story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

من يحكم أمريكا؟

ص ص

عانت الولايات المتحدة كعلامة أو براند، واحدة من أحلك لياليها قبل أيام. والسبب ليس خارجيا هذه المرة كما كان الحال عند خروجها المخزي من أفغانستان. بل السبب هو عدم قدرة رئيسها بايدن على تكوين فكرة وحيدة متكاملة طيلة مناظرة دامت لتسعين دقيقة جمعته بخصمه في الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب. فيما ظهر ترامب بمظهر المتمكن مما يقول رغم أنه استرسل في الكذب دون أن يستطيع بايدن مجابهته والرد على ادعاءاته، كما لو أن ترامب أراد ترك بايدن يحفر قبره لوحده.
أمريكا ومعها العالم كانت شاهدة على بايدن وهو غائب تائه يعاني من مضاعفات أرذل العمر. من المشي بصعوبة كبيرة وحاجته لمساعدته زوجته من أجل النزول من الخشبة، إلى صوته المبحوح والضعيف جدا، ثم تلعثمه المستمر طيلة الحوار، إلى توقفه التام عن الكلام عند ضياع خيط أفكاره مرات متعددة.
كلها علامات على أن جوزيف بايدن فقد قدراته العقلية وصار فعلا “يخرف” ومعه صار واجبا الإقرار بأن من يحكم أمريكا هم مجموعة من الأشخاص المحيطين به والذين لم يتم انتخابهم من طرف الشعب الأمريكي.
خلال الساعات التي تلت المناظرة، حاول أقرب المساعدين والمحيطين ببايدن، كما هو الشأن بالنسبة لأبرز قادة الحزب الديمقراطي، على رأسهم أوباما، پيلوسي وحاكم كاليفورنيا گافن نيوسم، (حاولوا) طمأنة الأمريكيين بأن ما رأوه بأعينهم من تدهور مفزع لصحة بايدن ما هو في الحقيقة إلا مخلفات نزلة برد وتعب شديد أصاب الرئيس.
لكن وسائل الإعلام لم تكن رحيمة بالرئيس، فحتى القنوات الإعلامية المقربة من الحزب الديمقراطي عبرت عن قلقها الشديد من التدهور الرهيب في صحة بايدن وقدراته الإدراكية.
حاول أهل الحل والعقد عند الديمقراطيين لملمة الأمور في الأيام التي تلت المناظرة. لكن جدول الرئيس لم يرسل أي إشارات لخفض منسوب القلق لدى أعضاء الحزب. فالرئيس خرج في اليوم الموالي لملاقاة الناخبين ملقيا خطابا مكتوبا لا يتعدى أربعة دقائق، مما يعني أنه لا يستطيع تجميع أفكاره دون الحاجة إلى كتابتها خطيا.
كما أن عدد الذين التقوا بالرئيس منذ مساء المناظرة كان قليلا جدا. حيث إن أسرة بايدن وعلى رأسهم زوجته جيل بايدن وابنه هانتر هما أكثر الناس إلحاحا عليه للبقاء في السباق، رغم المزايا الواضحة التي سيحققها هؤلاء الشخصان خصوصا إذا ما استمر بايدن في الرئاسة، خصوصا ابنه هانتر المتهم في قضايا متعددة.
وبه بدأ سد الإنكار في الانهيار. حيث خرج بعض أكبر الداعمين الماليين للحزب الديمقراطي للتعبير عن رغبتهم في انسحاب بايدن من السباق. فيما بدأ بعض المرشحين الديمقراطيين في القلق من أن حالة الرئيس قد تؤثر بالسلب على سباقاتهم الانتخابية في دوائرهم المحلية. فيما استغل الحزب الجمهوري هذا التدهور في صحة الرئيس أيما استغلال، حيث أنتجوا دعاية انتخابية مصورة بعد أقل من أربع وعشرين ساعة، تضم أسوأ لحظات المناظرة بالنسبة للرئيس بايدن طارحين السؤال عما إذا كان بايدن قادرا على قيادة البلاد لولاية ثانية.
تذكرني هذه النازلة بما وقع للرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، والذي أصر على البقاء في السلطة إلى أن صار أضحوكة بين الأمم، بعد أن قاد الجزائر للخروج من عشرية ظلماء وعبر بها إلى الاستقرار الاقتصادي بفضل الصعود الصاروخي في أسعار موارد الطاقة في العقد الأول من الألفية الثالثة.
وهي إشارة إلى كل رئيس دولة يستمر في السلطة إلى أن ينسى المواطنون كل الأشياء الإيجابية التي حققها، ويتذكروا فقط الصورة الأخيرة لشيخ عجوز تثير الشفقة أكثر من أي شيء.