نكبة الكروات
بعد بريق استمر منذ كأس العالم بروسيا سنة 2018 ولعب المباراة النهائية أمام فرنسا، والعودة بعد ذلك إلى احتلال الصف الثالث في مونديال قطر 2022، كرواتيا تودع جيل لوكا مودريتش على وقع الأحزان بعد أن كانت تمني النفس بمحاولة أخيرة لدخول التاريخ بعد طفرة استمرت لسنوات.
خسارة كبيرة في أولى مباريات يورو 2024 أمام الإسبان بثلاثة أهداف نظيفة، وتعادل بطعم الهزيمة في مباراة ثانية أمام جارها المغمور ألبانيا، يضعها خارح حسابات التأهل بنسبة كبيرة، وتحتاج إلى عمليات حسابية معقدة للمرور إلى الدور الثاني وهي التي ستلتقي إيطاليا في آخر مباريات مجموعتها القوية.
غالبية الوجوه التي لعبت مونديال روسيا لازالت تحتل مكانة أساسية في منتخب كرواتيا، رغم التقدم في السن، وتراجع المستوى وتغيير الأندية إلى مستويات أقل في بطولات أضعف، هو نفس الجيل الذي شاخ و لم يعد قادرا على العطاء، لكنهم في كرواتيا لازالوا يبنون عليه الآمال لصنع المعجزات.
دفاع مستباح وخط وسط عاجز لا يتقن شيئا سوى تبادل الكرات بشكل عرضي وهجوم يفتقد للفعالية منذ اعتزال ماندزوكيتش حتى الحارس ليفاكوفيتش الذي تألق في المونديال الاخير تراجع مستواه بشكل رهيب.
أوراق داليتش تساقطت و حان وقت تغيير الجلد وبشكل جذري لأن كرواتيا النجوم بقيادة مودريتش و راكيتيتش و بيريسيتش و ماندوزكيتش و فيدا ولوفرين لم تعد لديها ما تقدمه لمنتخبها وآن لها أن تستريح وتترك مكانها لجيل جديد.
هي إحدى ضرائب التشبت بالأجيال الذهبية التي تحقق إنجازا ما ويكون من الصعب بعدها التخلي عنها أو تغيير بعض عناصرها، حتى تدور عليها دورة الزمن البيولوجي وتتعرض للنكسات والإقصاءات، فيكون بعدها الجميع مضطرا إلى البدء من جديد، دون التمكن من تغيير تدريجي وسلس يحافظ على استمرارية التألق وتعاقب الأجيال.
بعد هذا الجيل الذهبي الكرواتي سيصبح إنجازي مونديالي روسيا وقطر في عداد التاريخ، وصعب التكرار من جديد، وهذا ما وقع أيضا لمنتخبي كوريا الجنوبية وتركيا اللذان لعبا نصف نهاية المونديال في دورة 2022 وصَعُب عليهما تحقيق نفس الإنجاز بعد ذلك.
يوغوسلافيا السابقة منجم كبير للمواهب الكروية العظيمة ومدرسة تمزج بين الفنيات واللياقة البدنية والقوة الجسمانية، وهو ما تطلبه كرة القدم المعاصرة في أعلى مستوياتها.. وليس من العسير إيجاد بدائل مناسبة لتشكيل منتخب وطني جديد في منطقة تمول البطولات الخمس الكبرى بأجود اللاعبين.