي، “وتعزيز العرض العمومي في التكوين المهني بالمناطق القروية، مع ملاءمة التخصصات مع الاحتياجات الخاصة بكل جهة ومجال ترابي”.

أما المحور الثالث فيتوخى، حسب رأي المجلس، إرساء منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه هؤلاء الشباب نحو حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة عبر “تطوير شبكة مكثفة من بنيات الاستقبال والاستماع والتوجيه، تُغطي كل الجماعات الترابية وتخضع لميثاق موحد يُحدد أدوار وأنشطة ومسؤوليات مختلف الفاعلين المعنيين”، بينما يستهدف المحور الرابع تحسين خدمات وبرامج إدماجهم من حيث الجودة و الفعالية، ويشمل ذلك بالأساس تحسين جودة وفعالية الخدمات الموجهة لإدماج الشباب في سوق الشغل، وتوفير مواكبة ملائمة لوضعية وحاجيات شباب NEET من أجل الرفع من قدراتهم المهنية وقابليتهم للتشغيل، وذلك من خلال إرساء إطار تعاقدي يتلاءم مع القطاع الخاص أو القطاع الثالث.

ومن شأن هذه التدابير تيسير عملية إدماج الشباب في منظومة التعليم أو التكوين، ومساعدتهم على إيجاد فرص التدريب أو الشغل، فضلاً عن توفير المواكبة القبلية والبعدية لإنشاء المقاولات، وفق تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي البيئي الذي ينبه إلى أن المحور الخامس يهدف إلى وضع “إطار للحكامة يرتكز على تقوية التقائية مختلف البرامج وتكاملها، فضلاً عن التنسيق المستمر بين مختلف الفاعلين المعنيين”.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الحقوقيون والفاعلون السياسيين مبادرات جادة من قبل الحكومة في اتجاه إدماج الشباب ونهج مقاربة اجتماعية أكثر من كونها أمنية لكبح موجات الهجرة، والتي يعد آخرها ما تعيشه مدينة الفنيدق ومحيط سبتة المحتلة الأحد 15 شتنبر 2024، وهو اليوم الذي يوافق تاريخ مبادرة أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل تنظيم عملية هجرة جماعية للشباب المغاربة نحو الثغر المحتل.

وكان محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان قال في وقت سابق، لـ”صوت المغرب”، إن التقديرات تشير إلى أنه تم توقيف ما يقارب الخمسة آلاف مغربي في العملية الأمنية التي رافقت هذه الدعوة للهجرة الجماعية في “15 شتنبر”، وذلك في ظل غياب معطيات رسمية.

وأشار بنعيسى، إلى أن أعداد المغاربة الذين وصلوا إلى محيط سبتة المحتلة ضئيل جدا بالمقارنة مع عدد المشاركين في العملية ككل، مشيرا إلى أن أغلب الشباب، تم توقيفهم في مدن مغربية مختلفة، لمنع وصولهم إلى محيط سبتة المحتلة.

وعن تفاصيل الموقوفين، أكج بنعيسى إلى أن جلهم قاصرون، وقال إنه تم تسجيل مشاركة أطفال في عمر تسع وعشر سنوات، مضيفا أن هناك كذلك شباب من عمر العشرين و 24 سنة من ضمن المتجاوبين مع دعوة الهجرة.