story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

محللون: تجارب دولية تكشف الكلفة الباهظة لتنظيم المونديال في ظل ضعف العوائد

ص ص

سلط برنامج “من الرباط”، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، الضوء على رهان المغرب الكبير على تنظيم كأس العالم 2030، وما يرتبط به من مشاريع اقتصادية الضخمة تتعلق بالملاعب والمطارات والطرق والقطارات فائقة السرعة.

في هذا السياق طرح ضيوف “من الرباط” أسئلة جوهرية حول الجدوى الاقتصادية والاستدامة المالية لهذه المشاريع، خاصة في ظل التجارب الدولية التي أثبتت أن تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى غالبًا ما يتجاوز التوقعات المالية، ويترك إرثًا ثقيلاً على الخزينة العمومية.

مؤشرات الكلفة وضبابية التمويل

من جانبه اعتبر الخبير اقتصادي والفاعل السياسي، عمر الحياني، أن مؤشرات الكلفة الحالية “لا تبعث على الاطمئنان”، مشيرًا إلى أن معظم الدول تراجعت عن تنظيم كأس العالم بسبب التكاليف الباهظة وغياب العوائد المباشرة، مؤكّدًا أن المغرب “دخل في مشاريع ضخمة تشمل الملاعب والبنية التحتية المرتبطة، من قطار فائق السرعة إلى توسيع المطارات والطرق، مع ضبابية كبيرة حول التمويل”.

وأوضح الحياني، أن تكلفة ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط تجاوزت ستة مليارات درهم، في حين يُتوقع أن يصل ملعب بنسليمان إلى عشرة مليارات درهم، متسائلًا عن مدى استدامة هذه المنشآت بعد انتهاء التظاهرة الرياضية.

وأضاف: “الدولة لا تصارح الشعب المغربي بمصادر التمويل، وهناك عدم شفافية واضحة فيما يخص الميزانية الكاملة لكل المشاريع المرتبطة بالمونديال”.

كما أشار إلى أن المغرب سيخوض تحديات مونديال 2030 ضمن تكتل يشمل إسبانيا والبرتغال، في حين أن ترشيح السعودية لعام 2034 جاء بمفردها، مشيرًا إلى أن هذا يعكس عزوف الكثير من الدول عن تحمل تكاليف استضافة الحدث، خصوصًا بعد انسحاب مدن مثل ملقا الإسبانية من لائحة التنظيم بسبب ارتفاع التكاليف وعدم وجود عائد مباشر.

وتطرق المتحدث إلى الجوانب المالية واللوجستية، قائلاً إن حساب التكلفة يجب أن يشمل ليس فقط الملاعب بل أيضًا البنية التحتية المرتبطة بالمونديال، مثل مشروع القطار الفائق السرعة (LGV) الذي يمتد حتى مراكش، وبرامج تأهيل المطارات.

وأوضح أن “السؤال الرئيسي يتعلق باستدامة هذه البنية التحتية بعد انتهاء التظاهرات الرياضية، وهل ستظل مفيدة للاستخدام طويل المدى أم ستصبح مشاريع مؤقتة”.

وأشار إلى أن المغرب قام بالفعل بتنفيذ مشاريع ضخمة رغم موارد محدودة مقارنة بدول غنية أخرى، مثل القطارات فائقة السرعة، مؤكداً أن التكلفة العالية جعلت بعض الدول تتعامل مع هذه المشاريع على أنها ترف وليس أولوية.

دروس التجارب الدولية

ومن جانبه، شدد الخبير الاقتصاي، ياسين اعليا، على أن التجارب الدولية تظهر أن تكلفة الأحداث الرياضية الكبرى تتجاوز دائمًا التقديرات الأولية وقال: “حتى لو وضعت 100 مليار درهم، فإن المعدل عادةً ما يتجاوز 170%، كما حدث في ألعاب أولمبية سابقة وصلت فيها الكلفة إلى 270% من التقديرات الأصلية”.

وأشار اعليا، خلال مشاركته في برنامج من”الرباط”، إلى أن العوائد المباشرة من مثل هذه المشاريع غالبًا ما تكون محدودة، فالدراسة المنشورة في مجلة إيكونوميا عام 2018 أشارت إلى أن الأولمبياد لم يحقق أي مردود اقتصادي ملموس، فيما العوائد النفسية والاجتماعية لمجتمع المواطنين كانت محدودة بدرجة طفيفة، من 0.25 إلى 0.48 نقطة نمو اقتصادي.

وأكد اعليا أن المداخيل المتوقعة من السياحة أو إنشاء مناصب العمل مؤقتة ولا تعطي مردودًا طويل المدى، متسائلًا: “من أين ستأتي الدولة بتمويل هذه المشاريع، وما تأثيرها على الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل؟”.

وأشار المتحدث إلى أن خلق فرص الشغل الناتج عن مثل هذه المشاريع غالبًا ما يكون محدودًا، ومرتبطًا بقطاعات معينة دون أن يكون له أثر شامل على الاقتصاد.

وأوضح أن التحدي الأكبر يتمثل في الاستدامة، أي قدرة هذه البنية التحتية والمشاريع على البقاء مفيدة وفعالة بعد انتهاء البطولة أو الحدث الرياضي، مؤكداً أن “هذا الجانب لا يقل أهمية عن التكاليف نفسها”.

العائد الاستثماري

ومن جابنه أكد رشيد أوراز، الباحث الرئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن الاستثمار العمومي في المغرب، وخاصة في البنية التحتية، “غالبًا ما يسجل عوائد ضعيفة”، موضحًا أن المشاريع الكبرى مثل الطرق السيارة، القطارات فائقة السرعة، الموانئ والمطارات، بالإضافة إلى الملاعب والمساحات الخضراء، تحقق في الغالب “تأثيرًا اجتماعيًا محدودًا على المواطنين العاديين”.

وأوضح أوراز أن الاستثمار العمومي الكبير غالبًا ما يستفيد منه قطاع محدود، مثل الشركات الكبرى أو من يمتلكون وسائل النقل الخاصة، في الوقت الذي تخلف فيه المشاريع الصغيرة فرص عمل محلية وديناميات تنموية تحقق أثرًا أكبر على الأسر والمجتمعات المحلية.

وأضاف: “بصفة عامة، العائد من الاستثمار العمومي ضعيف أو سلبي مقارنة بنفس الموارد التي يستثمرها القطاع الخاص أو الأفراد، حيث يكون العائد أعلى لأنهم يديرون أموالهم بحذر ويحرصون على تحقيق الربح”.

وأشار الباحث إلى أن تنظيم المغرب لمونديال 2026 جاء في “سياق غير متوقع” بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني في نصف نهائي كأس العالم في قطر، ما خلق حماسة جماعية ودافعًا لإنجاز مشاريع كبرى رغم التحديات الاقتصادية وما خلفته جائحة كورونا من تبعات على الاقتصاد الوطني.

وأكد أوراز أن الحوكمة وضمان الدراسات المسبقة لكل مشروع تبقى أساسية لضمان تحقيق أي قيمة مضافة، مشيرًا إلى أن “تنظيم كأس العالم يعكس مفاجأت متعددة لم تكن مخططة مسبقًا، وأن الفيفا كانت لها دور في تشجيع المغرب على تقديم الملف بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال بعد أن كانت هناك أفكار أولية تخص دولًا أخرى أبرزها أوكرانيا”.

وتطرق أوراز إلى الاستثمار في كرة القدم بوجه خاص، موضحًا أن هناك مستويين، المستوى الكبير الذي يشمل تنظيم أحداث مثل كأس العالم، والمستوى اليومي المرتبط بالملاعب والمدارس الرياضية وممارسات الرياضة في الأحياء، والتي تساهم في بناء صناعة رياضية مستدامة تحقق عائدًا اقتصاديًا غير مباشر، من خلال تحسين الصحة العامة وتحفيز النشاط الاجتماعي.

وأضاف: “الاستثمار في الرياضة ليس فقط عن الربح المباشر، بل عن خلق ديناميات طويلة المدى تعود بالنفع على المجتمع ككل”.

لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط