story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

محلل: توقيت طرد نائب القنصل المغربي بوهران ليس صدفة وجاء بعد تطورات بارزة

ص ص

أثار طرد نائب القنصل المغربي في وهران، محمد السفياني، تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، خاصة أن التبرير الذي قدمته السلطات الجزائرية في بيانها، والذي يتحدث عن “تصرفات مشبوهة”، لم يكن مقنعًا بشكل كامل، إذ أن توقيت القرار والتطورات الأخيرة في العلاقات الإقليمية والدولية تشير إلى أن الجزائر قد اختارت الرد بهذه الطريقة في إطار مواقفها تجاه قضايا معينة.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي محمد شقير أن قرار الجزائر بطرد نائب القنصل المغربي لا يعد تصعيدًا جديدًا، نظرًا لأن العلاقات بين البلدين مقطوعة منذ عام 2021، مضيفا أن القرار أتى ضمن سياق توتر مستمر، خاصة مع تصاعد التراشق الدبلوماسي في المحافل الدولية، والتصعيد الأخير الذي تعرفه العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد اعتراف باريس بمغربية الصحراء.

وفي تبيانه لأهم التطورات التي جاء في إطارها القرار الجزائري المذكور، أوضح شقير في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن القرار جاء بعد الحكم بالسجن على الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صلصال، الذي صرح بأن “بعض المناطق من بلده الجزائر كانت مغربية في فترة من التاريخ” وأن فرنسا خلال الفترة الاستعمارية “ضمّت أطرافا من المغرب إلى التراب الجزائري”؛ مما أدى إلى شساعة الحدود البرية للجار الشرقي، بحيث اعتبرت تصريحاته مؤيدة لمغربية بعض الأراضي الجزائرية.

وأضاف المتحدث أن القرار تزامن كذلك مع تحقيق السلطات المغربية مع أحد النشطاء السياسيين الجزائريين والمرشحين السابقين للانتخابات الرئاسية في الجزائر، المدعو “رشيد نكاز”، بعد نشره مقطع فيديو من أمام مسجد الكتبية بمدينة مراكش، روج من خلاله لمجموعة من الادعاءات التاريخية التي استند إليها لمهاجمة الحقوق السيادية للمغرب في أقاليمه الجنوبية، وذلك قبل أن يُشهر خريطة مبتورة تتجاهل الحدود التاريخية للمملكة المغربية.

ومن جهة أخرى، أوضح شقير أن “البيان الجزائري ركز على أن القرار جاء بسبب “تصرفات مشبوهة” من نائب القنصل المغربي، ما قد يوحي باتهامه بأنشطة استخباراتية”، وهو ما يعيد، بحسبه، إلى الأذهان “واقعة طرد الطاقم الرياضي المغربي من مطار الجزائر، حيث سبق أن أبدت السلطات الجزائرية شكوكًا حول استغلال المغرب لمختلف الفرص لجمع المعلومات والتجسس عليها بما في ذلك استخدام نظام بيغاسوس”.

كما طرح المحلل ذاته، احتمال أن يكون هذا الإجراء ردًّا متأخرا وغير مباشر على قرار السلطات المغربية نزع ملكية ثلاثة عقارات جزائرية بالرباط، بغرض توسيع مقر وزارة الخارجية المغربية، والذي أثار استياء الجزائر، حيث نددت حينها بالقرار ووصفته بـ”المصادرة” و “المخالفة للقانون الدولي” و” التصعيد الذي يستحق الرد”.

وأضاف شقير، أن “القرار الجزائري يكتسي أهمية إضافية نظرًا لتوقيته، إذ يأتي في وقت حساس على المستوى الدولي، وذلك قبيل انعقاد اجتماع مجلس الأمن في منتصف أبريل، والذي من المقرر أن يٌدار حول إحاطة المبعوث دي ميستورا لمجلس الأمن بخصوص مستجدات قضية الصحراء المغربية، والتي تتميز بالجمود على مستوى موقف الأطراف المتنازعة”.

وفي المقابل، أوضح المتحدث أن المغرب يواصل تحقيق مكاسب دبلوماسية في ملف الصحراء المغربية، خاصة بعد اعتراف كل من الولايات المتحدة وفرنسا بسيادته عليها، مشيرًا إلى أن الجزائر تبدو عازمة على عرقلة هذا الزخم الدبلوماسي من خلال خطوات تعكس رفضها لهذه التحولات.

ومن الناحية الدبلوماسية، أوضح شقير أن “قرار طرد نائب القنصل العام المغربي يبدو أنه لن يؤدي إلى تغيير جوهري في العلاقات الثنائية، بحيث أن القطيعة الدبلوماسية قائمة بالفعل، إلا أن الإجراء وبالرغم من ذلك، يعكس استمرار التوتر ويؤكد أن الأزمة بين البلدين لم تصل بعد إلى أي بوادر انفراج”.

وفي تفاعلها مع الحادث، أدانت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان قرار طرد نائب القنصل المغربي في وهران، معتبرة أن هذا الإجراء يشكل انتهاكًا صارخًا للأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية المنظمة للعلاقات القنصلية، مشددة أنه يعد “خطوة تصعيدية من شأنها تعميق الخلافات بين البلدين وتقويض فرص الحوار والتفاهم”.

وأكدت الرابطة، في بلاغ لها، أن “هذا القرار الأحادي الجانب يعكس استمرار السياسات العدوانية التي تنتهجها الجزائر تجاه المملكة المغربية، لا سيما من خلال طرد المغاربة بشكل جماعي، وإغلاق الحدود، ودعم جبهة البوليساريو، وهي ممارسات تعرقل كل جهود التقارب الإقليمي وتشكل تهديدًا مباشرًا للسلم والاستقرار في المنطقة”.

وفي هذا السياق، دعت الهيئة الحقوقية السلطات الجزائرية إلى “التراجع الفوري عن هذا القرار غير المبرر، وفتح قنوات الحوار بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين”، مؤكدة أن “تعزيز التعاون القائم على الاحترام المتبادل هو السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية”.

واعتبر البلاغ أن هذا القرار يُمثّل “خطأً دبلوماسيًا جسيمًا”، مؤكدا أن تداعياته “لن تقتصر على العلاقات بين المغرب والجزائر فحسب، بل ستكون له تأثيرات عميقة على الاستقرار الإقليمي”، مشددا في الوقت نفسه، على “ضرورة التزام الجزائر بتوجيهات الأمم المتحدة والمبادرات الداعية إلى تحقيق التقارب بين دول الجوار”.

كما أكد المصدر ذاته، على أن “السياسة العدائية” التي تتبناها الجزائر تتناقض مع دعوات المغرب المتكررة للحوار والانفتاح، والتي أكد عليها الملك محمد السادس في العديد من المناسبات.