story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

باحثة إيرانية لـ”صوت المغرب”: الهجوم الإسرائيلي وحّد الصف داخل إيران

ص ص

في تصعيد مفاجئ قض مضجع الإيرانيين، في وقت مبكر من يوم الجمعة 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجوماً واسعاً على مواقع عديدة في إيران، بينها منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية، ومناطق سكنية كما اغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين.

وبينما ساد الترقب منذ ساعات الصباح الأولى لرد إيران، رفرفت راية الثأر الحمراء بالعاصمة في إعلان رمزي عن بدء الرد. وبالفعل شنت إيران هجوماً صاروخياً ضخماً على مواقع إسرائيلية رداً على الغارات التي استهدفت طهران ومدناً إيرانية، وأدت إلى مقتل عشرات المدنيين إلى جانب القادة العسكريين والعلماء. هذا التصعيد شد أنظار العالم إلى المنطقة، وطرح تساؤلات حول الوضع داخل إيران وحدوج الرد الذي قد تبلغه.

في هذا الصدد، تقول الباحثة الإيرانية في العلاقات الدولية فاطمة الصياحي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن الهجوم الإسرائيلي على إيران جاء في وقت لم يكن فيه الشارع الإيراني يوجه أي انتقادات تُذكر للسياسة الخارجية لبلاده أو النهج العسكري للحكومة، بحيث أن “فريق الإصلاحيين بقيادة مسعود بزشكيان كان منخرطاً في مفاوضات نووية مع البيت الأبيض، والعلاقات العربية تسير في أفضل حالاتها، ولم تسجّل قوات الحرس الثوري أي تحركات لافتة في المنطقة، كما لم تُظهر إيران أي رغبة في الدخول بمواجهة عسكرية”.

موقف الشارع الإيراني

رغم هذا الواقع الهادئ، تضيف الصياحي: “أقدمت إسرائيل على تنفيذ هجوم داخل الأراضي الإيرانية، حوّلت خلاله أجزاء من العاصمة إلى ساحة حرب”، مشيرة إلى أن “هذا العدوان غير المبرر دفع حتى منتقدي الدور الإقليمي لطهران إلى رفض الهجوم والمطالبة بردّ حازم على تل أبيب”.

وشددت على أن الشعب الإيراني بطبيعته لا يؤيد الحروب أو الانخراط فيها، لكنه “عندما يتعرض للاعتداء، يتوحد حول ضرورة الدفاع عن البلاد”. ولفتت الانتباه إلى أن معظم السياسات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة أدت إلى تعزيز مكانة الحكومة داخلياً وزيادة الالتفاف الشعبي حول النظام، من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتغيير اسم “الخليج الفارسي”، إلى التهديدات المباشرة بشن هجوم عسكري على إيران.

وأفضت السياسات العدوانية ضد إيران، بحسب الصياحي، إلى توحيد جميع الأطياف السياسية والشرائح الاجتماعية في موقف موحد داعٍ للانتقام الصارم.

وتوضح المحللة السياسية الإيرانية أنه على الرغم من وجود نسبة من المواطنين غير الراضين عن الأداء الحكومي أو المنتقدين له، إلا أن إيران “لا تمتلك نظاماً بديلاً جاهزاً، فيتكاتف الشعب مع تصاعد التهديدات، في ظروف الحرب للدفاع عن الوضع القائم”.

حزن وغضب

قالت وكالة أنباء فارس أن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن 78 قتيلاً و329 مصاباً في المناطق السكنية بمحافظة طهران وحدها. في حين أعلن مدير دائرة الأزمات بمحافظة أذربيجان الشرقية تسجيل 18 قتيلاً و35 جريحاً، بينما قال مدير دائرة الأزمات بمدينة تبريز إن 8 أشخاص قتلوا في هجوم إسرائيلي على المدينة.

“من بين أكثر المشاهد إيلاماً، صورة لطفل لم يتجاوز عمره بضعة أشهر”. تقول الإيرانية فاطمة الصياحي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنها انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما أُصيب في القصف واستشهدت والدته أمام عينيه.

وقالت الصياحي إن الإيرانيين مروا خلال الساعات الماضية، بظروف نفسية صعبة وقاسية، “إذ استهدفت غارات من الاحتلال الإسرائيلي منازل سكنية ومدنيين أبرياء”. وأشارت إلى أن مشهد الطفل وغيره ترك أثراً بالغاً في وجدان الشارع الإيراني، الذي يعيش حالة من الحزن والغضب,

ولفتت إلى أنه حتى الآن، “لم تصدر إحصاءات رسمية دقيقة عن عدد الضحايا، غير أن مصادر ميدانية تشير إلى استشهاد نحو 300 عسكري، إلى جانب عشرات المدنيين، نصفهم من النساء والأطفال”.

وفي هذا السياق، تتداول وسائل الإعلام والمنصات الرقمية في إيران محتوى تثقيفياً وتوجيهياً حول كيفية التعامل النفسي مع الأطفال أثناء الصراعات، بهدف الحدّ من الآثار النفسية عليهم، “وهو ما يعكس مدى جدية الموقف وقلق الناس العميق على الصحة النفسية للمجتمع”، بحسب فاطمة الصياحي.

ومن أكثر ما أثّر في النفوس وأثار موجة تضامن واسعة، خصوصاً بين فئة الشباب، هو “استهداف العلماء النوويين والرموز العلمية البارزة”. تقول المحللة السياسية الإيرانية إن “جميع هؤلاء الشهداء كانوا من النخب العلمية، مثالاً في الاجتهاد والتفاني، يحظون باحترام واسع في الأوساط الأكاديمية وبين طلابهم”.

وشددت على أن “هذه الاغتيالات أسهمت، إلى جانب القصف الوحشي، في تعزيز حالة الوحدة الوطنية والوقوف صفاً واحداً بوجه العدوان الإسرائيلي”.

إلى أي مدى يصل الرد؟

وبعد 18 ساعة على بدء الهجوم الإسرائيلي عليها، شنت إيران هجومين صاروخين على على عشرات الأهداف الإسرائيلية، عبر مئات الصواريخ البالستية، مخلفة دماراً غير مسبوق في أكثر هجوم إيراني قوة على إسرائيل منذ الهجومين الأخيرين في العام الماضي.

وإلى جانب هذا الهجوم الصاروخي، تتوقع الباحثة الإيرانية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية فاطمة الصياحي أن يتنوع سيناريو الرد بين ضربات مباشرة ورسائل ردع استراتيجية.

وقالت الصياحي، إنه إلى جانب تنفيذ الهجوم الصاروخي المباشر على الأراضي المحتلة، واستهداف مواقع حساسة في تل أبيب، أو حتى شنّ عمليات انتقامية نوعية داخل العمق الإسرائيلي، “لا يُستبعد أن تشمل الردود المحتملة استهداف قواعد أمريكية في المنطقة، في حال ثبوت تورط واشنطن في هذا العدوان”.

ويعد إغلاق مضيق هرمز أو تهديد أمن الملاحة الدولية في الخليج من بين الخيارات المتاحة أمام طهران كذلك، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على إسرائيل وحلفائها الغربيين. إلا أن هذا الخيار، رغم سهولته من الناحية العسكرية، توضح الصياحي أنه يحمل تبعات إقليمية معقّدة، “وقد تتجنبه إيران حرصاً على عدم الإضرار بالدول العربية المجاورة”.

كما يُطرح خيار استهداف المنشآت النووية الإسرائيلية ضمن قائمة الردود التصعيدية، ما قد يرفع منسوب التوتر بشكل كبير في المنطقة. وفي هذا السياق، ذكرت الصياحي نقلاً عن مصادر في إيران “احتمال لجوء طهران إلى إجراء اختبار نووي، في حال قررت إرسال رسالة استراتيجية حادة وغير مسبوقة، وهو ما قد يشكّل تحوّلاً نوعياً في طبيعة النزاع”.

هذه السيناريوهات، وإن كانت متفاوتة في مستوى التصعيد، ترى الباحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أنها “تعكس وجود إرادة واضحة لدى صُنّاع القرار الإيراني للرد، وسط إجماع داخلي نادر على ضرورة معاقبة إسرائيل وردعها عن تكرار مثل هذه الاعتداءات”.