موسم الهجرة إلى ليبيا !

هذه الهجرة الجماعية للاعبي البطولة الوطنية لكرة القدم نحو الأندية الليبية، لا يمكن أن نصنع منها “منذبة” كبيرة، ونبدأ في تصوير الأمر كأنها كارثة حلت بالكرة المغربية، وأن بطولتنا ستفرغ من اللاعبين الجيدين، ومستواها (النازل أصلا) سيزداد رداءة، مع عبارات “دق ناقوس الخطر” حول واقع أندية يعرف الجميع الحضيض الذي تسبح فيه.
من جانب تقني، فالأمر يتعلق فقط بلاعبين عاديين، لم يعرف عنهم في البطولة الوطنية مستويات تستحق الذكر، أو تؤهلهم للإحتراف حتى في بلدان الخليج، هم فقط كانوا مختبئين في أندية مفلسة أبرمت معهم عقودا بكثير من الوعود المالية و”الشفوي”، ولما فشلت في الوفاء بالتزاماتها معهم وتراكمت رواتبهم ومنحهم الموعودة، سقطت عليهم العروض الليبية السخية، فتخلصوا بسهولة من عقودهم مع أنديتهم وحملوا متاعهم واستقلوا أول طائرة متوجهة إلى طرابلس أو بنغازي، حيث هناك في بلاد بالكاد تخرج شيئا فشيئا من حرب أهلية، سيجدون المستوى الذي يليق بهم.
من جانب اجتماعي، فهؤلاء اللاعبين هم نتاج مجتمع مغربي معروف عنه عدم التردد في الهجرة بحثا عن “طرف ديال الخبز”، حيث تكاد كل بلدان العالم تعرف تواجد المغاربة بمختلف مستوياتهم ومهنهم، ولاعبو كرة القدم ليسوا استثناءا، فوراءهم أسر وعائلات ومستقبل من المفروض أن يسعون لتأمينه في السنوات القصيرة لمشوارهم الرياضي، ومن غير اللائق أن نلومهم على مغادرة البطولة الوطنية حتى لو ذهبوا للعب في بلدان لا توجد في الخريطة الكروية.
معطى آخر يجعل هذه الهجرة الجماعية المغربية أمرا عاديا، وهو أن ليبيا تعرف خلال الشهور الأخيرة توافذ العديد من لاعبي بلدان شمال إفريقيا وأيضا جنوب الصحراء، بسبب إغراق الأندية الليبية بأموال عائدات النفط والغاز المرتفعة أسعارها بشكل متزايد، ورغبة السياسيين هناك في تحويل الدوري المحلي إلى “روشن الإفريقي”، وأيضا هناك عوامل أخرى تشجع اللاعبين الأجانب على التوافد على ليبيا، وهي وجود فترة انتقالات مفتوحة طوال الموسم، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من أندية القسم الأول تصل إلى 35 ناديا تلعب على البطولة وفق نظام طويل ومعقد وعلى مراحل.
خروج بضعة لاعبين من البطولة ليس مشكلا، لأن المغرب بلد كرة القدم الذي تمتلئ مدنه وأحياؤه وقراه بآلاف الممارسين، ومن بينهم سيوجد بدون شك الكثيرون من سيصلون إلى أندية القسم الأول، ولكن المشكل في أن أبرز لاعبي بطولة البلاد رابعة المونديال لا يجدون مكانا حتى في أندية القسم الثاني في أوروبا، ولا “تقبل” عليهم سوى بطولة بلاد خرجت لتوها من حرب أهلية مسحت فيها أي نشاط رياضي لسنوات طويلة.