“نريد 2025 دون إعدام”.. حقوقيون يطالبون بالإسراع في إلغاء العقوبة وطنياً
بعد تصويت المغرب بالإيجاب على القرار الأممي الذي يدعو إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، دعا حقوقيون الحكومة إلى الإسراع في “تنقية التشريعات الوطنية من هذه العقوبة”، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأشار الحقوقيون، في ندوة صحافية نظمتها الشبكات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، اليوم الثلاثء 24 دجنبر 2024، وحضرها سياسيون وإعلاميون ومدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن تصويت المغرب على قرار الأمم المتحدة “يأتي في سياق تطور عالمي متسارع نحو إلغاء عقوبة الإعدام، يحيث ارتفع عدد الدول التي ألغتها إلى 116 دولة”، مشددين على أن هذه الخطوة تُعَد “مدخلًا لتعزيز الحقوق والحريات في البلاد”.
ويعتبر البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أكد منظمو الندوة على ضرورة الانضمام إليه سريعاُ بعد التصويت على إلغاء العقوبة، أداة قانونية دولية تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي، تم اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 دجنبر 1989 ودخل حيز التنفيذ في 11 يوليوز 1991.
2025.. قانون جنائي دون إعدام
في هذا الصدد، يرى النقيب عبد الرحيم الجامعي منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه لا بد من أن يشهد العالم “صدور منظومة جنائية جديدة في المغرب عام 2025 خالية من عقوبة الإعدام، انسجاماً مع موقف المغرب الدولي”، لافتاً إلى أن هذا هو “الرهان الذي يواصل الحقوقيون العمل من أجله، مع الاستمرار في المرافعة لدى المسؤولين الحكوميين والأحزاب السياسية والمنظمات المعنية”.
وأوضح الجامعي أن تصويت المغرب بالإيجاب على القرار الأممي لا يعني أنه تم إلغاء عقوبة الإعدام، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب إنهاءً قانونياً وتشريعياً ومؤسساتياً للإعدام من خلال إصدار قانون يمر عبر القنوات التشريعية ويصل إلى البرلمان ليتم التصويت عليه ويدخل في النظام القانوني خلال سنتين”.
وقال المتحدث ذاته إنه لا معنى لقول المغرب “بوقف تنفيذ العقوبة ويستمر في نفس الوقت بإصدار أحكام الإعدام. هذا نوع من التردد الذي لا معنى له، لأن المغرب اليوم هو رئيس الدورة الحالية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان، بمعنى أنه في المستقبل، عندما يشارك في الدورات الرفيعة المستوى لنقاش قضية عقوبة الإعدام على مستوى هذه المنظومة الحقوقية الدولية، يجب أن تكون لغته هي لغة الإلغاء”.
واعتبر الجامعي إصدار القانون الجنائي المغربي الجديد مع الحفاظ فيه على عقوبة الإعدام، “سيكون انتكاسة جديدة بالنسبة لنا، ولن يكون مقبولاً على الصعيد الدولي”، مشدداً إلى أن التغيير في الموقف الرسمي دولياً من شانه أن “يدفع الرأي العام إلى إعادة النظر في مسألة عقوبة الإعدام، والحد من النداء الشعبوي للمطالبة بتنفيذها”.
وفي هذا السياق، قال: “نحن نرى أن هناك بعض الأصوات التي تدافع عن تنفيذ العقوبة، ولكن هذا سيجد أمامه موقفاً جديداً من الدولة المغربية التي لن تستمع هذا النداء بفضل عدم تنفيذ الإعدام”.
كما يرى النقيب عبد الرحيم الجامعي، أنه لا يجب اليوم “أن تصدر العقوبة عن القضاء فقط بناء على اقتناع القاضي، ولكن بناء على تشريع يجب العمل به وتطبيقه”، موضحاً أنه “إذا كان القاضي اليوم يحكم بالإعدام لأن هناك قانونًا يقضي به، فإنه غداً سيجد نفسه مرتاحاً قانونياً ومهنياً لكي يتراجع عن هذا الحكم بناء على تشريع ملزم”.
مكسب إنساني
من جهته اعتبر عبد الله مزداد الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون قرار المغرب “مكسباً إنسانياً في إطار النضال المستمر منذ عقود من أجل إلغاء عقوبة الإعدام”، مشيراً إلى أن هذه العقوبة التي وصفها بـ”القاسية” “تمس الكرامة الإنسانية، كما أكدت ذلك جميع القرارات الدولية الداعية إلى وقف تنفيذها”.
وعبّر مزاد، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” عن أمله في أن تكتمل الخطوة التي عدّها “إيجابية” بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، داعياً بدوره إلى “تتويجها بإقرار قانون جنائي خالٍ من عقوبة الإعدام، واتخاذ إجراءات ملموسة لتحويل هذه العقوبة إلى سجن محدد بمدة لصالح المحكوم عليهم بالإعدام الذين يقبعون في ممرات الموت بالسجون المغربية”.
ويرى علي عمار منسق شبكة محاميات ومحامين ضد عقوبة الإعدام أن فرض هذه الأخيرة في القوانين “يتناقض مع فلسفة العقاب الإصلاحية، كما أن الأخطاء القضائية التي شهدتها عدة دول تثبت أن تنفيذ الإعدام أحياناً يُبنى على أخطاء لا يمكن التراجع عنها بعد التنفيذ”، مشيراً إلى أن المجرم “هو نتاج ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية، والمجتمع يتحمل جزءاً من المسؤولية عما يقع فيه أفراده، لذلك، يضيف المتحدث “الدفاع عن إلغاء عقوبة الإعدام هو دفاع عن مجتمعنا، وضمان عدم تبرئته من مسؤوليته تجاه الأفراد في الوقت ذاته”.
وذكر عمار أن عقوبة الإعدام “لم تعد إنسانية ولا تتماشى مع التطورات الحقوقية الحديثة”، وقال إن شبكة المحامين “مستمرة في العمل إلى جانب كل القوى المدافعة عن الحقوق والحريات داخل المغرب لتحقيق إلغاء هذه العقوبة وتطهير جميع النصوص القانونية منها”.
لعبت منظمات المجتمع المدني دورًا حاسمًا في العالم في حث دولها على التصويت الإيجابي على هذا القرار. هناك حركة عالمية تتمثل في النضال الوطني لهذه المنظمات، بالإضافة إلى المؤتمر العالمي الذي يُعقد كل سنتين لحث الدول على إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعاتها.
جدير بالذكر أن اللجنة الثالثة للأمم المتحدة التي أعدت هذا القرار، قدّمت تسعة قرارات، وكان هذا القرار هو الوحيد الذي عرض للتصويت، بينما تم اعتماد القرارات الثمانية الأخرى بالتوافق. هناك دول غيرت موقفها خلال التصويت، حيث انتقلت من الامتناع إلى التصويت لصالح القرار، وذلك بفضل جهود المجتمع المدني، مما أسفر عن تغيير موقف ست دول.
مكسب حقوقي إضافي
أما مصطفى العراقي منسق شبكة صحافيات وصحافيين ضد الإعدام، فاعتبر أن “التصويت الإيجابي من طرف المغرب يعزز نضال الحركة الحقوقية، وخاصة جهود الائتلاف والشبكات المعنية بإلغاء عقوبة الإعدام”.
وأشار العرقي إلى ان قرار المغرب التصويت لفائدة إلغاء العقوبة المذكورة في الأمم المتحدة “مكسب يضاف إلى عنصرين رئيسيين هما: أن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، وأنه خلال الـ 25 سنة الماضية، أصدر جلالة الملك عفواً عن أكثر من 1200 محكوم بالإعدام”.
ونبه إلى أن نصف “هذا العدد تم شمله بالعفو منذ انعقاد المنتدى الدولي لحقوق الإنسان في مراكش وحتى اليوم، مشدداً على أن “تصويت المغرب على هذا القرار يُعد مكسباً إيجابياً في أفق إلغاء وتنقية التشريعات المغربية من عقوبة الإعدام”.