“هاديس”.. عملية قادت لاكتشاف نفق تهريب المخدرات بين المغرب وسبتة المحتلة

“هاديس” هو اسم إله العالم السفلي في الميثولوجيا اليونانية القديمة، والذي يرمز للمكان المظلم تحت الأرض الذي يُعتقد أنه المصير النهائي لأرواح الموتى، لكن في سبتة، تحت الأرض، لم تكن هناك أرواح ولا موتى، بل كان هناك نفق لتهريب المخدرات.. وبكميات هائلة.
“أطنان من الحشيش كانت تتدفق من المغرب عبر هذا النفق، ليتم تحميلها في شاحنات تعبر البحر نحو إسبانيا، وقد كان هذا المسار نشطًا منذ عام 2023 على الأقل، حيث كان يعمل بكامل طاقته” تقول صحيفة “إلفارو” التي تُنشر في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
اختار الحرس المدني الإسباني تسمية عملية اكتشاف هذا النفق باسم “هاديس”، وذلك بعد سنوات من الشكوك حول وجود نفق مخفي في مكان ما قرب الحدود، وهو ما تم التأكد منه أخيرًا خلال العملية الأمنية الأخيرة.
وكشفت الصحيفة الإسبانية “إلفارو” أن عمق النفق يبلغ 12 مترًا ويمتد لمسافة 50 مترًا باتجاه المغرب ومدعّم بالأخشاب ومُجهز لعبور الحشيش من نقطة التهريب إلى الشاحنات.
لم يكن مجرد إشاعة
تقول الصحيفة الإسبانية إن الحرس المدني الإسباني لم يكن الجهة الوحيدة التي اشتبهت في وجود هذا النفق، “بل سبق للشرطة الوطنية (الإسبانية) أيضًا أن وضعت فرضية مماثلة، لكنها كانت تعتقد أن النفق قد يُستخدم لتهريب المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يظهرون فجأة في المدينة دون معرفة كيف دخلوا”.
وأضاف المصدر ذاته، أنه بالنسبة “للحشيش”، فقد لاحظت وحدات الأمن أن هناك خللاً واضحًا في عمليات التهريب خصوصا بوقوعها المتكرر، متسائلة كيف يمكن العثور على شاحنات محملة بالحشيش في مدن مثل ملقة وإشبيلية وميناء الجزيرة الخضراء، بينما لم يتم تسجيل أي اعتراض لهذه الشحنات عند مغادرتها من ميناء سبتة المحتلة؟
هذه التساؤلات دفعت الجهات الأمنية إلى تكثيف التحقيقات، خصوصًا بعد العثور على 3 أطنان من الحشيش داخل شاحنة تحمل حيوانات نافقة، وهو ما أثار صدمة كبيرة، خاصة أنه لم يتم تنفيذ أي اعتقالات داخل سبتة طوال 14 شهرًا.
ضباط في قفص الاتهام
وأفادت”إلفارو” بأنه في يناير 2025، حصلت وحدة الشؤون الداخلية على الضوء الأخضر من المحكمة الوطنية الإسبانية للانتقال إلى سبتة المحتلة وبدء حملة اعتقالات واسعة شملت 9 أشخاص، من بينهم اثنين من عناصر الحرس المدني وموظفا في السجون وسياسيا محليا وعدد من سائقي الشاحنات.
وفي 11 فبراير 2025، تم القبض على 5 أشخاص آخرين، ليرتفع العدد إلى 14 موقوفًا، بينهم شخص يُعتبر من أكثر المطلوبين للعدالة في المدينة المحتلة، بسبب صِلاته بعالم المخدرات والجرائم، لكنه كان دائمًا ينجو من الاعتقال.. حتى هذه العملية.
العثور على النفق
وأشارت الصحيفة أنه على الرغم من التحقيقات والاعتقالات، ظل السؤال الأكبر دون إجابة: كيف كانت المخدرات تدخل المدينة؟، وفي يوم الأربعاء 19 فبراير 2025، نفذت قوات الأمن عملية ضخمة في منطقة المستودعات بمعبر تراخال بسبتة، حيث انتشرت عشرات الفرق الأمنية في الموقع، وبدأت عمليات التفتيش الدقيقة.
“هذا سيستغرق وقتًا”، قال أحد قادة العملية لوسائل الإعلام التي كانت متواجدة في المكان منذ الساعة الثامنة صباحًا، وسط تكهنات بأنهم على وشك اكتشاف شيء كبير وبعد ست ساعات فقط، تم العثور على “النفق المفقود” وحل اللغز العصي.
وشهدت منطقة “المضربة”، المحاذية للمعبر الحدودي باب سبتة، استنفارًا أمنيًا كبيرًا بعد اكتشاف النفق، حيث استخدمت السلطات الإسبانية طائرات مسيّرة (درونات) وأجهزة استشعار متطورة للكشف عن مدى امتداد النفق.
ومن المتوقع أن تبدأ إسبانيا بالتنسيق مع السلطات المغربية لتبادل المعلومات والكشف عن الشبكة المسؤولة عن تهريب المخدرات عبر هذا النفق السري حسب صحف اسبانية.