نقابيون يراهنون على القضاء ومنظمة العمل الدولية لسحب قانون الإضراب
![نقابيون يراهنون على القضاء ومنظمة العمل الدولية لسحب قانون الإضراب](https://thevoice.ma/wp-content/uploads/2025/02/photo-site-copy-2-960x540.jpg)
عاش المغرب على وقع إضراب عام، يومي الأربعاء والخميس 5 و6 فبراير 2025، شل حركة المرافق العمومية والمواصلات، خاصة في يومه الأول، احتجاجاً على تمرير مشروع القانون التنظيمي 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الإضراب,
وتزامن الإضراب العام، أول أمس الأربعاء، مع مصادقة مجلس النواب بالأغلبية على مشروع القانون المذكور في إطار قراءة ثانية بعد إحالته من مجلس المستشارين، إذ حظي مشروع القانون بموافقة 84 نائباً ومعارضة 20 آخرين، من بين 395 عضواً، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت.
ويأتي الإضراب العام بعد سلسلة من الاحتجاجات في الشارع، والمرافاعات أمام البرلمان، والندوات الصحافية لشرح سبب رفضه من قبل مركزيات نقابية وأحزاب سياسية، قبل إعلان هذه المحطة التي تكون عادة بمثابة أقصى أشكال الضغط النقابي والمجتمعي من أجل التعبير عن رفض قوانين وتحقيق مطالب معينة.
فهل يُعد الإضراب العام آخر سلاح ضد القانون السالف الذكر الذي تعتبره “النقابات مكبلاً لحقها الدستوري”، بعد المصادقة عليه بشكل نهائي من طرف البرلمان؟
ليس آخر أدوات النضال
ترى لبنى العلمي، المستشارة البرلمانية عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن الحق في الإضراب “يُعدّ سلاحاً أساسياً للنقابات العمالية، يعزز قدرتها على التنظيم والمفاوضة الجماعية، ويمكّنها من تمثيل أعضائها والدفاع عن مطالبهم وحقوقهم”.
وقالت العلمي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن هذا الحق غالباً ما يواجه تضييقات أثناء ممارسته، سواء عبر الحرمان المباشر، أو من خلال طرد المكاتب النقابية والنقابيين في القطاع الخاص، أو عبر الاقتطاع والمتابعة القانونية استناداً إلى الفصل 288 من القانون الجنائي في القطاع العام.
وتستبعد المستشارة البرلمانية أن يكون الإضراب العام الوطني الذي نُفّذ، الأربعاء 5 فبراير 2025، آخر أدوات النضال النقابي. وأكدت مواصلة تطوير الأشكال الاحتجاجية والنضالية للدفاع عن الحق في الإضراب، مشيرة إلى أنه “لا تزال هناك آليات أخرى يجب تفعيلها، مثل المحكمة الدستورية ومنظمة العمل الدولية، لتعزيز هذا الحق”.
“نُضرِب مرة أخرى”
من جهته، اعتبر علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه لا شك أن الإضراب العام يُعدّ في كثير من الأحيان “آخر سلاح للنقابات للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، ومواجهة القوانين والأنظمة الجائرة التي تقيّد حقوق الموظفين والعمال والفئات الاجتماعية والمهنية الأخرى”، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى مشروع قانون الإضراب.
وقال لطفي إن المركزيات النقابية والطبقة العاملة المغربية “لن تركع، ولن يرهبها” ما سمّاه “قانون السكوري (وزير الشغل)”، مشيراً إلى أن خياراتها النضالية متعددة، ولن تتردد في استخدام الإضراب العام مرة أخرى كوسيلة للضغط والاحتجاج، إلى جانب النزول للشارع “للتنديد بالسياسات التفقيرية والتجويعية التي تستهدف الطبقة العاملة، والفئات الشعبية المتضررة من نهج الحكومة”.
وأكد المسؤول النقابي على مواصلة النقابات العمالية المطالبة بسحب قانون الإضراب، معرباً عن أمله في أن تكون المحكمة الدستورية “منصفة للطبقة العاملة”، خاصة أن الوزير يونس السكوري في رأي المتحدث والرافضين للقانون المذكور “أخطأ الهدف بسعيه لتدمير الحركة النقابية، التي تُعدّ العمود الفقري لبناء الوطن وتنميته المستدامة”. واعتبر أن الاستقرار الحقيقي وجذب الاستثمار لا يتحققان عبر ما وصفه بـ”الخطاب السياسي المضلل”.
تنسيق نقابي لسحب القانون
هذا ولفت لطفي الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل إلى أن المرحلة المقبلة ستكون محطة تنسيق بين المركزيات النقابية التي دعت إلى الإضراب العام، وذلك في إطار جبهة موحدة للدفاع عن هذا الحق.
وأشار إلى أن تنسيق جهود المركزيات النقابية من شأنه أن يسهم في “تعزيز موقفها للدفاع عن حقوق العمال، وحمايتهم من كل أشكال الاستغلال والاستعباد”، التي اتهم وزيرَ الشغل بتزكيتها “من خلال مناوراته وانحيازه لمصالح الباطرونا على حساب الطبقة العاملة”، وفقاً للمتحدث ذاته.
وبدورها أكدت لبنى العلمي المستشارة البرلمانية عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أنه “كما توحدت المركزيات النقابية في تنفيذ الإضراب العام، فإنها ستجتمع أيضاً لتحديد الخطوات المستقبلية”. وشددت على أن المصادقة على القانون التنظيمي للإضراب “لا تعني إغلاق باب النضال”.
وتُقدّر نسبة نجاح الإضراب العام على المستوى الوطني بما يتجاوز 80%، وفقاً للمركزيات النقابية التي دعت إلى الإضراب في يومه الأول، ويتعلق الأمر بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، وفيدرالية النقابات الديمقراطية، إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل الذي واصل الإضراب لليوم الثاني، مشيراً إلى أنه حقق نسب مشاركة مهمة في مختلف القطاعات.
وفي المقابل، أعلن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يونس السكوري، في مداخلة، خلال الندوة الصحافية للناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس 6 فبراير الجاري، أن الإضراب العام الوطني، سجل في يومه الأول نسب مشاركة بلغت 1.4% بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، بينما وصلت في القطاع العام إلى 32%.
هذا واستنكرت المركزيات النقابية “إصرار الحكومة على تمرير مشروع القانون المكبل للإضراب داخل البرلمان بالتزامن مع تنفيذ الإضراب العام”. واعتبرت ذلك استفزازاً صارخاً للحركة النقابية وتحدياً لمطالبها، “مما يزيد منسوب التوتر والاحتقان”، محمّلة الحكومة المسؤولية الكاملة عن تداعياته وعواقبه.
وقالت إنها “استغلت أغلبيتها العددية داخل المؤسسة التشريعية لفرض هذا القانون”.
وطالبت النقابات الحكومة بالتراجع عن جميع القرارات والقوانين التي “تمس بالمكتسبات الاجتماعية والحقوق والحريات”، ووقف مسطرة إقرار القانون التنظيمي للإضراب، مع العودة إلى حوار “جاد ومسؤول” يستجيب لتطلعات الشغيلة.