نهاية رمضان تُعيد الجدل حول عودة التوقيت الصيفي

مع اقتراب نهاية شهر رمضان، يستعد المغاربة للعودة مجدداً إلى العمل بنظام الساعة الإضافية، وهو الأمر الذي يثير استياء شريحة واسعة من المواطنين، فمنذ اتخاذ الحكومة قرار الإبقاء على التوقيت الصيفي بشكل دائم سنة 2018، لم تتوقف المطالبات بإلغائه، حيث يُجمع كثيرون على أن العودة إلى توقيت غرينيتش خلال رمضان تمنحهم راحة أكبر، سواء على مستوى إيقاع حياتهم اليومية أو توازنهم البيولوجي.
وفي تبريرها لهذه الخطوة، تؤكد الحكومة أن إضافة 60 دقيقة إلى التوقيت الرسمي للبلاد يهدف إلى تقريب الساعة القانونية من نظيرتها في فرنسا، مراعاةً لارتباط المصالح الاقتصادية، مبرزة أيضا أن إضافتهما ستمكن من “ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين أداء البورصة والقطاع المالي”.
في المقابل، لا تلقى هذه التبريرات قبولاً لدى المواطنين، الذين يعتبرون أن راحة المجتمع واستقراره الاجتماعي لا ينبغي أن تكون رهينة بالمصالح الاقتصادية الخارجية.
عبء نفسي
في هذا السياق، يعتبر إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن “التوقيت الصيفي الدائم يُشكل عبئاً نفسياً وصحياً على المواطنين، خصوصاً الأطفال والتلاميذ والعمال، كما يُفاقم المخاطر المرتبطة بالتنقل المبكر ويؤثر سلباً على جودة الحياة”.
وأكد السدراوي في تصريح لصحفية “صوت المغرب” أن “الساعة الإضافية تؤدي إلى اضطرابات النوم، التوتر، وانخفاض التركيز، كما تُعرّض التلاميذ والعاملات لخطر التنقل المبكر في ظل غياب الأمن والنقل الكافي، مما يزيد من معاناة هذه الفئات”.
وأوضح رئيس الرابطة أن “هذا التغيير الزمني يُربك الاقتصاد غير المهيكل، حيث تجد فئات واسعة صعوبة في التكيف معه، مما يعمّق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية”.
واعتبر السدراوي أن الاستمرار في فرض الساعة الإضافية هو “قرار يخدم مصالح بعض الشركات العابرة للقارات بالمناطق الصناعية الحرة، على حساب صحة المغاربة وإيقاعهم البيولوجي”، مشدداً على أن “هذا الإجراء يفتقد لأي مشروعية شعبية أو علمية”.
وطالب المتحدث بـ”ضرورة وقف العمل بالساعة الإضافية، وفتح نقاش وطني شامل يُشرك مختلف الفاعلين، بهدف إعادة النظر في هذا القرار الذي أثبتت التجربة أنه لا يراعي مصلحة المواطنين”.
أقرب للتوقيت الفيزيولوجي
وفي السياق، أكد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن تعامل المواطنين الإيجابي مع العودة إلى التوقيت الشتوي يتماشى مع المعطيات العلمية التي تؤكد أن تغيير التوقيت خلال السنة له تأثيرات سلبية على صحة الإنسان.
وأوضح حمضي أن التحول نحو التوقيت الصيفي، الذي يضيف ساعة واحدة، هو “الأكثر ضررًا” مقارنة بالتوقيت الشتوي الذي يتناسب بشكل أفضل مع الفيويولوجية الطبيعية لجسم الإنسان.
وأشار المتحدث إلى أن “تغيير الساعة سواء بالنقص أو الزيادة يؤثر بشكل مباشر على الساعة البيولوجية للجسم، مما يؤدي إلى عدد من المشاكل الصحية مثل اضطرابات النوم، انخفاض القدرة على التركيز، وتزايد حوادث العمل والسير، والأرق، واضطرابات في الشهية، والمزاج العصبي، بالإضافة إلى زيادة احتمالية الإصابة باحتشاء عضلة القلب والجلطة الدماغية”.
وأبرز أن الجسم لا يتأقلم بسهولة مع الانتقال إلى التوقيت الصيفي، حيث يفقد الشخص ساعة من النوم ويُضطر للعمل في ساعات صباحية مظلمة، مما “يؤثر سلبًا على صحته”، مشيرا إلى أن “التوقيت الشتوي يتناسب مع الساعة البيولوجية لجسم الإنسان، حيث يستفيد الجسم من النوم ليلاً والعمل خلال النهار”.
وأضاف حمضي أن الدراسات أظهرت أن “الانتقال إلى التوقيت الصيفي يزيد من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية بنسبة 25٪ في الأيام التي تلي تغيير الساعة، في حين أن التوقيت الشتوي لا يزيد من احتمال هذه المخاطر، كونه أقرب للتوقيت الشمسي والفزيولوجي لجسم الإنسان”.
دراسة الحكومة
وكانت حكومة سعد الدين العثماني سنة 2018 قد نشرت تفاصيل الدراسة التي بررت من خلالها قرار العمل بالساعة الإضافية بشكل دائم، باستثناء شهر رمضان.
وأوضحت الدراسة أن، “عدم اعتماد توقيت واحد طيلة السنة يسبب اختلالات في الساعة البيولوجية واضطرابات هرمونية للأفراد”.
وأضافت الوثيقة ذاتها أن “77% من المستجوبين أكدوا أن تغيير الساعة القانونية يؤدي إلى اضطرابات في النوم خلال الأيام الأولى بعد العودة إلى الساعة القانونية، بينما اعتبر 70 في المئة منهم أنهم قد فقدوا ساعة إلى ساعتين من النوم”.
فضلا عن ذلك، أكد المصدر ذاته أن، “54% من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة، لموسا انخفاضا في التركيز واليقظة خلال الفترة الأولى من تغيير التوقيت”، مبرزا أن “نسبة حوادث السير ارتفعت بنسبة 10 في المائة عند التغيير المتكرر للساعة”.