الريسوني: نريد انفراجاً سياسياً حقيقياً ومواقفي لن تتغير- فيديو
“موقفي قبل السجن هو نفسه موقفي اليوم”، هكذا عبر سليمان الريسوني الصحافي وأحد معتقلي الرأي الذين شملهم العفو الملكي الذي أصدره الملك محمد السادس يوم الإثنين 29 يوليوز المنصرم بمناسبة الذكرى الفضية لاعتلائه العرش.
وعدد سليمان الريسوني، اليوم السبت 10 غشت الجاري، خلال مهرجان احتفالي بالمفرج عنهم في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، الحالات التي يتوقع أن يصدر بها العفو الملكي، والتي قال إن من بينها الحالة الإنسانية والقيام بمراجعات أو تصحيح خطأ.
وقال رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إنه “مادام الأمر لا يتعلق بحالة إنسانية في وضعنا، فإن هذا العفو قد يكون متعلقاً بمراجعات وهذا مستبعد أيضاً لأن موقفي الشخصي قبل السجن هو نفسه بعد السجن”.
“إذن هل هو تصحيح للخطأ؟” يتساءل الريسوني الذي اشتهر بافتتاحياته المنتقدة لتدبير الشأن العام في البلاد “وهذا أيضاً لا يوجد لأنه لم يفرج عن باقي معتقلي الرأي كما أنه لازال هناك تشهير مستمر على مستوى الصحافة”، وهو ما عده جريمة تنضاف إلى “جريمة الاعتقال التعسفي”، باعتبارها ظلم بحق المعتقلين وعائلاتهم من قبل أقلام وكاميرات مأجورة.
وأضاف المتحدث ذاته “نتمنى الإفراج عن باقي معتقلي الرأي الذين من بينهم النقيب محمد زيان ونشطاء الحركات الاجتماعية”، معبراً عن أمله في أن يتبع العفو الملكي الأخير “انفراج سياسي حقيقي، مع وضع حد للاعتقال السياسي والتضييق على الأقلام المستقلة، وفتح المجال لمغرب يسع الجميع”.
وعن المهرجان الذي تم تنظيمه على شرف المعتقلين السياسيين المفرج عنهم وحضرته وجوه بارزة في السياسة وحقوق الإنسان، يقول الريسوني “هذه لحظة نضالية بدرجة أساسية أكثر من كونها لحظة تكريم”، مشيراً إلى أنها “فرصة أيضاً للمذاكرة حول ما يمكن أن يقينا كصحافيين ونشطاء من تكرار مثل هذه الأحداث”.
وقضى الصحافي سليمان الريسوني أربعة أعوام داخل السجن، كانت حافلة بالإضرابات عن الطعام والاحتجاج على ظروف الاعتقال، قبل أن يعانق الحرية أخيرا بعدما استفاد من العفو الملكي، الاثنين 29 يوليوز المنصرم، الذي شمل 2476 شخصا بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش.
ولم تكن المدة التي قضاها الصحافي المغربي المعتقل سليمان الريسوني سهلة، فقد خاض في سنة 2021، “إضرابا عن الطعام” فاق الـ120 يوما، وذلك من أجل المطالبة بتمكينه من “شروط المحاكمة العادلة” واحتجاجا على “اعتقاله التعسفي، وسجنه احتياطيا لمدة ما يقارب سنة دون محاكمة، في غياب أدلة تدينه”، وفق تدونية لزوجته، ليتم بعد ذلك نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وتعود جذور قضيته إلى اليوم الذي أكدت فيه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بتاريخ الـ24 فبراير 2022، الحكم الابتدائي بسجنه، وهو المعتقل منذ العام 2020، وقضت المحكمة حينها بالحكم عليه خمسة أعوام بتهمة “اعتداء جنسي” عقب شكاية مشتك يعرف باسم مستعار “آدم محمد”، وهو ما يتشبث المدعي عليه بنفيه وتكذبيه.
وتولى سليمان الريسوني رئاسة تحرير جريدة “أخبار اليوم”، المتوقفة عن الصدور، بعد سجن مديرها السابق توفيق بوعشرين الذي قضى هو الآخر ست سنوات في سجن عين البرجة بالدار البيضاء، عقب الحكم عليه بـ 15 سنة سجنا نافذا، قبل أن يعانق الحرية هو أيضا يوم أمس مستفيدا من العفو الملكي ذاته.
ونظمت، اليوم السبت، كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، والهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، “مهرجانا على شرف المعتقلين السياسيين المفرج عنهم”، بعد استفادتهم من العفو الملكي الذي صدر بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش يوم الثلاثاء 30 يوليوز 2024.
وعرف هذا المهرجان حضور عدد من الشخصيات والفعاليات الحقوقية التي غص بها المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط.
وإلى جانب ذلك، حضرت عائلات المعتقلين المفرج عنهم، وعائلات معتقلي حراك الريف الذين لازال بعضهم يقبع وراء القضبان، إضافة إلى عائلة محمد ابراهمي الملقب بموفو، المعتقل على خلفية الحراك الذي تخوضه ساكنة فكيك بسبب تفويت تدبير قطاع الماء لشركة خاصة تسمى “شركة الشرق للتوزيع”.
وفي هذا الصدد قالت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعضو المكتب المركزي للجمعية خديجة الرياضي، إن هذا المهرجان الذي ينظم تحت شعار “من أجل مغربي خال من الاعتقال السياسي”، يأتي في إطار الاحتفاء بالمعتقلين المفرج عنهم، “والذين نهنئهم على مغادرة أسوار السجن”، معتبرة أن الافراج عنهم “هو انتصار للهيئات الحقوقية، وهو ما سيزيدنا عزيمة على مواصلة النصال من أجل الإفراج عن باقي المعتقلين”.
وأضافت الرياضي أن فرحة اليوم غير مكتملة، نظرا لكون العديد من المعتقلين لا يزالون وراء القضبان من جهة، ومن جهة أخرى أن هذا الافراج يأتي في ظرفية يعاني فيها الشعب الفلسطيني الويلات جراء حرب الإبادة الجماعية غير المسبوقة في التاريخ التي يتعرض لها على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرة أشهر.
ومن جهته قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزيز غالي، إن فرحة اليوم “ما كان لها أن تكون لولا تظافر وتكامل الجهود بفضل صمودكم وثباتكم، والجهود المتواصلة للحركة الحقوقية والديمقراطية وكافة القوى الحية في بلادنا”، دعيا إلى مواصلة الجهود وتقويتها “من أجل الإفراج عن باقي المعتقلين وإسقاط التهم والأحكام عليهم”.
وكان الملك محمد السادس قد أصدر مساء الإثنين 29 يوليوز 2024، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، عفوا شمل 2476، من بينهم صحافيون ومعتقلون على خلفية حرية الرأي والتعبير، وذلك بعد قضائهم لعقوبات سجنية مختلفة، في القضايا التي تمت متابعتهم على خلفيتها.