story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
جالية |

مراقبون يرصدون “تراجع” إقبال مغاربة العالم ويحذرون من “أزمة ثقة”

ص ص

مع حلول موسم الصيف يطفو إلى السطح مجددًا ملف مغاربة العالم وعلاقتهم بوطنهم الأم، في ظل مؤشرات ميدانية وسياحية من طرف مراقبين تُنبئ ب”فتور متزايد” في الإقبال على زيارة المغرب، و”تراجع ثقة” شريحة واسعة من الجالية في المؤسسات والسياسات العمومية.

ففي الوقت الذي تتحدث فيه الأرقام الرسمية عن ارتفاع طفيف في عدد الوافدين، تنبّه أصوات سياسية وخبراء في القطاع السياحي إلى واقع مغاير تمامًا، مشيرين إلى “أزمة ثقة متفاقمة”، في ظل توقعاتهم ب”موسم صيفي باهت”.

وفي السياق، حذّرت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، من “التداعيات العميقة” لتراجع إقبال مغاربة العالم على زيارة وطنهم الأم، معتبرة أن هذا المؤشر “لم يعد مجرد رقم عابر في تقارير المطارات والموانئ، بل يعكس تفككًا مقلقًا في علاقة الثقة بين الوطن وأبنائه المقيمين بالخارج”.

وأكدت التامني، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الحديث عن الجالية المغربية “لا يجب أن يظل مرتبطًا بموسم الصيف، بل هو ملف استراتيجي يهم أكثر من خمسة ملايين مغربي”، بينهم جيل أول هاجر مضطرًا، وأجيال جديدة وُلدت ونشأت في المهجر، ولا ترى في المغرب سوى “وطن يتذكّرهم فقط كعملة صعبة”، على حد وصفها.

فشل في السياسات السياحية

وسلطت النائبة الضوء على مجموعة من الأسباب التي تدفع العديد من أفراد الجالية إلى العزوف عن زيارة المغرب، أبرزها “الارتفاع الصاروخي لتذاكر النقل الجوي والبحري دون أي تدخل حكومي حقيقي للحد منه، إلى جانب الإهانات التي يتعرض لها القادمون في المعابر الحدودية، وبطء الإجراءات الإدارية المتكلسة، التي تفقد العودة للوطن معناها”.

كما انتقدت التامني “ضعف الاستقبال الرسمي” لمغاربة العالم، “والذي لا يرقى إلى حجم إسهامهم الاقتصادي الحيوي”، مشيرة إلى أن “مشاريع الاستثمار التي يحلم بها كثيرون منهم غالبًا ما تتحطم على صخرة الرشوة، والمحسوبية”.

وأضافت أن السياسة العمومية في مجال السياحة الداخلية “فاشلة وتفتقر إلى رؤية”، في ظل غلاء الأسعار في كل مكان، وغياب أي رقابة أو حماية للمستهلك.

وتساءلت النائبة البرلمانية: “كيف ننتظر من مغاربة العالم أن يظلوا أوفياء لوطن لا يُنصت إليهم؟ وكيف نُطالبهم بالتحويلات والمساهمة في الاقتصاد، بينما الدولة تُقصيهم من القرار السياسي، وتحرمهم من تمثيلية حقيقية وفاعلة؟”

وختمت التامني بدعوة صريحة إلى إعادة النظر جذريًا في علاقة الدولة بالجالية المغربية، عبر إرادة سياسية صادقة، وإصلاح مؤسساتي عميق، وسياسات عمومية نابعة من “احترام الإنسان وحقوقه، لا فقط تحويلاته البنكية”. وأكدت أن مغاربة الخارج “ليسوا ضيوفًا صيفيين، بل مواطنون كاملو الحقوق، وإذا تراجع إقبالهم، فالسبب الحقيقي هو فشل الدولة في احتضانهم وإنصافهم”.

من جانبه، سجل الخبير السياحي الزبير بوحوت أن القطاع السياحي المغربي يعيش حاليًا “مرحلة ضبابية”، حيث يصعب تحديد ملامح أدائه بدقة خلال هذا الموسم، في ظل تضارب الأرقام الرسمية والمؤشرات الميدانية.

وأوضح بوحوت، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن معطيات شهر يونيو تثير القلق بشأن مستقبل الموسم الصيفي، رغم أن العطلة الصيفية تُعد لحظة انتظار سنوية للمغاربة، خصوصًا أفراد الجالية المقيمة بالخارج، الذين يبدأون في التوافد على البلاد تزامنًا مع عملية “مرحبا”، ابتداءً من العاشر من يونيو، بنسبة تركيز تتراوح بين 40% و50% خلال فصل الصيف.

واستنادًا إلى أرقام المرصد الوطني للسياحة، فقد شهدت الأشهر الستة الأولى من السنة زيادة بنسبة 19% في عدد السياح الوافدين، من أجانب ومغاربة العالم، غير أن شهر يونيو سجل فقط 11% كنسبة نمو، وهي أضعف نسبة يتم تسجيلها خلال السنوات الأخيرة، بعد تسجيل 27% في شهري يناير وماي.

وفيما صرّح وزير الخارجية ناصر بوريطة أمام البرلمان أن عدد مغاربة العالم الذين دخلوا المغرب بين 10 يونيو و10 يوليوز بلغ مليون و520 ألف شخصًا، بزيادة قدرها 13% مقارنة بالسنة الماضية، يرى بوحوت أن “الوضع الميداني لا يعكس هذه الأرقام، بل يُظهر مؤشرات تباطؤ وتراجع”.

نموذج مقلق

وأشار بوحوت إلى أن مدينة السعيدية، التي تُعتبر من أبرز الوجهات الصيفية الموسمية خصوصًا للجالية القادمة من المنطقة الشرقية والريف، “تشهد رواجًا ضعيفًا هذا الموسم، وهو ما تؤكده فيديوهات متداولة تُظهر فراغ عدد من المنشآت السياحية”.

وأضاف أن “مسؤولًا سياحيًا بمدينة مراكش تحدث عن تراجع في الحجوزات بنسبة 20% إلى 25% خلال شهر يوليوز مقارنة بسنة 2024، وهو تصريح صادر عن فاعل في قطاع الفنادق، ما يعني أن التراجع يشمل كل من السياحة الدولية ومغاربة العالم”.

وتوقف بوحوت عند “الارتفاع الكبير” في أسعار تذاكر الطيران والإقامة الفندقية، مشيرًا إلى أن ذلك “يشكل حاجزًا أمام انتعاش السياحة، سواء بالنسبة للسياح الأجانب أو المغاربة”. بل إن بعض السياح الأجانب، حسب قوله، “يستفيدون من أسعار تفضيلية أقل مما يُعرض على المواطن المغربي، ما يُفاقم الإحساس بعدم الإنصاف في السوق السياحي المحلي”.

“صمت رسمي”

وأكد الخبير السياحي أن “العديد من المهنيين يفضلون التزام الصمت خوفًا من فقدان مصالحهم مع مؤسسات رسمية أو ارتباطاتهم بالإدارة والوزارة، رغم إدراكهم لحجم الأزمة”، مضيفا أن وزيرة السياحة نفسها أشارت، في تصريح سابق، إلى “وجود نوع من العزوف”، مؤكدة أنها بصدد دراسة الحلول الممكنة.

غير أن بوحوت يرى أن خارطة الطريق التي أعلنتها الوزارة لم تلقَ التفاعل الكافي، لكونها ركزت على ما سُمي بـ”السلاسل الموضوعاتية”، وهي “مقاربة غير مفهومة” بالنسبة لغالبية المواطنين، الذين يبحثون عن عروض واضحة وأسعار معقولة.

وأكد على أن السياحة الداخلية باتت بعيدة عن متناول فئات واسعة من المغاربة، خاصة الطبقة المتوسطة، فأسعار الشقق المفروشة التي تفوق 500 أو 600 درهم لليلة، “تُعتبر باهظة بالنسبة للكثيرين، ناهيك عن الشقق الفاخرة التي تصل إلى 10 آلاف درهم لليلة”.

أما أسعار الفنادق، فتتراوح بين 3.000 و3.500 درهم للغرفة المزدوجة مع الفطور، وقد تصل إلى 7.000 درهم، “ما يجعل قضاء عطلة صيفية مريحة رفاهية يصعب على الأسر المتوسطة تحقيقها”.