مطالباً بالأدلة.. مجاهد يرد على اتهامات “استهداف” المهداوي
خرج رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، يونس مجاهد، عن صمته للرد على تصريحات عبد الله البقالي التي لمح فيها إلى احتمال وجود “استهداف” للصحافي حميد المهداوي.
وتساءل مجاهد، في تسجيل يثه على صفحته الرسمية في “فايسبوك”، عن الجهة التي يُفترض أنها استهدفت المهداوي، موضحاً أن الحديث عن استهداف “تهمة خطيرة” تفترض وجود مؤامرة وتدليس وتزوير، وبالتالي فإن “من يوجه مثل هذا الاتهام مطالب بتقديم الحجج”.
وقبل خوضه في التفاصيل التي تطرق إليها البقالي، أشار مجاهد إلى أن مداولات المجلس الوطني للصحافة واللجنة المؤقتة سرية، مستنداً إلى المادة 10 من النظام الأساسي التي تمنع على الأعضاء إعلان أي موقف علني يتعلق بالقضايا التي اطلعوا عليها طيلة مدة الانتداب وسنتين بعدها.
ويرى رئيس اللجنة المؤقتة أن الأسباب التي أعطت البقالي إحساساً بوجود استهداف، وأن تواتر الشكايات ضد المهداوي لا يعني بالضرورة وجود نية استهداف، مشيراً إلى وجود مقاولات إعلامية وُجهت ضدها أكثر من أربع شكايات دون القول إنها مستهدفة.
وأوضح مجاهد أن إحدى الشكايات ضد المهداوي قُدمت من طرف أجير يشتغل مع المهداوي، لكنها انتهت بقرار من لجنة الوساطة والتحكيم لصالح المهداوي، وليس ضده.
وفي الجانب الأخلاقي، يضيف المتحدث أنه كانت هناك شكايتان “الأولى تقدم بها ناشر، وانتهت كذلك بالحكم لصالح المهداوي”، بينما جاءت الشكاية الثانية في إطار الإحالة الذاتية، “بناء على مصطلحات استعملها المهداوي واعتبرتها اللجنة المؤقتة تستحق المتابعة لتفادي تكرار الأخطاء”.
كما توقف مجاهد عند الخلاف الذي وقع بين لجنة الأخلاقيات ودفاع المهداوي حول عدد المحامين المسموح لهم بالحضور. إذ بينما اعتمدت اللجنة بحسب المتحدث، على النص القانوني الذي يشير إلى “محام أو زميل” بصيغة المفرد، اعتبر الدفاع أن المفرد لا يعني بالضرورة شخصاً واحداً.
وبخصوص المصطلحات التي قيلت في الاجتماع، قال مجاهد إن “الاجتماع كان داخلياً، وإن الأعضاء يعرفون بعضهم منذ مدة طويلة، وقد استُعملت مصطلحات لم يكن ينبغي أن تُستعمل”، مشيراً إلى أن أعضاء اللجنة يقرّون بذلك، وأنها “كانت نتيجة توتر في النقاش العام”.
وذكر مجاهد أن اللجنة تداولت واتخذت قرار سحب البطاقة من الزميل حميد المهداوي لمدة سنة بناء على القانون، وأن القرار “طُبق في عشرات الحالات المشابهة”، كما أبرز أنه تم “التراجع عن قرار المنع من الدعم”.
وأشار إلى أن حضوره، في الاجتماع الذي أثار استياء الرأي العام بعد تسريب وقائعه، كان من أجل الاستشارة حول المادة 52 المتعلقة بالنفاذ المعجل للعقوبة، مضيفاً أن بعض أعضاء الاجتماع “اعتقدوا أنه يجب مراسلة الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، فيما رأى آخرون أنه يجب مراسلة النيابة العامة، بينما الصحيح هو مراسلة رئيس المحكمة المختصة”، وهو القرار الذي لم يتخذه بحسب تعبيره.
وشدد مجاهد على أنه لم يكن هناك أي تشدد في ملف المهداوي، وأن اللجنة “منحته فرصة الطعن وانتظرته لمدة 35 دقيقة قبل انصراف الأعضاء”.
واعتبر مجاهد أن الحديث عن استهداف بناء على حالة واحدة “غير منطقي”، مشيراً إلى أن اللجنة أصدرت أكثر من 230 عقوبة، بينها ملفات شهدت أكثر من عقوبتين، من دون أن يطرح أحد مسألة الاستهداف.
وأكد أنه إذا كان لدى البقالي حجج أو قرائن فعليه تقديمها للجنة أو له شخصياً كرئيس، وأنه في حال ثبوتها يمكن اتخاذ إجراءات، كما يمكنه اللجوء إلى القضاء لأن الاتهام “يمس أشخاصاً مؤتمنين على مصالح الناس والأخلاقيات”.
وأشار مجاهد إلى أن البقالي استمر في العمل داخل لجنة الأخلاقيات واتخذ قرارات معها، وهو ما اعتبره دليلاً على أنه لا يمكن القول إن هؤلاء الأعضاء “تآمروا على شخص”. وأضاف أنه إذا اعتبر البقالي أنهم يستهدفون شخصاً، فإن ذلك يصبح تشهيراً، لكنه يرجح أن الأمر كان “خطأ في التعبير والتقدير” من طرفه.
كما اعتبر أن طلب البقالي مراجعة القرار ضد المهداوي غير ممكن قانونياً، لأن الملف أُحيل إلى المحكمة، “وبالتالي لا يمكن سحبه”، مشدداً على أن المحكمة ستتخذ القرار الملائم للقانون. وختم مجاهد بأن ما صدر عن البقالي كان “تعبيراً تحت تأثير الغضب والصدمة”، آملاً منه مراجعة الموضوع.
وكان عبد الله البقالي، عضو لجنة الاخلاقيات وقضايا التأديب التابعة للجنة المؤقتة للصحافة، اعتبر في وقت سابق، أن ما جرى في حق الصحافي حميد المهداوي كان “باطلاً وغير قانوني”، مشيرا إلى أن تواتر الشكايات ضده “ليس بريئاً”.
وأوضح البقالي، في أول ظهور له منذ كشف فضيحة “لجنة الأخلاقيات” أنه انسحب من اجتماع الجمعية العمومية اعتراضاً على رفض طلب تجديد بطاقة الصحافة للمهداوي، معتبراً أن هذا الرفض “انتقائي وغير منصف، وأن تواتر الأحداث والشكايات ضده يشير إلى احتمال وجود استهداف شخصي للزميل المهداوي”.
وطالب البقالي بمراجعة جميع القرارات المتخذة ضد المهداوي لضمان تطبيق القواعد بشكل عادل، مؤكدًا تمسكه بالمبادئ القانونية والأخلاقية كأساس لأي قرار يتعلق بالصحافيين.
وكشف تفاصيل دقيقة بشأن ملف تجديد بطاقة الصحافة للمهداوي، مؤكداً أنه بصفته رئيساً للجنة منح البطاقة، وبعد استفسارات المهداوي المتكررة حول تأخر الرد،” تأكد بوضوح من أن الزميل استوفى جميع الشروط المطلوبة”.
وبعدما لم يتلق جواباً مقنعاً بخصوص التأخير، قام البقالي بمسؤولية منه بالموافقة على الملف وتحويله إلى خانة “موافَق عليه”. غير أن المفاجأة كانت إلغاء هذه الموافقة وإعادة الملف إلى “قيد المعالجة”، وهو ما أثار احتجاج البقالي على الرئاسة لعدم استشارته.
وعند نقل الخلاف إلى الجمعية العمومية، كان الدفع الرئيسي لرفض التجديد هو أن الدخل الرئيسي للمهداوي يأتي من منصة “اليوتيوب” وليس من الصحافة.
وهنا، أعلن البقالي موقفه: “أوافق على هذا الدفع بشرط اعتماده قاعدة عامة يطبق على جميع الحالات المشابهة”، أي مراجعة جميع البطاقات الممنوحة هذه السنة. لكن تقرر رفض تجديد البطاقة، ما دفعه لاعتبار القرار “انتقائياً ويشتم منه رائحة استهداف”، ليُعلن على إثره انسحابه من اجتماع الجمعية العمومية.
ولم تتوقف الأحداث عند رفض البطاقة، إذ كشف البقالي عن مسطرتين تأديبيتين فُتحتا ضد المهداوي. في الشكاية الأولى (التحريض)، قررت اللجنة بطلان المتابعة بعد قبول دفع شكلي جوهري قدمه دفاع المهداوي (بقيادة النقيب عبد الرحيم الجامعي)، واكتفت بتوصية المهداوي بحذف الفيديو، “وقد استجاب الزميل وقام بحذفه فوراً”.
أما الشكاية الثانية (الإحالة الذاتية)، التي تعلقت بتصريح أدلى به المهداوي بعد خروجه من قاعة المحكمة، فقد شكك البقالي في تواترها، معبراً عن ارتيابه “بوجود استهداف”، مؤكداً أن مهمة لجنة الأخلاقيات تنحصر في معالجة ما ينتجه الصحافي في إطار خدمته الإعلامية (مقالات أو نشر)، وليس في تصريحاته خارج هذا النطاق، معتبراً أن “طبيعة المتابعة لم تكن صائبة”.
وانسجاماً مع موقفه الرافض لما سماه “مسلسل الاستهداف”، أعلن البقالي مقاطعته لاجتماع لجنة الأخلاقيات للنظر في الشكاية الثانية، مشيراً إلى أن موقفه كان يحتم عليه الاستمرار في ثباته. كما أشار إلى “مفارقات غريبة” في القرارات، متسائلاً: كيف يمكن للجنة أن تقرر سحب بطاقة الصحافة لسنة كاملة، بينما المهداوي لا يمتلكها أصلاً وقد مُنع من تجديدها؟
وأكد عبد الله البقالي أن ما حدث كان “باطلاً وغير مقبول نهائياً، وأن تواتر الشكايات والأحداث ضد الزميل المهداوي أمر غير بريء يمكن أن يصل حد الاستهداف”. وطالب، في ختام تصريحاته، بمراجعة جميع القرارات المتخذة في حق حميد المهداوي، مؤكداً أن هذه القرارات “بُنيت على الباطل”، إذ شدد على أن ما جرى ألحق ضرراً كبيراً بمصداقية مؤسسة المجلس الوطني للصحافة.