مدربون أم أوراق “كلينيكس” !
خمس دورات فقط على انطلاق بطولتنا الوطنية لكرة القدم التي توصف ب”الإحترافية”، كانت كافية ليقتنع أربع رؤساء أندية في المغرب بأن المدربين الذين تعاقدوا معهم خلال فصل الصيف الذي ودعناه، لا يصلحون للتدريب، ولن يحققوا شيئا لفرقهم، وأنهم لن يصلوا إلى الأهداف التي اتفقوا معهم عليها.
خمس دورات فقط تفتقت فيها عبقرية مسيري الرجاء والجيش والجديدة وتطوان، أن تغيير المدربين الذي جاؤوا بهم للتو ليشرفوا على تدريب أنديتهم، هو الخطوة المبكرة اللازمة لتصحيح الإنطلاقة الخاطئة، وتعويضهم بمدربين آخرين سيجدون نفس اللاعبين “الفاشلين”، وسيضغون على “البوطون” السحري للنتائج الإيجابية، وستأتي النقاط الغائبة تباعا.
الحقيقة، أنه قبل محاسبة هؤلاء المدربين المقالين بسبب نتائجهم السلبية، يجب محاسبة من جاء بهم أولا، وما هي المعايير التي وضعوها من أجل اختيارهم، وهل تم اختيارهم من طرف مشرفين تقنيين على هذه الأندية، أم أن قصة السيد الرئيس الذي يلجأ كعادته إلى صديقه السمسار لكي “يدبر عليه” ب “مدرب مزيان”، لازالت تتكرر.. وكم كلف هؤلاء المدربون خزينة النادي من أموال مقابل الإستغناء عن خدماتهم في أول الموسم.
أحيانا عندما تسمع أن ناديا وطنيا، تعاقد مع مدرب من الدولة الفلانية، وعندما تبحث عن إسمه ورصيده في ميدان التدريب، تجده نكرة وصِفر على الشمال من حيث الألقاب والإنجازات، وأنه لا يتحدث العربية ولا اللغة الفرنسية بشكل جيد .. فيدرك الجميع “على النبوري” وقبل انطلاق الموسم أن مصيره الفشل، ويظهر للكل “من الطيارة” أنه لا يصلح للفريق، إلا رئيس النادي وتابعيه، لا تظهر لهم هذه الحقيقة إلا بعد انطلاق البطولة وبداية الهزائم والنتائج السلبية.
الواضح أننا بدل التفكير في تكوين اللاعبين والمدربين، يجب أولا أن نشرع في تكوين المسيرين الذي سيشرفون على تدبير مؤسسات رياضية كبيرة إسمها الأندية، لديها قواعد جماهيرية عملاقة، وتتبعها مسؤولية المحافظة على إرث تاريخي ثقيل للنادي. إذ لا تطوير لمستوى كرة القدم في بلادنا بدون وجود مسيرين “كاريزماتيين”، ويفهمون في كرة القدم وتداخلاتها المتعددة، والذين يحترمون المهام والتخصص، ويتركون أمور اختيار المدربين واللاعبين للتقنيين بدل الخضوع ل”تشناقت” التي يعمد إليها السماسرة من أجل حلبِ ميزانية الأندية التي تشكو أصلا من الفراغ نتيجة سوء الحكامة والتدبير.
بالأمس استمعت للمدرب عزيز العامري وهو يتحدث لراديو مارس حول عودته للإشراف على فريق المغرب التطواني، بعد عشر سنوات على مغادرته له، ونهاية الحقبة الذهبية التي فاز فيها معه بلقب البطولة مرتين.. وفي سؤال وجه للعامري حول عقده الجديد، إلى متى سيستمر، أجاب إبن سيدي قاسم بكل صراحته العفوية، أنه “معارفش الكونطرا آش فيها” !!! بمعنى أن مدربا له وزنه على الصعيد الوطني، يدرب ناديا محترفا ويلعب في بطولة احترافية، لكن لا يعرف مدة عقده مع الفريق الذي يدربه.
مثل جواب العامري نستنتج منه سببين في غاية الأهمية يؤديان إلى هذه الإقالات السريعة للمدربين .. أولهما أن هناك مسيرين يكلفون مدربين بالإشراف على فريقهم بدون تفاوض ولا شروط عقد، وفقط ب”سير عالله”.. وثانيهما أن هناك مدربين يريدون فقط ألا يبقوا عرضة للبطالة ويهرولون بسرعة إلى تدريب أي ناد يطلبهم، حتى بدون مشروع ولا أهداف ولا حتى معرفةٍ بشروط العقد !!
تبعا لذلك لن أستغرب إذا تمت إقالة العامري من تدريب المغرب التطواني في الدورة العاشرة، فذلك أصبح في بطولتنا الوطنية مثل إلقاء أوراق “الكلينيكس” بعد استعماله لمدة قصيرة.