خبير: زيارة ماكرون تحيي آمال فرنسا في العودة إلى مقدمة سباق الشراكة مع المغرب
حل الرئيس الفرنسي، إيمانيل ماكرون، أمس الاثنين بالمغرب في إطار زيارة دولة تمتد لثلاثة أيام بناء على دعوة من الملك محمد السادس، تم خلال اليوم الأول منها التوقيع على عدد من الاتفاقيات (22 اتفاقية) بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية في عدد من المجالات.
وتمحورت الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين حول تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، بما يفتح الباب أمام باريس نحو العودة إلى مقدمة سباق الشراكة الاقتصادية، وذلك بعد “الأزمة الصامتة” التي عرفتها العلاقات بين البلدين والتي فسحت المجال أمام شراكات جديدة.
في تعليقه حول الموضوع، أوضح الخبير في العلاقات المغربية الفرنسية، عمر المرابط، أن فرنسا من خلال هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز حظوظها للحصول على أكبر حصة من الاستثمارات التي ينوي المغرب القيام بها استعدادا للاستحقاقات الدولية الكبرى، على رأسها كأس العالم 2030، من قبيل تمديد خط السكة الحديدية للقطار فائق السرعة إلى مراكش ثم إلى أكادير، وكذا توسيع أسطوله من القطارات.
وأبرز المرابط أن فرنسا تخوفت من تراجع حصتها من الاستثمارات المغربية التي حافظت فيها على المركز الأول خلال السنة الماضية، رغم وصول الأزمة إلى أوجها آنذاك، موضحا أن “انقطاع الزيارات بين مسؤولي البلدين كان ليؤثر لا محالة على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين”، وهو ما سيمنع فرنسا من الحصول على حصص جديدة، خصوصا في ظل استعداد المغرب لإطلاق استثمارات ضخمة.
وأشار الخبير إلى أن تعزيز العلاقات بين الجانبين في شقها الاقتصادي، يفيد المغرب كذلك، نظرا للتقارب بين البلدين على مستوى عدد من المجالات كالتكنولوجيا والتاريخ، بالإضافة إلى المجال الثقافي، مشيرا في هذا الجانب إلى أن “الأطر المغاربة يتحدثون الفرنسية أكثر من الإنجليزية، وبالتالي من السهل عليهم التواصل مع الشركات الفرنسية، على عكس بعض الشركات الأخرى التي تعتمد اللغة الإنجليزية”.
في هذا السياق، أشار المتحدث إلى أن حصول فرنسا على صفقة تمديد القطار فائق السرعة نحو مراكش سيسهل عمليات الصيانة على المغرب، علما أن الشطر الأول بين طنجة والدار البيضاء كان من نصيب فرنسا، موضحا أن اختلاف التكنولوجيا بين خطي الشمال والجنوب قد يعقد بعض الأمور المتعلقة بالصيانة.
وأردف المرابط أنه خلال الفترة السابقة كان المغرب يتوفر على مشاريع محدودة، إلا أن الطفرة الاقتصادية التي عرفها المغرب خلال الفترة الأخيرة جعلت منه “ورشًا كبيرًا مفتوحًا”، مشددا في نفس الوقت على أنه حتى “إذا أخذت فرنسا بعض الامتيازات في بعض الصفقات، فهناك مقابل سياسي وهو دعم المغرب في وحدته الترابية. وبالتالي فإن الأمر ليس هباءً منثورًا، بل يُعطى مقابل دعم سياسي، وهذا الدعم السياسي سيكون وازنًا بحكم الموقع الفرنسي”.
على الجانب السياسي، أضاف المرابط أن هذه الزيارة تأتي في سياق “يئس فيه الرئيس الفرنسي ماكرون من النجاح في تطوير علاقته بالجزائر”، مبرزا أنه رغم “أهمية الجزائر بالنسبة لفرنسا لكونها دولة منتجة للغاز والبترول، لكنها سياسيًا تبقى دولة غير مستقرة، وطبيعة مسؤوليها غير مستقرة ومواقفهم متذبذبة”.
وفي غضون ذلك، خلص المتحدث إلى أنه رغم التوازن الذي تحاول فرنسا الحفاظ عليه في علاقتها مع كل من المغرب والجزائر، إلا أن التطورات الأخيرة جعلت الكفة تميل أكثر إلى المغرب، مشيرا إلى ما يعنيه ذلك بالنسبة لقضية الصحراء، خصوصا أن “فرنسا تمتع بعضوية في مجلس الأمن، وهو ما يمنح قرار ميزة خاصة، رغم أن الاعتراف بصيغة أو بأخرى جاء من قبل من إسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، لكنها دول ليست عضوة في مجلس الأمن”.