مناهضو التطبيع: الاختراق الصهيوني ينخر النسيج المجتمعي المغربي

حذر مناهضون للتطبيع من خطورة الاختراق الصهيوني في النسيج المجتمعي المغربي، مشيرين إلى أنه أصبح بمثابة “سرطان” ينخر جميع القطاعات الحيوية، من التعليم والإعلام إلى الاقتصاد والتكنولوجيا، كما نبهوا إلى ضرورة التصدي له من خلال تكثيف الوعي.
وفي هذا السياق، أشار محمد حمداوي، منسق المؤتمر القومي الإسلامي بالساحة المغربية، خلال ندوة نظمها المؤتمر القومي الإسلامي – الساحة المغربية بالرباط الثلاثاء 18 مارس 2025، إلى أن التعليم بات إحدى الساحات الرئيسية لهذا الاختراق، حيث تورطت بعض الجامعات المغربية في التطبيع الأكاديمي عبر تبادل الزيارات وعقد اتفاقيات تعاون مع جامعات إسرائيلية ذات طابع عسكري، موضحا أن هذه المؤسسات تعمل على تطوير العتاد العسكري والمشاركة في الحروب، مما يجعل التعاون معها بمثابة مساهمة غير مباشرة في العدوان على الفلسطينيين.
وإلى جانب ذلك، نبه حمداوي خلال الندوة المعنونة بـ”مخاطر الاختراق الصهيوني على النسيج المجتمعي المغربي”، إلى المخاطر المتزايدة المرتبطة بـ”استقطاب الطلبة والأساتذة إلى برامج أكاديمية إسرائيلية، حيث يسعى الاحتلال إلى تجنيد العقول الشابة عبر المنح الدراسية والمؤتمرات البحثية، بهدف فرض أجنداته داخل الجامعات المغربية”.
كما أضاف أن بعض الندوات الأكاديمية باتت تُستخدم كمنصات لنشر الفكر الصهيوني وتبرير الاحتلال، محذرًا من “محاولات إسكات الأصوات المتضامنة مع القضية الفلسطينية داخل المؤسسات التعليمية”، حيث شدد في هذا الإطار، على ضرورة “متابعة المناهج الدراسية بشكل دقيق، وفضح أي محاولات لتمرير الأجندات الصهيونية، مع تعزيز التعاون مع جامعات ومؤسسات تدعم القضية الفلسطينية، بدل الانخراط في شراكات مشبوهة مع مؤسسات إسرائيلية”.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد أوضح الأستاذ الباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، محمد الناجي، أن الشركات الإسرائيلية باتت “متغلغلة في القطاعات الاستراتيجية بالمغرب، مستفيدة من اتفاقيات التعاون الأخيرة التي منحتها وصولًا غير معلن إلى مجالي الفلاحة والطاقة”.
وفي الإطار نفسه، أشار الناجي إلى أن هذا التوغل يشكل “تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي والاقتصادي للمملكة، حيث تستخدم هذه الشركات التكنولوجيا الزراعية كواجهة لاختراق السوق المغربية”، مضيفا أن هذا الوضع قد يؤدي إلى “فقدان السيطرة على الموارد الوطنية، وهو ما يستدعي يقظة وحذرًا لمواجهة تداعياته المحتملة”.
وفي قطاع التكنولوجيا، أشار الناجي إلى أن الاحتلال “يسعى للهيمنة على البحث العلمي والابتكار داخل المغرب من خلال مشاريع الذكاء الاصطناعي والحاضنات التكنولوجية المشتركة”، مضيفا أن هذه المشاريع تمثل “خطرًا حقيقيًا على سيادة البيانات الوطنية، حيث تمنح الشركات الإسرائيلية فرصة للوصول إلى معلومات حساسة حول البنية التحتية الرقمية للمملكة”.
من جهته، أكد الباحث والناشط الحقوقي عبد الحفيظ السريتي، أن الاختراق الصهيوني “بات يشكل خطرًا متزايدًا، حيث لم يسلم قطاع الإعلام من موجة التطبيع”، مشيرا إلى “الترخيص الذي منح لوسائل إعلام إسرائيلية، افتتحت مكاتب لها في الرباط والدار البيضاء، وذلك بحضور وزراء وشخصيات رسمية”.
وأكد السريتي أن “جهات صهيونية تسعى إلى التأثير على المحتوى الإعلامي، سواء عبر الإنتاج الفني أو عبر تمويل تحقيقات وتقارير تخدم أجنداتها”، مشددا على أن الصحفيين والكتاب المغاربة مطالبون بمواجهة هذا الاختراق من خلال تسليط الضوء على مخاطره وكشف حقيقته للرأي العام.
ومن جهة أخرى، حذّر الباحث والناشط الحقوقي محمد زهاري، من “تنامي الاختراق الصهيوني من خلال تعامل عدد من المخرجين المغاربة، خاصة من ذوي التوجه الفرنكوفوني، مع ممثلين ومخرجين عن الكيان الصهيوني”، موضحا أن هذه الشراكات “تفتح المجال أمام إنتاجات سينمائية ومسرحية تسعى إلى تقديم الاحتلال بصورة طبيعية، بعيدا عما يقوم به من قتل واضطهاد في غزة”.
كما أشار إلى “تزايد تنظيم حفلات يحييها فنانون إسرائيليون في المغرب”، وهو ما اعتبره خطوة نحو “تطبيع المشهد الثقافي والفني مع الاحتلال، حيث تتم استضافة مغنيين إلى المغرب ليحييوا سهرات فنية”، كما نبه إلى “التعاون المتزايد بين المتاحف المغربية ونظيراتها الإسرائيلية، والذي يشمل تبادل المعارض وبرامج الزيارات وتنظيم فعاليات مشتركة”.