معنينو: الراحل بن عيسى طوَّع السياسة لصالح الثقافة ولم ينس مدينته

قال الإعلامي المهتم بتاريخ المغرب الصديق معنينو، خلال الدورة السادسة والأربعين لمنتدى أصيلة الثقافي، “إن صداقتي بالراحل محمد بن عيسى تعود إلى أكثر من خمسين سنة، ولذلك يمكنني القول أنني من أقدم أصدقائه، فقد كان دائماً رجلاً طيباً وأنيقاً في كلامه، في عشرته، وفي لباسه”.
وأضاف معنينو خلال مداخلته بندوة خيمة الإبداع التي احتضنها مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية السبت 27 شتنبر 2025، أن “ما قام به محمد بن عيسى في أصيلة أخرج المدينة من النسيان، وسلط عليها الأضواء بطريقة كثيفة، وقد واجه بسبب ذلك العديد من المشاكل والعقبات، لكنه كان صامداً ومؤمناً بما يفعل، وكان يقول إنه لولا حبه للمدينة لما واصل العمل بها، ولترك المفاتيح وابتعد”.
وتابع “في شهادتي فيه، أستطيع القول إنه كان شخصاً استطاع أن يطوِّع السياسة لصالح الثقافة، حيث جعل الثقافة أولوية فوق السياسة، ورغم ذلك كان يمارس السياسة بذكاء، كان ينظر إلى أصيلة كمكان يمكن من خلاله تعزيز الدبلوماسية المغربية في أوقات حرجة من تاريخها ومسارها”.
وأشار إلى أن “محمد بن عيسى كان يستقبل العديد من المثقفين اليساريين والمعتدلين، وهو ما كان يضعه في بعض الأحيان في مواجهة مع بعض الأطراف، حيث ذكر أنه قيل له يوما إن الملك محمد السادس تدخل عدة مرات وطلب من وزير الداخلية أن يترك بن عيسى يواصل عمله بحرية، مما يدل على الدعم الملكي الواسع لرؤية بن عيسى لأصيلة”.
وأوضح أنه “كانت هناك رغبة ملكية في أن تبقى أصيلة جزيرة شبه منعزلة، تتسم بأسلوب خاص وتفتح آفاقاً جديدة”، مؤكدا أن بن عيسى بالفعل، كان ينسج علاقات ثقافية متنوعة ويعمل على جعل أصيلة وجهة عالمية للمثقفين والمفكرين، مما جعلها قبلة دائمة للثقافة والفكر”.
وتابع المتحدث أن “كثيرا من الذين يتسلمون المناصب الحكومية يتناسون مدنهم أو مرجعياتهم المحلية وينشغلون بعوالم دولية، لكن بن عيسى كان مختلفا، فقد ظل مخلصاً للمدينة، ورغم أنه كان وزيراً للثقافة، كان يحترم مواعيده السنوية التي ترتبط بأصيلة، كان يدرك أن ارتباطه بالمدينة هو جزء من قوة حضوره وتأثيره”.
وأشار معنينو إلى أن “ما يميز بن عيسى هو أنه عمل محلياً رغم ما كانت تحمله مسؤولياته على المستوى الوطني، كان يحترم كل تفاصيل أصيلة، من شوارعها الضيقة إلى تاريخها العريق، وهذا ما أعطاه قوة ودعماً كبيراً للمدينة، وكان يربط بين الثقافة والتنمية بشكل استراتيجي، ويعتبر الثقافة أداة مهمة للإصلاح”.
في ختام شهادته، قال معنينو: “إذا أردنا الحديث عن مثال فريد في الارتباط بالمدن، فلا بد من الإشارة إلى مدينة أخرى هي الصويرة. هناك، أندري أزولاي يمثل شخصية مميزة، ولكنه من الناحية الثقافية لم يصل لما وصل إليه بن عيسى، فالأخير جعل الثقافة جزءاً من المشروع الحضاري لإصلاح العلاقات الدولية، ونجح في استخدام الثقافة كأداة للتنمية”.