معظمهم يعيش بـ”المنفى”.. صحافيون ونشطاء شملهم العفو الملكي وهم في الغربة
بينما كان صحافيون ونشطاء على موعد مع لقاء أقاربهم وأصدقائهم خارج أسوار السجن الذي غادروه في عناق مع الحُريّة، استقبل آخرون قرار العفو الملكي وهم في حالة سراح؛ يقضي معظمهم حياته في سجن من نوع آخر، يسميه كثيرون “غُربة” لكن البعض يفضل كلمة “منفى”، وهي عقوبة تقليدية كانت تمارس قديماً بحق مُبعدين عن أوطانهم بينهم معارضين ومقاومين.
وإلى جانب المعتقلين الصحافيين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، والنشطاء يوسف لحيرش ورضا الطاوجني وسعيدة العلمي ومناهضي التطبيع، وغيرهم، شمل عفو الملك محمد السادس في الذكرى الـ25 لجلوسه على العرش، محكومين في حالة سراح بينهم الحقوقيين المعطي منجب وعفاف برناني وعبد الصمد آيت عيشة، والصحافيين هشام المنصوري وعماد ستيتو
محاكمة مستمرة منذ 2015
كان الحقوقي والمؤرخ المعطي منجب يحاكم، قبل صدور العفو الملكي، في قضيتين منفصلتين فتحت أولاها سنة 2015 وأدين على إثرها ابتدائياً بالسجن عاماً ونصف، بتهم تتعلق بـ”المساس بالأمن الداخلي للدولة”، بينما فتحت ضده الثانية في 2021 اعتقل حينها احتياطياً على ذمة التحقيق بٕـ”تهمة غسل الأموال” ليتابع في حالة سراح عقب إضرابه عن الطعام.
وفي بداية يوليوز الجاري، كانت قد قررت استئنافية الرباط تأجيل ملف المعطي منجب الذي يهم ستة نشطاء آخرين بينهم هشام المنصوري وعبد الصمد أيت عيشة اللاجئين في فرنسا والذين شملهما العفو أيضاً، إلى شتنبر القادم، وهو التأجيل الـ44 في قضية عمّرت 8 سنوات دون النطق بحكم استئنافي فيها.
ويشير حقوقيون إلى أن هذه المحاكمات بحق المعطي منجب، الذي خاض إضراباً عن الطعام في فترات متفرقة آخرها العام الماضي احتجاجاً على توقيفه رسمياً عن العمل كأستاذ جامعي، تستهدفه بسبب آرائه، خاصة وأنه عرف بانتقاداته للسلطة ودفاعه عن حقوق الإنسان في المغرب.
مشتكية أصبحت مذنبة
بدأت فصول قصة عفاف برناني، التي تعيش “المنفى الاختياري”، عندما تقدمت بشكاية أمام النيابة العامة ضد الفرقة الوطنية للشرطة، تفيد فيها “بتزوير أقوالها ضمن محضر رسمي، أنجزه أحد الضباط”، في إطار قضية الصحافي توفيق بوعشرين، بعدما أكدت أمام الوكيل العام بأن المحاضر تحمل تصريحات سيدة أخرى وتم نسبها إليها، مشددة على أنها لم تتعرض لأي اعتداء من قبل بوعشرين.
ليصدر بعد ذلك قرار النيابة العامة بمتابعة برناني بتهمتي “البلاغ الكاذب والقذف”، أدينت على إثره في أبريل 2018 بعد جلستين فقط ودون تمكينها من حق الرد، بستة أشهر سجناً نافذاً وغرامة 1000 درهم، قبل مغادرتها أرض الوطن مفضلة المنفى بدل أسوار السجن رغم أن لكل منهما مرارته.
وتستقبل الناشطة الحقوقية عفاف برناني اليوم قرار العفو الملكي عنها، بعد 6 سنوات، وهي التي تولت قبل شهر مهمة منسقة شبكة العمل لمنطقة شمال إفريقيا في فرع منظمة العفو الدولية بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
من شاهد إلى متهم
الصحافي عماد ستيتو الشاهد الوحيد في الملف الذي توبع فيه زميله عمر الراضي على خلفية تهمة تتعلق بـ”الاغتصاب”، من الذين شملهم العفو الملكي الإثنين 29 يوليوز في حالة سراح، وهو كذلك يعيش منفاه الاختياري في تونس، بعدما تحول من شاهد يثبت براءة زميله إلى متهم تطالب النيابة العامة بالتحقيق معه بتهم “المشاركة في الاغتصاب”.
وكانت محكمة الاستئناف قد أكدت عام 2021 الحكم الابتدائي بحق الصحافي عماد استيتو سنة حبساً ستة أشهر منها نافذة، وغرامة مالية بلغت عشرون ألف درهم.
وشهد المغاربة ليلة استثنائية عشية الاحتفال بمرور ربع قرن على اعتلاء العاهل المغربي عرش البلاد، بعد عفو ملكي اعتاد الشعب المغربي صدوره في مثل هذا التوقيت من السنة، لكنه لم يبد عادياً في مضمونه وهويات أبرز المستفيدين منه؛ خاصة بعدما شمل إلى جانب ألفي شخص صحافيين ونشطاء رأي وحقوقيين، وهو ما عده مراقبون”التفاتة إنسانية” و”تصحيحاً للظلم”، بينما عده آخرون”بداية افراج حقوقي” في البلاد، مطالبين بإطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين الذين بينهم النقيب محمد زيان ونشطاء حراك الريف.