story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

نهضة بركان وأندية السلطة

ص ص

التشبيه الذي يطال نادي نهضة بركان بما كان يعرف بأندية السلطة قديما خلال سنوات الرصاص، ووضع رئيسه السابق فوزي لقجع في نفس خانة أحمد الدليمي مع اتحاد سيدي قاسم، وإدريس البصري مع نهضة سطات، ومحمد المديوري مع الكوكب المراكشي.. أمرٌ فيه الكثير من التجني و”الكليشيهات” الجاهزة، وقدر غير يسير من غياب الموضوعية.

أولا لأن السياق السياسي الذي اقترنت فيه أندية السبعينات والثمانينات بتلك الوجوه السلطوية، ليس هو السياق السياسي الذي ظهر فيه فوزي لقجع حتى أصبح رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعضوا مؤثرا في الكاف والفيفا، وأيضا هناك اختلاف كبير بين إبن بركان والوجوه الأخرى القديمة التي استقوت أندية مدينتهم خلال وجودهم في كراسي السلطة.

الوجوه الثلاثة النافذة خلال العهد البائد جاءت بهم كراسي السلطة إلى كرة القدم ليستغلوا نفوذهم في ممارسة نوع من العطف على أندية مدنهم، وليحموها بالتعليمات نحو الحكام و”شراء” المباريات، واستقطاب أجود اللاعبين، وجلب دعم الشركات العمومية مقابل الإشهار في الأقمصة (القصة الطريفة لكوماناف مع الكوكب المراكشي ولارام مع نهضة سطات)، على خلاف فوزي لقجع الذي جاءت به كرة القدم إلى كرسي السلطة والنفوذ، بعدما انطلق من بركان موظفا صغيرا وترأس فريق مدينته، وحوله من عهد الفقر الشامل و”الحمري” وأقسام الهواة، إلى ناد مهيكل إداريا وماليا وتقنيا، يلعب في قسم الصفوة وينافس وطنيا وقاريا على الألقاب، وكل هذا كان سببا في أن تلتقطه دوائر السلطة العليا وتقربه منها وترى فيه الكفاءة اللازمة لتكلفه بمجال الكرة “السيادي” وتمارس به نوعا من الدبلوماسية الناعمة لتعزيز النفوذ المغربي في إفريقيا وكسب إشعاعٍ لصورة البلاد عالميا عبر استضافة الأحداث الكروية الكبرى.

الذي يتوقعون أنه سيأتي يوم سيصبح فيه نادي نهضة بركان نسيا منسيا، إسوة بباقي “أندية السلطة” خلال سنوات الرصاص، هو توقع مبني على أحكام غير صحيحة من الأساس، ببساطة لأن الأندية المذكورة والعاطفون عليها من رجال السلطة كانوا فقط قد حقنوها بالكثير من هالة القوة وإخافة الخصوم، و”الدوباج” المالي الذي كان يعاد تشتيته على اللاعبين والمدربين والإقامات الفاخرة في المعسكرات وأشياء أخرى، حتى زوال أولياء النعمة فوجدوا أنفسهم على “الدص”، بدون مقر ولا ملاعب خاصة ولا هيكلة تخطط للمستقبل، فكان طبيعيا أن يكون النزول إلى أسفل السافلين بعدما بقوا “لاحنين لا رحيم”.

على العكس من ذلك فنهضة بركان وبكل الموضوعية اللازمة وبعيدا على “تطبالت” التي يمارسها البعض تقربا من لقجع ودائرته، قد أسس قاعدة صلبة للمستقبل عبر هيكلة احترافية للنادي، واشتغل على جميع الجوانب الإدارية والمالية والتقنية والترويجية بكل كفاءة، واكتسب مقرا على أعلى طراز من التجهيز، وأكاديمية لتكوين الفئات الصغرى، وضم أطرا على أعلى مستوى، واستثمارات مذرة للدخل ستنفع النادي حتى بعد سنوات او عقودا طويلة.

لكن هذا لا يعني أن نهضة بركان فوق الشبهات والنقد والمحاسبة وطرح الأسئلة من طرف الجمهور الرياضي، فقد يكون النادي استفاذ أو يستفيذ من النفوذ الذي أصبح عليه عرابه فوزي لقجع، وأن تكون الكثير من الجهات من المجالس المنتخبة أو الشركات الخاصة، تجزل العطاء خوفا أو طمعا، أو بمحاولة التقرب منه ببعض “المساعدات”، وهذا ما يحتم على مسؤوليه المباشرين الحاليين أن يخرجوا للتواصل مع الرأي العام وأن يفندوا كل ما قيل ويقال عن الحظوة التي لناديهم بالدليل والبرهان.