story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

مصير مساعداتها في المغرب والعالم مجهول.. لماذا هدد ترامب بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية؟

ص ص

منذ عودة دونالد ترامب إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في الـ20 من يناير الماضي، لم تتأخر قرارات الرئيس الجديد في إثارة الجدل والاضطرابات. بحيث أنه بعد قراراته حول الرسوم الجمركية التي بلغ مداها نصف دول العالم، جاء قراره بإعادة النظر في الوكالة الأمريكية للتنمية ليخلق ضجة على مستوى النصف الآخر.

وأكدت إدارة دونالد ترامب خططها لدمج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في وزارة الخارجية، “في خطوة إصلاحية كبرى بهدف تقليص عدد موظفيها ومواءمة إنفاقها مع مصالح أمريكا الوطنية”، وهو ما خلق ضجة كبيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث مولت الوكالة مشاريع في نحو 130 دولة برسم سنة 2023.

وضمن بيان لها على موقعها الإلكتروني الرسمي تفيد الوكالة بأنه “بحلول يوم الجمعة 7 فبراير 2025 سيتم وضع جميع موظفي الوكالة الذين تم تعيينهم بشكل مباشر في إجازة إدارية على مستوى العالم، باستثناء الموظفين المعينين المسؤولين عن الوظائف المهمة والقيادة الأساسية والبرامج المخصصة بشكل خاص”.

وفي شرحه لأسباب هذا القرار، قال ترامب إن الوكالة كانت “تدار من قبل مجموعة من المتطرفين المجانين، ونحن نتخلص منهم”، بينما وصفها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي أوكل إليه ترامب مهمة الإشراف على المشروع، على منصته “إكس” بأنها “منظمة إجرامية”، مضيفًا أنه “حان وقت إنهائها”.

ما هي مهام الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)؟

يعود تأسيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) إلى سنة 1961 على يد الرئيس الديمقراطي جون كينيدي، وذلك بهدف تحسين تنسيق المساعدات الخارجية، والتي كانت ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الأمريكية لمواجهة النفوذ السوفييتي آنذاك.

وتشرف الوكالة على ما يناهز 60% من المساعدات الخارجية الأمريكية، بحيث قامت بصرف ما يناهز 44 مليار دولار خلال السنة المالية 2023. كما تتوفر على قوى عاملة يبلغ حجمها 10 آلاف موظف، يعمل حوالي ثلثيهم في الخارج.

وخلال السنة المالية 2023، مولت الوكالة مشاريع في نحو 130 دولة، إذ جاءت أوكرانيا في مقدمة أكبر 10 دول مستفيدة من المساعدات، تلتها بالترتيب كل من إثيوبيا، الأردن، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الصومال، اليمن، أفغانستان، نيجيريا، جنوب السودان، وسوريا.

لماذا يريد ترامب وماسك إلغاء مهام الوكالة؟

وجهت الإدارة الأمريكية عدة انتقادات للأنشطة التي تقوم بها الوكالة حول العالم، خاصة على مستوى إنفاقها الذي يأتي من أموال دافعي الضرائب، وهو ما جعلها أول “ضحايا” الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي وضعه ترامب على رأس “إدارة الكفاءة الحكومية” التي تضع ضمن أهدافها الأساسية خفض “الإنفاق المفرط وغير الضروري” للحكومة.

المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في أحد أجوبتها على أسئلة الصحافيين، أشارت إلى عددا من الأنشطة التي تقوم الوكالة بتمويلها، واصفة إياها بـ”الهراء الذي لا يريد الأمريكيون إنفاق أموالهم عليه”، ومن ضمن هذه الأنشطة:

  • 47,000 دولار لتمويل “أوبرا” عن المتحولين جنسيًا في كولومبيا.
  • 32,000 دولار لتمويل كتاب قصص مصورة عن المتحولين جنسيًا في بيرو.
  • 1.5 مليون دولار لتعزيز “التنوع والمساواة والشمول” (DEI) في أماكن العمل في صربيا.
  • 70,000 دولار لإنتاج مسرحية موسيقية عن “التنوع والمساواة والشمول” (DEI) في أيرلندا.

في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن “الوكالة تتصرف كأنها مؤسسة خيرية عالمية مستقلة عن المصالح الوطنية”، مؤكدًا أن “كل دولار ننفقه، وكل برنامج نموله، يجب أن يكون متماشياً مع مصالح أمريكا الوطنية”.

ما علاقة الوكالة بالاستخبارات المركزية (CIA)؟

تواجه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) اتهامات أكثر حدة، تعتبرها “واجهة لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)”، وتصف بعض أنشطتها بأنها “أسوأ الفضائح في تاريخ الاستخبارات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة”.

ومن ضمن هذه “الفضائح”، تشير العديد من التصريحات الرسمية، بما فيها منشور لماسك على منصته “إكس” (تويتر سابقًا)، إلى أن الوكالة ساهمت في تمويل أبحاث الفيروسات في معهد “ووهان” بالصين، الذي اتُهم بكونه مسؤولًا عن “تسرب فيروس كورونا”، وهي رواية تدعمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وبالإضافة إلى كل هذا، ارتبط اسم الوكالة بأنشطة تهدد سيادة عدد من الدول، كتمويل حركات احتجاجية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستخدام عيادات علاج فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) في كوبا كغطاء لعمليات استخباراتية، وكذلك إنشاء منصة رقمية للأخبار الرياضية في كوبا قبل أن تتحول إلى أداة لحشد الجماهير ضد حكومتهم وإشعال الاحتجاجات.

تعليقًا على هذه المعطيات، أوضح المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، مايك بنز، أنه “عندما تكتشف الدول الأخرى هذه الحقيقة، فإنها تتحول إلى أزمة دبلوماسية، حيث تضر بمكانة الولايات المتحدة بين الدول الشريكة، وتجعلها تميل إلى التحالف مع روسيا والصين بدلاً من الولايات المتحدة، لأننا نبدو وكأننا الأشرار”.

ما هي المساعدات التي قدمتها الوكالة الأمريكية بالمغرب؟

على غرار 130 دولة حول العالم، يرتبط المغرب بمشاريع ومساعدات تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، لكن منذ قرار ترامب، أوقفت العديد من المنظمات والجمعيات بالمغرب برامجها الممولة من طرف الوكالة، حيث لم يعد بإمكان المستفيدين من هذه البرامج الولوج إلى هذه الخدمات.

ومن أبرز الشراكات التي تجمع الوكالة مع المغرب، شراكة مع مجموعة “المكتب الشريف للفوسفاط” لتحسين كفاءة ومردودية القطاع الفلاحي في القارة الإفريقية.

في هذا السياق، كان المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) قد أعلن أنه استثمر، من خلال فرعه الإفريقي، ما يناهز 30 مليون دولار لدعم الاستخدام الفعال للأسمدة في إفريقيا جنوب الصحراء، كتكملة لاستثمار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية البالغ 40 مليون دولار.

وفي أبريل من العام الماضي، وفرت الوكالة الأمريكية تمويلًا قدره 80 مليون درهم (8 ملايين دولار) لدعم المتضررين من زلزال الحوز، ضمن برنامج يتكون من خمس مجالات للتدخلات الاستراتيجية تستهدف في الأساس الأطفال واليافعين وأسرهم، وذلك على مدى 30 شهرًا.

ومن ضمن مجالات هذا البرنامج:

  • دعم الوصول إلى تعليم شامل ذو جودة وبيئة تعلم آمنة ومحمية.
  • تحسين الوصول إلى خدمات التزود بالماء الصالح للشرب والصرف الصحي.
  • تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية للأمهات والأطفال وتحسين التغذية المناسبة.

كما قدمت الوكالة دعمًا سنة 2021، يهم أساسًا مجال التعليم، بكلفة إجمالية بلغت 250 مليون درهم (25 مليون دولار)، وذلك لتمويل برنامج يروم تعزيز قدرة وزارة التربية الوطنية على تنفيذ مناهج دراسية جديدة تركز على المتعلم في اللغة العربية وبعض المواد العلمية.

وإلى جانب هذا، تعهدت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامانثا باور، بعد زيارتها للمغرب في ماي الماضي، بالعمل مع المغرب على تطوير استراتيجيات للتنمية المستدامة في مجالات الطاقات المتجددة وتدبير الموارد المائية والفلاحة المستدامة.

ما بعد قرار ترامب؟

تتجه إدارة ترامب نحو محاولة دمج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) مع وزارة الخارجية، إذ أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أنه بات يشغل منصب المدير المؤقت للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فيما أعلن إيلون ماسك في وقت سابق أن الرئيس دونالد ترامب “وافق” على إنهاء عمل الوكالة.

في المقابل، يرى الصحافي والخبير في الشأن الأمريكي، حمزة الأنفاسي، أنه من المنتظر أن يكون هناك رد فعل قانوني من الحزب الديمقراطي من خلال رفع دعاوى تطعن في قانونية ودستورية قرار الدمج، حيث يرى هؤلاء أن قرارًا بهذا الحجم يجب أن يمر في إطار قانون رسمي تتم المصادقة عليه من قبل مجلسي الكونغرس قبل أن يصبح نافذًا.

ترامب نفسه بدا “غير واثق” بقدرته على تمرير هذا القرار دون المرور بالكونغرس، إذ قال مجيبًا على أسئلة الصحافيين بخصوص الموضوع: “لا أعرف، لا أعتقد ذلك إن كان الأمر يتعلق بجرائم الاحتيال، هؤلاء الأشخاص مجانين.”

من جهته أوضح السيناتور “براين شاتز”، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: “تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أمر غير قانوني ويجعلنا أقل أمانًا. لقد أُنشئت الوكالة بموجب قانون فيدرالي ويتم تمويلها من قبل الكونغرس. لا يمكن لدونالد ترامب وإيلون ماسك محوها بمجرد توقيع بقلم – بل يحتاجان إلى تمرير قانون.”