نظام السنديك.. ما هي أبرز التعديلات التي جاء بها المرسوم الجديد؟

بعد مصادقة مجلس الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.23.716 بتحديد المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك والأتعاب، ينتظر أن يتم نشر هذا الأخير في الجريدة الرسمية خلال الشهر الجاري. فما هو نظام السنديك؟ وما هي أبرز الإصلاحات التي جاء بها المرسوم الجديد؟
يتعلق نظام السنديك بخبير يُكلَّف من طرف القضاء بتسيير مساطر الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية للمقاولات المتعثرة، بحسب المحلل الاقتصادي ياسين اعليا، الذي أوضح أن هذا النظام نُص عليه في المادة 673 من مدونة التجارة.
وأشار اعليا إلى أن المراجعة التي خضع إليها هذا النظام حالياً تهدف إلى تحديد المؤهلات الحقيقية المطلوبة لممارسة هذه المهنة، إذ إنه في السابق، “كان يزاولها في غالب الأحيان خبراء محاسبون، مما كان يُطرح معه إشكال كبير بخصوص مدى إلمام الممارسين بالجوانب القانونية والمعرفة الدقيقة بالمساطر القضائية”.
وينص التعديل الجديد على أن المؤهلات المهنية والأكاديمية المطلوبة لممارسة مهنة السنديك أصبحت محددة، بحيث أنه لا يُسمح بممارستها بحسب اعليا، إلا للخبراء المسجلين بجداول الخبراء القضائيين، وفقاً لمقتضيات المرسوم المنظم لمهنة الخبراء القضائيين الصادر سنة 2016.
كما يمكن أيضاً تعيين موظفين من هيئة كتابة الضبط بدرجة منتظم قضائي، ممن يتوفرون على مؤهلات مرتبطة بتسيير المقاولات أو على دراسات أو شهادات أكاديمية في مجال الاقتصاد والتسيير، وذلك بشرط خضوعهم لتكوين مستمر، بهدف ضمان جاهزيتهم المهنية واتخاذهم للقرارات المناسبة فيما يتعلق بعمليات التصفية القضائية.
وقال اعليا إنه تم التنصيص أيضاً على نقطة اعتبرها ذات أهمية ضمن هذا التعديل، وهي تحديد أتعاب السنديك، إذ كانت “تُطرح في السابق إشكالية كبيرة بهذا الخصوص. فتم تحديد الأتعاب في نسبة 2% من مجموع الديون المحققة ضمن خصوم المقاولة، على ألا تقل عن 6 آلاف درهم”، مع إضافة تعويضات إضافية بحسب الحالة الخاصة بكل شركة.
وفي حالة بيع الشركة، تحتسب أتعاب السنديك بنسبة 0.5% من صافي العائدات الناتجة عن بيع أصول المقاولة أو المتحصل عليها منها، بشرط ألا تقل عن 6 آلاف درهم، كما تم تحديد جزء من أرباح الشركة تمثل 2 في المائة من الأرباح الصافي مع تحديد قدر أدنى هو 5000 درهم وألا يتجاوز الحد الأقصى 100 ألف درهم.
وأشار اعليا إلى أنه يمكن للسنديك أن يطلب تسبيقاً بخصوص أتعابه، كما يُمكنه أيضاً طلب استرجاع المصاريف والنفقات التي تكبدها في إطار ممارسته لمسطرته القضائية.
ويرى أن هذا التنظيم الجديد “يفتح الباب أمام تنظيم مهنة السنديك، بعيداً عن المغالاة التي كانت تُسجَّل في السابق، إذ كان السنديك يُحدِّد أتعابه التي تكون غالباً مرتفعة، مما كان يُحدث مشاكل عدة”.
وأوضح المتحدث أنه “بدلاَ من أن يسعى السنديك إلى حل إشكالية التصفية القضائية وتأدية ديون المقاولة، كانت هذه الأتعاب تشكل عبئاً إضافياً على الشركة، وتزيد من ديونها”، وهو ما كان يُؤثر سلباً على المهام الحقيقية للمساطر القضائية.
وخلص المحلل الاقتصادي إلى أن المرسوم الجديد يُمثل خطوة “نحو إدماج معايير الكفاءة، والشفافية، إلى جانب معيار أساسي هو تحسين الوضع المالي لممارسي المهنة”، كما من شأنه أن “يُرسخ لمفاهيم العدالة التجارية، ويُوفر بيئة قضائية عادلة تُمكِّن المقاولات من تحقيق أهدافها”، سواء من حيث الاستمرارية أو من حيث ضمان عدالة التصفية القضائية للمقاولات.
وفي السياق، صادق مجلس الحكومة، يوم الخميس 05 يونيو 2025، على مشروع المرسوم رقم 2.23.716 بتحديد المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك والأتعاب المستحقة عن هذه المهام في مساطر صعوبات المقاولة، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة، قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
وأوضح الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في لقاء صحافي عقب انعقاد مجلس الحكومة، أن هذا المشروع يندرج في إطار استكمال تنزيل مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، إذ يعتبر المرسوم المتعلق بتحديد أتعاب السنديك أحد أهم النصوص التطبيقية التي ستساهم في تقليص آجال مساطر صعوبات المقاولة، وتعزيز الشفافية، وتحقيق الفعالية الإجرائية والمسطرية والرفع من النجاعة القضائية.
وأضاف أن هذا المرسوم “يشكل لبنة أساسية في ورش تحسين مناخ الأعمال، الذي يعد أحد الأولويات الحكومية، لاسيما ما جاءت به خارطة الطريق 2023- 2026، والتي تلتزم المملكة المغربية، من خلالها، بتعزيز فعالية وشفافية المساطر القانونية والقضائية، رغبة منها في جعل الإطار القانوني يستجيب للمتطلبات الاقتصادية الوطنية، ويوفر الضمانات الكافية لتجاوز الإكراهات المرتبطة بممارسة نشاط الأعمال بالمغرب”.
وقال الوزير إن مشروع هذا المرسوم يروم، بالأساس، تحديد المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهنة السنديك، والأتعاب المستحقة لفائدته عن هذه المهام، مقابل ما ينتظر منه القيام به من مجهود يعكس خبرته في مختلف مساطر صعوبات المقاولة بما يضمن تحقيق العدالة على الوجه المطلوب.