من هو الأديب الراحل بهاء الدين الطود؟
رحل عن الحياة بمدينة طنجة يوم أمس الأديب المغربي بهاء الدين الطود، الذي راكم خلال سنوات حياته السابعة والسبعين تجربة إنسانية وأدبية تستحق أن تروى تنقل فيها بين الصحافة والمحاماة والكتابة.
سيرة البدايات
رأى الكاتب المغربي بهاء الدين الطود النور بمدينة القصر الكبير سنة 1946 وعاش سنوات حياته الأولى هناك. وكان الأديب الراحل خلال أعوام طفولته الأولى شاهدا على اعتقالات متكررة لوالده محمد بن عبد القادر الطود الذي قال عنه إنه “كان إماما وعازف بيانو”.
وبسبب تلك الاعتقالات عاش الطود طفولة مضطربة حيث تعرض منزل أسرته لإضرام نار كاد يودي بحياة كل عائلته لولا أن الجيران هبوا لإنقاذهم من فوق السطوح. إلى جانب هذا بهاء الدين الطود كان شاهدا كذلك على واقعة تهريب عمه نحو القاهرة بعد أن كان لعائلته ارتباط بالمقاوم المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي.
وحينما بلغ الكاتب الراحل من العمر عشر سنوات، فقد والده فذاق طعم اليتم صغيرا وانتقل بعد ذلك للعيش رفقة جدته بمدينة أصيلة هناك حيث تابع تعليمه واستكمل دراسته الثانوية قبل أن يتوجه إلى بلاد المهجر لدراسة الصحافة.
وبعد أن أمضى أربع سنوات بمدريد من الدراسة والتحصيل عاد إلى المغرب من جديد ليبدأ رحلة أكاديمية أخرى انتقل فيها من عالم الصحافة إلى القانون حيث درس القانون بين كل من الرباط وباريس. ليسخّر كل وقته لمهنة المحاماة فأمضى أكثر من ثلاثين سنة في خدمة هذه المهنة.
واشتغل بهاء الدين الطود محاميا لفترة من الزمن لصالح أحمد فؤاد الثاني، ابن الملك فاروق، في قضية تتعلق بإرث لحساب والده بأحد البنوك السويسرية. وحينما دخل هذا الملف طور المفاوضات بين الورثة والبنك السويسري انسحب بهاء الدين من القضية دون أن يفصح في حواراته السابقة عن أسباب ذلك نظرا لما يمليه واجب السرية المهني.
وكذلك ترافع في قضية تخص الروائي الفلسطيني الكبير إيميل حبيبي حيث أوكله هذا الأخير لتمثيله لدى وزارة التربية والتعليم بالمغرب من أجل الحصول على حقوقه المتعلقة بتدريس إحدى رواياته. وجمعته علاقات إنسانية بالعديد من الكتاب والأدباء والمثقفين العرب والعالميين أمثال روجيه جارودي ومحمود درويش وجابر عصفور وجمال الغيطاني وغيرهم.
“البعيدون” أول الرحلة
جاء الراحل بهاء الدين الطود إلى عالم الرواية متأخرا بالرغم من أن الكتابة كانت هما رافقه خلال كل مراحل حياته بعد أن راكم سنوات من التجربة والقراءة والمشاهدة. روايته الأولى حملت عنوان “البعيدون” وكتب الروائي المغربي الراحل محمد شكري مقدمتها هذا الإصدار الأول لبهاء الدين الطود لقي صدى كبيرا في العوالم الثقافية العربية.
وطرح المؤلف في هذه الرواية قضية المهاجرين العرب في أوروبا، ف”البعيدون” تحكي قصص معاناة أولئك الذين فرضت عليهم ظروف الحياة القاسية في أراضيهم الاغتراب دون أن ترحل الأوطان يوما عن قلوبهم.
بعد الرواية البكر توالت الإصدارات فالراحل ترك خلفه مجموعة نصوص أخرى، تتوزع بين الرواية والسيرة، من قبيل روايته المتميزة “أبو حيان في طنجة”.
وكتب كذلك المقالة الصحافية والأدبية، كما نشر القصة القصيرة في عدة مجلات عربية. إلى جانب ذلك شغل الطود مهمة كاتب عام لفرع “اتحاد كُتّاب المغرب” بمدينة طنجة لفترة، وانتُدب محامياً للاتحاد، قبل أن ينذر ما تبقى من حياته، كلياً لفعل الكتابة والتأليف.