مهني: رغم فتح الاستيراد.. أسعار اللحوم الحمراء قد تشهد مزيدا من الارتفاع
في الوقت الذي اتجهت فيه الحكومة الى فتح الباب أمام استيراد اللحوم الحمراء في إجراء يهدف إلى الحد من أسعارها التي ألهبت جيوب المغاربة وغيبت هذه المادة عن أطباق العديد منهم، هاهي الأسعار اليوم تواصل منحاها التصاعدي في غياب أي أفق للحد من هذه الأزمة، وهو ما يطرح أسئلة عديد حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا المجال، وإن كان الانفتاح على الاستيراد فعلا الحل الأمثل لوقف هذا الارتفاع.
وبلغة الأرقام تظهر معطيات منصة “كازا بريستسيون” أن ثمن لحم الغنم بالجملة في مجاوز الدار البيضاء قد ارتفع إلى ما بين 125 درهم و 130 درهم للكيلوغرام الواحد هذا الأسبوع، بعد أن كان يتراوح ما بين 123 درهم و125 درهم كحد أقصى، فيما بلغ سعر لحم البقر ما بين 91 درهم و94 درهم لليكلوغرام، مرتفعا من ما بين 91 درهم و93 درهم لليكلوغرام.
في هذا السياق، يرى محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي، أنه رغم إجراء فتح الاستيراد لن تعرف أسعار اللحوم الحمراء أي انخفاض خلال الفترة الحالية، محذرا أن الوتيرة الحالية للاستيراد ستضع القطاع أما سيناريوهين اثنين، إما أن تشهد الأسعار مزيدا من الارتفاع أو أن تستقر عند مستوياتها المرتفعة.
فبخصوص لحوم الأغنام أوضح جبلي أن الدول المصدرة تشهد ارتفاعاً أسبوعياً في الأسعار، حيث تتراوح تكلفتها في الأسواق الخارجية ما بين 115 إلى 117 درهم للكيلوغرام الواحد، مضيفا أن هذا الارتفاع يجعل الكمية المتسوردة من هذه اللحوم تظل منخفضة جدا.
وعند سؤاله عن ما إذا كان هذا الارتفاع في الأسواق الخارجية مؤقتا، أوضح المهني أن هذه الأسعار مرتبطة بارتفاع الطلب الذي من الصعب أن ينخفض مستقبلا، خصوصا في ظل الحاجة الكبيرة والملحة للمغرب على هذه اللحوم.
أما بخصوص لحم الأبقار، أشار المتحدث إلى عدد من العراقيل التي تواجه استيرادها، مبرزا أن أول هذه العراقيل يتعلق بالقيود المفروضة على الاستيراد باستخدام الشاحنات، حيث بات يمنع على الشاحنات التي تقطع مسافة تتجاوز 500 كيلومتر أو 8 ساعات لايصال شحناتها من اللحوم أن تقوم بالاستيراد، وهو ما ترك باب الاستيراد مفتوحا على مصراعيه فقط للمستوردين عبر البواخر.
وتابع أن هذا الاجراء صعب مهمة الاستيراد على فئة كبيرة من المستوردين الذي ليس بمقدورهم استيراد كمية كبيرة عبر البواخر تصل إلى 1.500 رأس، مضيفا أن القيود المفروضة على الاستيراد بالشاحنات أجبرهم على استيراد كميات قليلة من مناطق قريبة لميناء “الخزيرات” بإسبانيا.
في ذات السياق، أشار جبلي إلى إشكال آخر يصعب من مهمة الاستيراد، ويتعلق الأمر بشرط “بلاد المنشأ”، والذي يفرض، حصرا، استيراد اللحوم التي تعود إلى البلد المصَدِّر، موضحا في هذا السياق مثلا أنه في حال الاستيراد من اسبانيا فإنه لا يسمح باستيراد الأبقار التي تعود إلى بلدان آخرى غير إسبانيا، رغم أن هذه الأخيرة تستورد الأبقار من كامل الاتحاد الأوروبي بأسعار مناسبة، وهو ما يقرب هذه اللحوم من المستوردين المغاربة، ما يضمن تكلفة أقل.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، قد أكد سابقا أن الحكومة تعمل في إطار معالجتها لملف أزمة اللحوم الحمراء على منهجين، “يتعلق أولها بإعادة بناء القطيع” وذلك بسبب التراجع الملحوظ الذي عرفه خلال السنوات السابقة، و”الثاني بتوفير العرض في الفترة الحالية، عن طريق الاستيراد، بهدف تخفيض الأسعار” التي ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة.
وحول أهمية قرار الاستيراد في مواجهة الأزمة، ذكر بايتاس أن الدعم الذي قدمته الحكومة في السنوات الماضية، سواء في ما يتعلق بالمدخلات مثل البذور أو الأسمدة، “ساهم في استقرار أسعار الخضر التي كانت هي الأخرى تعرف ارتفاع”، مضيفا أن “قطاع اللحوم يتميز بخصوصيات أخرى تجعل قرار الدعم وحده غير كافي، لكونه يتعلق بكائنات حية تحتاج إلى رعاية مستمرة”.