مندوبية السجون تتشبث بموقفها في الخلاف مع القضاة
بعد الجدل الكبير الذي أثارته بدعوتها السلطات القضائية والإدارية للإسراع بإيجاد حل للاكتظاظ المهول بالسجول المغربية، عادت المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج للرد على الاتهامات التي وجهها إليها قضاة حول تدبيرها لظروف الاعتقال، معتبرة أنها “تأويلات غير صحيحة” وفيها “تبخيس” لجهودها.
وقالت المندوبية في بلاغ لها أصدرته اليوم الأربعاء إن الاكتظاظ المسجل بالمؤسسات السجنية لم يمنعها من تسخير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبشرية لتحقيق هذه الأهداف، من خلال تفويض تغذية السجناء إلى شركات متخصصة في هذا المجال، والتي قالت أنها حسنت الوجبات الغذائية المقدمة للنزلاء كما وكيفا، موفرة كذلك على الأسر التكاليف والمشقة المرتبطة بالقفة، ومكن من جانب آخر من التقليص بشكل كبير من حجم الممنوعات المسربة إلى المؤسسات السجنية.
واستمرت المندوبية في الدفاع عن نفسها باستعراض خدماتها المقدمة للنزلاء، متحدثة عن تطور تصفه بالكبير في عدد ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للنزيلات والنزلاء، معتبرة أن “هذه الخدمات تفوق تلك المقدمة على المستوى الوطني”.
وفي الوقت الذي اتهم القضاة المندوبية بتحمل جزء من مسؤولية الاكتظاظ في السجون بسبب فشل برامج إعادة الإدماج، ترد هذه الأخيرة بعرض حصيلتها في تكوين النزلاء، حيث تقول أنه خلال موسم 2022/2023، استفاد 6748 نزيلا من برامج التعليم والتربية غير النظامية، وبلغ عدد النزلاء الحاصلين على شهادة البكالوريا أحرار ما مجموعه 633 نزيلة ونزيلا، كما بلغ عدد النزلاء المسجلين بمختلف الكليات 1685 نزيلا، علما أن عدد السجناء الحاصلين على شهادات جامعية قد بلغ خلال السنوات الخمس الأخيرة 602 سجناء. أما في ما يتعلق بمحو الأمية، فقد بلغ عدد المستفيدات والمستفيدين من هذا البرنامج خلال السنوات الخمس الأخيرة ما مجموعه 43966 نزيلة ونزيلا.
كما أشار إلى أن ارتفاع حالات العود إلى ارتكاب الجريمة بشكل ملفت نتيجة فشل برامج إعادة التأهيل والإدماج، وكذا فشل السياسة العقابية التي تعتبر فيها العقوبة السالبة للحرية قطب رحاها، إضافة إلى عدم تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بإيداع الجناة للعلاج من أجل القضاء على التسمم الناتج على استعمال المخدرات، تطبيقا للفصل 8 من ظهير 21 ماي 1974، ومراعاة لحقهم في العلاج، بسبب عدم إحداث مصحات خاصة بذلك، وفق ما تم رصده في كل تقارير رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها.
توحد القضاة بمختلف أطرهم التنظيمية، في مهاجمة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بعدما حملتهم جزء من مسؤولية إيجاد حلول لإشكالية اكتظاظ السجون، والتي سجلت مستويات قياسية تجاوز معها عدد نزلاء سجون المغرب عتبة المائة ألف.
نادي قضاة المغرب، انضم اليوم إلى رابطة قضاة المغرب، في رفض بلاغ مندوبية السجون، وقال رئيسه عبد الرزاق الجباري في تصريح صحافي أن هذا البلاغ غير دستوري ومخالف للقانون، ومحاولة للتأثير على قرارات الاعتقال التي يتخذها القضاء.
ومن بين ما أثاره عبد الرزاق الجباري رئيس نادي قضاة المغرب في انتقاده لمندوبية السجون، ارتفاع لحالات العود إلى ارتكاب الجريمة بشكل ملفت نتيجة ما وصفه بفشل برامج إعادة التأهيل والإدماج، وكذا ما وصفه بفشل السياسة العقابية، إضافة إلى عدم تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بإيداع الجناة للعلاج من أجل القضاء على التسمم الناتج على استعمال المخدرات، تطبيقا للفصل 8 من ظهير 21 ماي 1974، ومراعاة لحقهم في العلاج، بسبب عدم إحداث مصحات خاصة بذلك، وفق ما تم رصده في كل تقارير رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها.
وتفجر الجدل حول موضوع الاعتقال الاحتياطي والاكتظاظ في السجون، بعد بلاغ أصدرته مندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أول أمس، حذرت فيه من “الوضع الإشكالي المقلق” الذي باتت تعرفه السجون في المغرب بسبب الاكتظاظ الناتج عن تجاوز الطاقة الاستيعابية بأزيد من 35 ألف سرير، منذرة باختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن مشاكل متعلقة بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج.
واعتبرت المندوبية أن “السلطات القضائية والإدارية” معنية بهذا الوضع مطالبة إياها ب”بالإسراع في إيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة هذه الإشكالية”، كما نبهت إلى “تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع”. ويشكل “اللجوء المكثف للاعتقال الاحتياطي (نحو 40 بالمئة من العدد الإجمالي للسجناء بالمغرب)” طغطا على السجون بالمغرب.