موظفو التعليم العالي يواصلون الإضراب ضد مشروع القانون الجديد

أعلن موظفو التعليم العالي والبحث العلمي خوض إضرابات وطنية متتالية ابتداء من الثلاثاء 16 شتنبر 2025، احتجاجاً على مشروع قانون التعليم العالي رقم 59/24، وللمطالبة بنظام أساسي “عادل ومنصف” يشمل جميع الموظفين.
وقالت النقابة الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في حديث لصحيفة “صوت المغرب”، إنها قررت التشبث باستكمال برنامجها النضالي من خلال تنفيذ إضراب وطني أيام 16 و17 و18 شتنبر، ثم أيام 30 شتنبر و1 و2 أكتوبر 2025، إلى جانب تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الاقتصاد والمالية.
ويأتي هذا القرار بعد أن كانت النقابة قد ألغت وقفة احتجاجية الأربعاء الماضي أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالرباط، “تعبيراً عن حسن النية”، في أعقاب اجتماعها بمسؤولين من الوزارة الوصية.
وأوضح عبد اللطيف آيت بن بلا، الكاتب العام للنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، أنه تقرر آنذاك تأجيل الوقفة مع الإبقاء على إضراب لمدة 72 ساعة ابتداء من الثلاثاء 8 شتنبر 2025، “تعبيراً عن حسن النية رغم غياب الوزير عز الدين ميداوي عن الاجتماع”. وأضاف أن النقابة طالبت بوقف المسطرة التشريعية لمشروع القانون، وأكدت رفضها القاطع للمادة 84 منه.
وأشار آيت بن بلا إلى أن استئناف الاحتجاج جاء عقب اجتماع المجلس الوطني للنقابة، الذي خُيِّر بين الاستمرار في البرنامج النضالي أو اتخاذ خطوات أكثر حدة أو التأجيل، ليقرر في النهاية الاستمرار في البرنامج النضالي ذاته، مع إبقائه مفتوحاً في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات بخصوص النظام الأساسي والتراجع عن مشروع القانون الجديد وقرار التوظيف بالتعاقد.
ومن المقرر أن يتظاهر موظفو التعليم العالي أمام مقر وزارة الاقتصاد والمالية مطلع أكتوبر المقبل، احتجاجاً على عدم إخراج النظام الأساسي الخاص بالموظفين، ورفضاً للقرار المشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية، والذي يسمح للمؤسسات الجامعية باللجوء إلى التعاقد لتوظيف مهندسين وتقنيين.
وطالبت النقابة بسحب مشروع القانون إلى حين التوصل إلى توافق بشأنه، مجددة رفضها القاطع له، خاصة المادة 84، ومؤكدة تشبثها بنظام أساسي موحد يهم جميع موظفي التعليم العالي، ورفضها لأي محاولة لتقسيمهم أو المساس بوحدتهم.
كما سجلت النقابة “غياب الإرادة السياسية” لدى الوزارة للاستجابة للمطالب العادلة، منددة بالإجراءات التي “عمقت الأزمة داخل القطاع وأدت إلى احتقان متزايد”.
ويرى آيت بن بلا أن ما يشهده القطاع من إكراهات “يعكس تماطل الوزارة الوصية في تلبية المطالب العادلة والمشروعة لموظفي التعليم العالي، وعلى رأسها النظام الأساسي”، مؤكداً أن هذا الملف “ظل رهينة وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة”.
وأضاف أن بقاء المشروع لمدة طويلة لدى الوزارتين “يشكل تمييزاً صارخاً وضرباً لمبدأ العدالة القطاعية، ويؤكد وجود إقصاء ممنهج”، مستنكراً في الوقت نفسه عدم استشارة نقابته “الأكثر تمثيلية” في إعداد مشروع القانون 59/24، الذي وصفه بـ”المجحف في حق الموظفين”.
كما أعربت النقابة عن رفضها “لجوء بعض الإدارات إلى استغلال الطلبة الدكاترة، وعمال شركات المناولة، وبعض الأساتذة” بالتزامن مع الإضراب، معتبرة ذلك “محاولات يائسة لكسر الإضراب في خرق واضح للقانون”.
وحملت الوزارة كامل المسؤولية بشأن “إسناد مهمة تسجيل الطلبة لأشخاص من خارج هيئة الموظفين”، معتبرة ذلك “خرقاً قانونياً صريحاً”، ومنبهة إلى أن “أي تسريب أو استغلال للمعطيات الشخصية للطلبة، المحمية بالقانون، لا يتحمل الموظفون مسؤوليته”.
كما استنكرت “لجوء بعض المسؤولين إلى عرقلة ممارسة حق الإضراب، والتهديد بإعفاء رؤساء المصالح والأقسام المضربين”، إضافة إلى “إجبار المتمرنين وتهديدهم بعدم ترسيمهم إذا مارسوا حقهم الدستوري في الإضراب”. واتهمت النقابة مسؤولين في كليات بجامعات ابن طفيل بالقنيطرة، والسلطان مولاي سليمان ببني ملال، وأبي شعيب الدكالي بالجديدة، والحسن الثاني بالدار البيضاء، بممارسة هذه الضغوطات.
يذكر أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تعهدت، يوم الإثنين 8 شتنبر 2025، مع وفد النقابة بتقديم نسخة رسمية محينة من مشروع قانون التعليم العالي تتضمن تعديلات المجلس الحكومي، كما التزمت بالأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي ستتقدم بها النقابة وإدماجها في النص.
وفي ما يخص النظام الأساسي لموظفي القطاع، أوضحت الوزارة أن الملف ما زال قيد الدراسة بوزارتي الاقتصاد والمالية، والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، اللتين تبديان بعض التحفظات، من قبيل “عدم تفعيل الأنظمة الأساسية للمؤسسات العمومية تحت الوصاية، وإمكانية إصدار النظام الأساسي بقرار عوض مرسوم”.
أما وفد النقابة فأكد على ضرورة الوضوح في هذا الملف، معبّراً عن استنكاره لطول المدة التي قضى فيها المشروع لدى الوزارتين، مطالباً بتحديد أجل زمني لإخراج النظام الأساسي قبل المصادقة على مشروع قانون التعليم العالي، وإدراج كلفته المالية ضمن ميزانية سنة 2026.
وبعد التشاور، التزمت الوزارة بإبلاغ النقابة في أجل أقصاه 15 أكتوبر المقبل بمصير النظام الأساسي، سواء تم قبوله أو رفضه. كما أشارت إلى أنها ستعقد اجتماعاً حول الميزانية يوم 16 شتنبر 2025، وستطرح حلولاً بديلة في حال عدم إدراج الكلفة المالية.
إلى ذلك، سجّلت النقابة ما اعتبرته “خروقات” من طرف بعض الإدارات الجامعية خلال إضراب يومي 2 و3 شتنبر 2025، موضحة لمسؤولي الوزارة أنه جرى الاستعانة بأشخاص من خارج أسلاك الوظيفة العمومية للقيام بمهام مرتبطة بتسجيل الطلبة، وهو ما قد يعرض معطياتهم الخاصة للخطر.
كما ناقش ممثلو النقابة مع مسؤولي الوزارة عدداً من القضايا ذات الصلة بالعمل النقابي، ومحاولات كسر الإضراب، إضافة إلى إشكالية التواصل مع مديرية الموارد البشرية.